سياسات الهزيمة الذاتية.. هكذا صعد نجم الصين في قيادة الشرق الأوسط

الأربعاء 15 مارس 2023 06:27 م

كيف أصبحت الصين صانع السلام في الشرق الأوسط عبر التوسط في صفقة بين السعودية وإيران لإنهاء 7 سنوات من القطيعة؟ حول إجابة هذا السؤال دار مقال للباحث في معهد "كوينسي" الأمريكي، تريتا بارسي، والمعارض السعودي المنفي، خالد الجابري، مسلطا الضوء على دور الصين "الرائد" في الدبلوماسية الإقليمية حاليا.  

وأورد المقال، المنشور بمجلة "فورين أفيرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة السعودية الإيرانية مهمة لأنها يمكن أن يكون لها تداعيات إيجابية في المنطقة، كما تبرهن على دور الصين المتنامي في الدبلوماسية الإقليمية، مشيرا إلى أن خطوات واشنطن الخاطئة غيبت الدبلوماسية عن المنطقة ومهدت الطريق لنجاح بكين.

ووصف بارسي والجابري تلك الخطوات بأنها كانت سياسات لـ "هزيمة ذاتية"، في إشارة إلى أنها أضربت بمصالح واشنطن في النهاية.

فواشنطن طالما خشيت من تنامي النفوذ الصيني بالشرق الأوسط، وفق تصور مفاده أن الانسحاب العسكري الأمريكي من شأنه أن يخلق فراغات جيوسياسية ستملأها الصين، لكن الفراغ ذي الصلة لم يكن فراغًا عسكريًا، أوجده انسحاب القوات الأمريكية، بل كان فراغا دبلوماسيا خلفته السياسة الخارجية الأمريكية.

وأوضحا أن الصين مستفيدة من الصفقة السعودية الإيرانية لأنها تؤمن إمدادات الطاقة التي تحتاج بكين إليها، وتلمع أوراق اعتمادها كوسيط موثوق به في منطقة مثقلة بالصراعات، بينما تمثلت سياسة الهزيمة الذاتية للولايات المتحدة بممارسة الضغط على إيران في ملفات، على رأسها الطاقة النووية، مقابل التوسل للسعودية في ملفات، على رأسها النفط، ما أدى إلى ظهور الصين بصورة القوة الكبرى الموثوق بها من كلا الدولتين.

شعور بالخيانة

فالقادة السعوديون شعروا بالخيانة من جانب الولايات المتحدة عندما لم تتخذ أي إجراء ضد إيران بعد الهجمات التي طالت البنية التحتية النفطية للمملكة، وأدركوا أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة دفاعيا، وبدأوا الانخراط في الدبلوماسية المباشرة مع إيران من خلال جهود الوساطة للعراق وسلطنة عمان.

وعزز الانسحاب الأمريكي من أفغانستان رسالة لمعظم اللاعبين في الشرق الأوسط، مفادها أن الولايات المتحدة ستغادر المنطقة رغم إبقاء قواتها وقواعدها العسكرية متناثرة حولها.

وإزاء ذلك، تبرز الصين كلاعب يمكنه حل النزاعات من خلال تعزيز العلاقات مع جميع القوى الإقليمية دون الانحياز إلى أي منها أو التورط في صراعاتها من خلال التأثير الاقتصادي بدلاً من القواعد العسكرية.

 ولذا يرى بارسي والجابري أن واشنطن بحاجة إلى إبقاء شركائها قريبين لأنهم قد ينشقون إلى صف الصين أو روسيا في غزو أوكرانيا، لكنها يجب أن تدرك أنها ان تورطها في صراعات شركائها يجعلها جزءًا من المشكلة بدلاً من الحل، وهو ما من شأنه أن يمثل تنازلا عن دور "صانع السلام" لصالح الصين.

وأكد المقال على أن خدمة مصالح الولايات المتحدة ستتم بشكل أفضل إذا توقفت واشنطن عن الانحياز إلى أحد أطراف الصراع الإقليمي وعادت إلى الحديث مع اللاعبين الرئيسيين حول تطوير بنية أمنية جديدة، حيث يشجع الوجود العسكري الأمريكي المنخفض دول الشرق الأوسط على تقاسم المسؤولية عن تلك البنية.

وخلص بارسي والجابري إلى الصفقة الإيرانية السعودية تعني شرق أوسط أكثر استقرارًا، وهو ما يفيد الولايات المتحدة أيضا، ولذا يجب على واشنطن أن لا تترك أي تصور بين دول الشرق الأوسط بأن أمريكا هي صانعة الحرب بينما تترك المجال مفتوحًا لصانع سلام مرن مثل الصين، قد يظهر أقوى لأن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة لم يسفر عن سلام دائم.

المصدر | فورين أفيرز - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الصين الشرق الأوسط أمريكا

وول ستريت جورنال: وساطة الصين بين السعودية وإيران اختراق دبلوماسي للشرق الأوسط

الصين لا تريد أن تكون "شرطي العالم" وستحقق السلام فقط حين يخدم مصالحها

الاتفاق السعودي الإيراني.. الانقلاب الدبلوماسي الصيني يقوض النفود الأمريكي بالشرق الأوسط