قال تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، إن الشرق الأوسط بات بمثابة شريان حياة اقتصادي حقيقي لروسيا، في ظل تنامي العقوبات الغربية عليها جراء غزوها لأوكرانيا.

وأوضح التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه بينما ترزح موسكو تحت وطأة عقوبات غربية متصاعدة بسب غزو أوكرانيا، فإنها لا تزال تعمل في الشرق الأوسط بنجاح كبير على زيادة مبيعات الأسلحة وبناء محطات نووية وعقد مؤتمرات قمة، وهو ما يؤكد أن العلاقات بالمنطقة قد استمرت، وفي بعض الحالات توسعت، الأمر الذي أربك المحاولات الغربية لعزل الكرملين.

وحسب التقرير، فإن روسيا بغزوها أوكرانيا، تغرق في مستنقع دماء تسبب في مقتل الآلاف من جنودها، ويعمل الناتو على تقريب الصفوف حول كييف، فيما تستعد أوروبا لفطم نفسها عن الطاقة الروسية، لكن الصورة مختلفة تماما في الشرق الأوسط، حيث تم الترحيب بوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في السعودية ومصر والإمارات.

وحتى الأردن، الذي يعتمد على الولايات المتحدة في المساعدة، استقبل أكبر دبلوماسي في الكرملين وواصل الإشادة بدور "الاستقرار" لروسيا في سوريا.

وينقل التقرير عن جريجوري جوز، الخبير في سياسات الشرق الأوسط بجامعة تكساس إيه آند إم، للشرق الأوسط، قوله: "بينما يواصل الغرب النظر إلى الحرب في أوكرانيا كنقطة انعطاف تاريخية، من الواضح أن الشرق الأوسط يعتبرها حربًا إقليمية بعيدة المدى".

مصر

في مصر، تمضي شركة "روساتوم" النووية الروسية المملوكة للدولة في بناء محطة للطاقة النووية، ويزداد النفوذ الروسي في القاهرة التي باتت في أمس الحاجة لواردات القمح الروسي، ويتزايد اعتمادها على موسكو في هذا الشأن، وهي الدولة صاحبة العدد الأكبر من السكان في المنطقة.

وفي أماكن أخرى تزدهر العلاقات الاقتصادية مع روسيا نتيجة لرفض عواصم الشرق الأوسط التوقيع على العقوبات الغربية.

وتعتبر آنا بورشيفسكايا، الخبيرة الروسية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن الشرق الأوسط هو أحد أسباب عدم تأثر الاقتصاد الروسي بالعقوبات الغربية بشكل أسوأ.

الإمارات

فيما نمت التجارة غير النفطية بين الإمارات وروسيا بنسبة 57 % في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 - محطمة جميع الأرقام القياسية - وتعهد وزير التجارة الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي في ديسمبر/كانون أول الماضي "بدفع التجارة إلى مستويات أعلى".

في غضون ذلك، توافد الأثرياء الروس على دبي بعد الحرب في 24 فبراير/شباط 2022.

في علامة على نفوذهم الاقتصادي المتنامي، وافقت الإمارات العربية المتحدة على ترخيص نادر لبنك روسي في فبراير/شباط.

تركيا

يقول التقرير إن قيمة التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة ارتفعت بنحو 200 % حتى مع احتدام الحرب، حيث تتمتع أنقرة بشهية خاصة للحصول على الطاقة الروسية المخفضة.

وفي إشارة إلى قلق واشنطن المتزايد من هذا الوضع، أرسل البيت الأبيض مسؤولاً من الخزانة إلى كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة في فبراير من هذا العام، للضغط عليهما لقطع العلاقات التجارية مع روسيا.

لكن بيانكو من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ECFR يشك في أن الولايات المتحدة ستحقق الكثير من التقدم، قائلا: "تعتقد هذه الدول أنها يمكن أن تظل في موقف عدم الانحياز لفترة أطول".

السعودية

ويرى التقرير أن السعودية بدأت تغازل الكرملين، متفقة مع الإمارات، ومدفوعة بغضبها مما تعتبره سياسة الولايات المتحدة في إعطائها محاضرات حول حقوق الإنسان، بينما تتجاهل مطالبها الأمنية الملحة.

وتأتي هذا المغازلة مع الكرملين في الوقت الذي تشعر فيه دول الخليج بالثقة بشكل خاص، حيث تنفجر خزائنها مع المكاسب غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط والغاز، وتغازلهم الولايات المتحدة وأوروبا بحثًا عن النفوذ، بحسب التقرير.

إيران

ويقول "ميدل إيست آي" إن حرب أوكرانيا غيرت أيضا ديناميكيات علاقة روسيا بإيران.

كان الاثنان شريكين في الحرب السورية، حيث تضافرت القوة الجوية الروسية مع وكلاء إيرانيين على الأرض لإنقاذ حكومة بشار الأسد.

لكن الآن، يقول المحللون والدبلوماسيون على حد سواء إن الاثنين يتخطيان زواج المصلحة في النقاط الساخنة نحو شراكة أكثر انسجامًا أيديولوجيًا.

ويقول محللون إن روسيا تعتمد على طهران أكثر من العكس ، حيث تلجأ إليها موسكو للحصول على طائرات بدون طيار مسلحة، ويعتبرون أن "إيران حقًا هي التي اكتسبت أكبر قدر من النفوذ. إنهم يزودون بوتين بالأسلحة التي يحتاجها على الفور".

وتقول آنا بورشيفسكايا، من معهد واشنطن إنه بعد عام واحد من اندلاع الحرب في أوكرانيا ، مهما كان تقدم هذا الصراع سيئًا ، يمكن للكرملين أن ينظر إلى الوراء على أدائه في الشرق الأوسط ببعض الارتياح.

وتضيف: "لقد حاولت روسيا الحفاظ على مكاسبها دون تكبد تكاليف. وبشكل عام ، تمكنت من فعل ذلك بالضبط".