تطبيع العلاقات مع سوريا.. هل يمتد صدى السعودية إلى الولايات المتحدة؟

الأربعاء 12 أبريل 2023 09:56 م

سلط وليام روبوك، آخر سفير أمريكي لدى دمشق، الضوء على تطورات التحرك السعودي نحو تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد، واقتراب الرياض من استعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، التي قطعتها في عام 2011، مرجحا أن يكون لذلك صدى في واشنطن.

وذكر وليام، في مقال نشره موقع "معهد دول الخليج العربية" بواشنطن وترجمه "الخليج الجديد"، أن السعوديين على استعداد لدعوة سوريا لاستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، مشيرا إلى أن ذلك كان على جدول المهام الدبلوماسية المتوقعة للرياض بحلول أواخر عام 2022، لكن يبدو أن الزلازل التي ضربت سوريا في أوائل فبراير/شباط سرعت الجدول الزمني.

ومن شأن التوجه السعودي الجديد أن يضع الرياض بموقع الزعامة العربية ويعزز من تخفيف التوترات الإقليمية، خاصة بعد اتفاق إعادة العلاقات مع إيران، ولقاء وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في بكين، في 6 أبريل/نيسان لتسريع تنفيذ الاتفاق.

واعتبر روبوك أن الزيادة الطويلة في النشاط الدبلوماسي الإقليمي باتجاه المصالحات، تفيد بأن قرار السعودية بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق ليس مفاجئا، "فغالبًا ما تمثلت السياسة الخارجية السعودية في السماح للآخرين باتخاذ الخطوات الأولية والمتوسطة، بحيث يُنظر إلى تحركها في نهاية المطاف على أنه ترسيخ للإجماع العربي والإقليمي" حسب تعبيره.

وفي هذا الإطار، جاء تصريح وزير الخارجية السعودي بأن "عزل سوريا لم يكن مجدياً"، وإشارته، قبل شهر، في مؤتمر ميونيخ للأمن، إلى وجود "إجماع متزايد على أن الوضع الراهن (في سوريا) غير عملي".

تأثير قوي بواشنطن

ويرجح روبوك أن يكون للخطوة السعودية المتوقعة نحو تطبيع العلاقات مع سوريا تأثير قوي في واشنطن، لكن ليس من الواضح كيف ستستجيب الولايات المتحدة لهذا التأثير.

فبالنظر إلى نفوذ الرياض الواسع في المنطقة وخارجها، ربما تعيد الولايات المتحدة سياستها تجاه سوريا، غير أن روبوك يرى أنه "من السابق لأوانه القول إلى أين قد يؤدي ذلك"، خاصة أن السياسة الأمريكية لاتزال تؤكد على محاسبة النظام السوري بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وتشمل العناصر الرئيسية للسياسة الأمريكية تجاه سوريا ضرورة التوصل إلى حل سياسي بناءً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، والدعم القوي للاحتياجات الإنسانية، والحفاظ على القوات الأمريكية في الشمال الشرقي لمحاربة تنظيم الدولة في العراق والشام.

ولطالما حاولت واشنطن الإبقاء على هذه السياسات للحفاظ على مصداقية دعواتها لمساءلة النظام السوري، لكن مع عدم استهداف العقوبات للنشاط الدبلوماسي السوري، ظل نهج إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خطابيًا إلى حد كبير، حسبما يرى روبوك، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، كانت أكثر صرامة في انتقاداتها، لكن ردها على الدول التي اتخذت إجراءات لإعادة العلاقات مع نظام الأسد ظل خطابيًا أيضًا.

ويرجح روبوك أن يؤدي التكرار المنتظم لموقف واشنطن بشأن أهمية محاسبة الأسد إلى تقييد قدرتها على تغيير الاتجاه في هذه القضية، مشيرا إلى أنه "دون التراجع - أو على الأقل تقليل التركيز - على قضية المساءلة، سيكون من الصعب على إدارة بايدن اتخاذ أي خطوات بشأن التطبيع (مع نظام الأسد) أو حتى مجرد إقامة اتصال معه".

أما القيد الأكبر أمام الاستجابة الأمريكية للتطبيع مع نظام الأسد، بحسب روبوك، فيتمثل في أن صانعي السياسة في الولايات المتحدة لا يرون مصلحة استراتيجية حيوية في إجراء مثل هذا التحول في السياسات، لا سيما تلك التي يمكن أن تثير انتقادات واسعة من أعضاء الكونجرس، حيث لا تزال المشاعر المناهضة للنظام السوري قوية وواضحة في تمرير العقوبات من خلال قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019.

وبينما يشتكي بعض الصقور في الولايات المتحدة، بمن فيهم أعضاء بالكونجرس، من أن تطبيق الولايات المتحدة لهذه العقوبات كان متقطعًا في أحسن الأحوال، إلا أنها كانت فعالة كتهديد في خنق أي مساعدات اقتصادية كبيرة من التدفق إلى سوريا.

ومع ذلك، يشير روبوك إلى أنه "بينما لم تتغير سياسة الولايات المتحدة بشأن التطبيع مع النظام السوري، خففت الإدارة بهدوء انتقاداتها للحكومات العربية التي تتحرك في هذا الاتجاه".

نفوذ إقليمي كبير

ويصر المحللون الذين يدركون النفوذ العسكري والدبلوماسي والتجاري طويل الأمد للولايات المتحدة في منطقة الخليج على أن التقارير بشأن تضاؤل القوة الأمريكية في المنطقة، مبالغ فيها إلى حد كبير، وهو ما يؤيده روبوك، مشيرا إلى أدلة مهمة تدعم هذا الرأي.

ومع ذلك، فإن سياسة الولايات المتحدة المتعثرة تجاه سوريا تقدم دعمًا حيويًا لإعادة تقييم أوسع نطاقاً يثير القلق (أو شماتة) حول تراجع النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة، حسبما يرى روبوك.

ويرجح الدبلوماسي الأمريكي أن تجد الولايات المتحدة طريقة للتعاطي مع سوريا دون الإضرار بشكل خطير بعلاقات واشنطن مع زعماء الخليج الرئيسيين، لافتا إلى أن المصالح الأمريكية على المدى المتوسط والطويل بمنطقة الخليج والمنطقة الأوسع سيعززها التعثر الاجتماعي والاقتصادي المحتمل للصين والأداء الكارثي لروسيا في حرب أوكرانيا.

وفي المقابل، ترى وجهة النظر المعاكسة أن الصعود الدبلوماسي للصين، مع اختراق عودة العلاقات الإيرانية - السعودية ودعم موسكو الفعال للأسد في جميع أنحاء المنطقة، يؤدي إلى تراجع تأثير الولايات المتحدة نسبيًا.

ويقر روبوك بأن عدم قدرة الولايات المتحدة، في كثير من الحالات، على إقناع شركائها بدعم سياساتها، كما هو حال دول الخليج حاليا، يشهد على هذه الخسارة الملموسة في النفوذ الأمريكي.

وإزاء وجهتي النظر بشأن مستقبل النفوذ الأمريكي، يرى روبوك أن الوقت هو الفيصل في ترجيح أي منهما، مع تقييم تطور الأحداث في المنطقة، لكن المؤكد أن الولايات المتحدة ستدفع ثمنا أعلى لضمان استمرار نفوذها، قد يشمل مراجعة للسياسات التي يعتبرها الحلفاء الإقليميون غير واقعية وغير حساسة للديناميكيات التي ستشكل المنطقة في العقد المقبل.

المصدر | وليام روبوك/ معهد دول الخليج العربية بواشنطن - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية سوريا بشار الأسد الولايات المتحدة جو بايدن إيران

ميدل إيست آي: الصفقة السعودية الإيرانية تنضج في سوريا.. وهذا هو دور الصين

الأردن يدفع بخطة سلام عربية مشتركة لإنهاء الصراع في سوريا

أمريكا: السعودية شريك مهم بالمنطقة.. ونقدر دورها في السودان