"إلا قناة السويس".. أحزاب وشخصيات مصرية ترفض قانون "صندوق البيع"

الثلاثاء 20 ديسمبر 2022 03:41 م

أعلنت أحزاب مصرية وشخصيات سياسية رفضها الكامل لمشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب، الإثنين، لإنشاء صندوق خاص لقناة السويس له صلاحيات "شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصول الصندوق الثابتة والمنقولة والانتفاع بها"، حيث اعتبره معارضون توجها صريحا من السلطة لبيع القناة.

ودعت تلك الأحزاب والشخصيات إلى التصدي للقانون وحماية قناة السويس من التفريط بها، كأحد أهم المرافق الاستراتيجية في مصر.

وأصدرت خمسة أحزاب بيانا اعتبر أن القرار "ربما يكون ستارا لخصخصة ملكية القناة جزئيا أو كليا".

والأحزاب الخمسة هي: "الحزب الاشتراكي المصري"، و"الوفاق القومي الناصري"، و"الشيوعي المصري"، و"العربي الناصري"، و"الكرامة".

وقال البيان إن "إنشاء صندوق مستقل لكي يقوم بوظيفة من أخص وظائف الدولة مثل الاستثمار والتنمية، يبعد عن حق صاحب القرار الأصيل في ذلك، وهو الشعب والبرلمان، ممارسة حقه في التشريع والرقابة على الاستثمار، ويتيح إمكانية التفريط في الأصول وبيعها، ويخل أيضا بوحدة الموازنة العامة للدولة، حيث تدخل الموازنة جميع إيرادات الدولة، وتتصرف فيها على نحو كلي، في تنظيم الإنفاق والاستهلاك والاستثمار كوحدة واحدة تحت سيادة الدولة وسلطتها التشريعية، مع العلنية التي تتيح الرقابة الشعبية على تلك الممارسات".

وتابع البيان أن "توقيت القانون، والتعجل في إصداره دون أدنى مناقشة مجتمعية واستماع إلى رأي السياسيين والخبراء، يرتبط كما هو واضح، بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وكيل الدائنين، الذين يريدون ضمان ديونهم برهن أصولنا".

وأردف: "إنه توقيت مريب وذو دلالة واضحة؛ خصوصا بعد أن أفرطت السلطة التنفيذية بشدة في الاستدانة، وخصصت أموال تلك الديون في تطوير المرافق والبنية التحتية التي لا تدر عائدا إنتاجيا، وبالتالي تضعنا تحت خطر المضطر للخضوع لشروط الدائنين في خصخصة ملكية الدولة".

وانتقدت الأحزاب "استباق السلطات المصرية للحوار الوطني بالإقرار النهائي لمجلس الوزراء لوثيقة ملكية الدولة في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكذلك بإدخال قانون قناة السويس إلى مجلس النواب، ما يعد إفراغ للحوار الوطني من مضمون رئيسي للحوار مما يمثل تحد/يا حقيقيا لمبدأ الحوار ومشاركة كل قوى الوطن في تحديد مصيره".

وختمت الأحزاب بيانها بالقول إن "قناة السويس هي الرمز التاريخي لاستقلال وسيادة مصر، دفعت ثمنا غاليا في حفرها يتمثل في وفاة 120 ألفا، وعشرات الآلاف من الشهداء في الدفاع عنها واستردادها بعد أن تمت خصخصتها والاستيلاء عليها من قبل إنكلترا وفرنسا بعد أن أغرق الخديوي إسماعيل مصر في الاستدانة وخضع لشروط الدائنين".

وأعلن المجلس الرئاسي لـ"حزب المحافظين" عن رفضه لمشروع القانون، معتبرا أنه "خطر داهم ويبتلع هيئة قناة السويس ويمس بالسيادة لمصر على أهم مرفق دولي تديره".

وعدد الحزب في بيانه مساوئ القانون قائلا: "المادة 15 من القانون الحالي التي تتكون من فقرة وحيدة من سطرين تم عليها إضافة مريبة وبها خبث شديد؛ حيث تم جعل هذه المادة تتفرع إلى 9 مواد في حين أن القانون الأصلي لقناة السويس كله 16 مادة بخلاف مادة النشر؛ ما يجعل هذا الصندوق يبتلع هيئة قناة السويس تماما".

ضرب وحدة الموازنة

وبحسب بيان الحزب: "فلسفة مشروع التعديل بإنشاء صندوق لقناة السويس جاءت في 4 نقاط، حسب المذكرة الإيضاحية، جميع مواد القانون الحالي 30 لسنة 1975 تفي بالغرض تماما بزيادة قدرة الهيئة للاستثمار ودون إنشاء صندوق مريب وغريب سوف يجهز على سيادة مصر على المرفق العالمي لقناة السويس".

وتابع الحزب في بيان: "كل علماء الاقتصاد في مصر وصندوق النقد الدولي يطالبون بوحدة وشمول الموازنة، وإذا بنا نضرب موازنة مصر وننشئ صندوق موارده وإيراداته لا تمت بصلة لموازنة الدولة وبعيد تماما عن رقابة البرلمان".

وتساءل الحزب: "هل من المقبول أن تحول نسبة من إيرادات قناة السويس وتخصيص جزء من فائض الهيئة لهذا الصندوق، هذا أمر به عبث شديد واستهانة بإيرادات مرفق ذي حصيلة دولارية مهمة تحول إلى الصندوق وبعيدا عن موازنة الدولة؛ لأن فوائض قناة السويس باعتبارها هيئة اقتصادية تؤول للخزانة العامة".

واختتم الحزب: "مشروع التعديل لقانون هيئة قناة السويس بإنشاء هذا الصندوق يتعارض مع المادة 43 من الدستور؛ لأنه بإنشاء هذا الصندوق قد يجعل الدولة تتخلى عن حماية القناة".

خصخصة قناة السويس

من جهته، أصدر حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" بيانًا حذّر فيه من "خصخصة قناة السويس"، مشيرا إلى أن الإعلان عن "صندوق الهيئة الجديد" يأتي بعد أيام من اتفاق لم تُعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي.

وقال البيان: "فوجئ الشعب المصري بالإعلان عن موافقة مجلس النواب على مجموع مواد مشروع حكومي لتعديل القانون رقم 30 لسنة 1975 بشأن نظام هيئة قناة السويس".

وأضاف: "الهدف من التعديل واضح وصريح: إنشاء صندوق خاص جديد للهيئة يجري تمويله من إيرادات الهيئة وفائض أرباحها، ويعتبر من أشخاص القانون الخاص وليس العام، وأهدافه صريحة في الاستثمار وتأسيس شركات وشراء أو بالأحرى بيع أصول وخلافه، وبذلك تمتد أيادي السلطة الحاكمة إلى قناة السويس ذاتها، وهو أمر كان لا يمكن أن يتخيله غالبية المصريين، وإن كان الأمر بصدور وثيقة ملكية أصول الدولة قد أصبح واضحا منذ شهور".

واعتبر الحزب أن هناك شبهة خلف الموافقة على إنشاء صندوق للهيئة: "تزداد الشبهة هنا لسابق تصريح وزير المالية برفض مصر خصخصة قناة السويس أو السد العالي، ما يشير إلى أن خصخصة تلك المرافق الاستراتيجية كانت بالفعل ومنذ فترة موضع تفاوض مع الدائنين الدوليين، وممثلهم صندوق النقد الدولي".

ولفت البيان إلى أن نفي الحكومة لخصخصة قناة السويس أو بيعها لا قيمة له؛ "لأن الخصخصة لا تعني بالضرورة بيع المجرى الملاحي نفسه، بل خصخصة أنشطة هيئة قناة السويس بالسماح لشركات وجهات أجنبية بالقيام بها بشكل منفرد ببيع أصول من خلال الصندوق الجديد الكارثي، أو بالمشاركة مع الهيئة وجهات محلية  أخرى".

خط أحمر

وعبر مواقع التواصل، احتلت وسوم "قناة السويس" و"إلا قناة السويس" صدارة "تويتر".

بدوره، كتب المرشح الرئاسي السابق "حمدين صباحي" على "فيسبوك": "قناة السويس خط أحمر، بأرواح الشعب حفرناها وبإرادة الشعب أممناها، وبدماء جيش الشعب حررناها، هي ملك الشعب ولن يسمح لحكومة فاشلة بالتفريط فيها".

وغرّد الكاتب "عمار علي حسن" على "تويتر": "يبدو أننا قد انتهينا من بيع الأثاث، وبدأت مرحلة بيع جدران البيت، أتحدث عن قانون ينظره البرلمان عن إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس يكون من حقه شراء وبيع وإيجار واستئجار الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، يا لضيعة أرواح الذين استشهدوا في التأميم، والذين دفعوا أثمانا بسببه".

وعلّق وزير الإعلام المصري السابق "أسامة هيكل": "إلا قناة السويس ياسادة.. قناة السويس مرفق استراتيجي لا يجوز التفريط فيه جزئيا ولا كليا ولا حتى التفكير في الأمر، وليست مجرد أصل من أصول الدولة، ولا يمكن السماح بالبيع والشراء فيها لأي سبب من الأسباب".

وأضاف: "هذه المادة تحتاج إلى إعادة نظر فورا".

وكان لافتا أن "هيكل" حذف منشوره عقب دقائق من نشره.

رئيس البرلمان ينفي

من جانبه، نفى رئيس البرلمان "حنفي الجبالي" ما تردد عن كون مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس يسمح ببيع أصول القناة، قائلا إنه لا يتضمن أي أحكام تمس القناة أو بيعها، مؤكدا أن المجلس يبذل قصارى جهده في تمحيص القوانين من أجل الحفاظ على الوطن والمواطن.

وأضاف: "لقد تابعت عن كثب الأخبار المتداولة سواء بالوسائط الإعلامية المختلفة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن مناقشة مجلس النواب لمشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس".

وتابع "الجبالي": "ينطوي هذا القانون على إنشاء صندوق تابع لهيئة قناة السويس، ولقد هالني ما رأيته وسمعته أمس، من بعض المحسوبين على النخبة المثقفة، من أن ما تضمنه مشروع القانون من أحكام تجيز تأسيس شركات لشراء وبيع وتأجير واستغلال أصول الصندوق، والذي يعد على حد وصفهم تفريطا في قناة السويس، فهذا أمر غير صحيح على الإطلاق".

وزاد: "التخوفات المشروعة لبعض المواطنين تجاه هذا الأمر، والمقدر من جانبنا بشدة، التي تؤججها الادعاءات والمغالطات التي صدرت عن أناس لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية في المجتمع، لذا فقد وجدت لزامًا علينا ضرورة توضيح الأمر".

هيئة قناة السويس ترد

بدورها، قالت هيئة قناة السويس (حكومية)، الثلاثاء، إنه "لا صحة لاعتزام الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس كباب خلفي لبيع القناة، مشددة على أن قناة السويس وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين"، وفقا لبيان من مجلس الوزراء المصري.

وتابعت الهيئة موضحة أن "الهدف من إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس هو زيادة قدرة الهيئة على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة القناة وتطويره، من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله، وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها".

وأضافت مؤكدة أن "الصندوق سيساهم في تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو سوء في الأحوال الاقتصادية".

وأشارت إلى أن "كافة حسابات صندوق هيئة قناة السويس تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات".

وتشهد مصر أزمة اقتصادية، دفعتها للاقتراض للمرة الثالثة من صندوق النقد الدولي، واتخاذ إجراءات تتعلق بتحرير سعر صرف العملة، وشهد الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا مقابل الجنيه، خلال الفترة الأخيرة، ليسجل سعره نحو 24.69 جنيها وفق آخر تحديث للبنك المركزي، ليكسر مستواه التاريخي الذي سجله في ديسمبر/ كانون الأول 2016، والذي بلغ 19.51 جنيها، عقب قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.

يذكر أن موافقة مجلس النواب على مشروع قانون قناة السويس جاء بعد أيام قليلة من إعلان صندوق النقد منح مصر حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، إضافة إلى حزمة تمويلية بنحو 14 مليار دولار.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قناة السويس بيع قناة السويس خصخصة ديون مصر صندوق النقد

خطط محتملة لمشاركة أجانب بصندوق قناة السويس.. هل تتحول إدعاءات 2013 لحقيقة؟

السيسي: لن نخفض تمويل المشاريع رغم شح الدولار.. وصندوق القناة سيكون محصنا

خبير مصري يقترح طرح قناة السويس بالبورصة العالمية لتوفير 60 مليار دولار (فيديو)

كارنيجي: صندوق قناة السويس يمنح الجيش العملة الصعبة بلا رقابة ويحرم الدولة منها