النقد الدولي يتوقع استفادة أكبر لميزانية السعودية من خفض إنتاج أوبك+

السبت 22 أبريل 2023 04:20 م

توقع صندوق النقد الدولي، أن تستفيد السعودية على نحو أكثر من خفض إنتاج النفط الذي أعلنته الرياض مع "أوبك+" وحلفائها، مشيراً إلى أنها ستحقق مزيداً من الإيرادات بفضل ارتفاع أسعار النفط الخام في ظل بقاء الإنفاق تحت السيطرة.

وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أمين ماتي، في مقابلة مع وكالة "بلومبرج" بواشنطن: "التأثير على الميزانية والموقف الخارجي بالنسبة لما توقعناه إيجابي.. لذا فإن تأثير السعر سيعوض الخسارة التي قد تنشأ من (خفض) الإنتاج".

وانتعش النفط بعد الأزمة المصرفية التي اجتاحت الأسواق ودفعت العقود الآجلة إلى أدنى مستوى لها في 15 شهراً في منتصف مارس/آذار.

استقر خام برنت القياسي العالمي فوق 85 دولاراً للبرميل في أبريل/نيسان، بعد القرار غير المتوقع بخفض أكثر من مليون برميل في الإنتاج اليومي بدءاً من الشهر المقبل.

وافقت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً.

وبلغت عائدات المملكة من النفط العام الماضي ما يقرب من 326 مليار دولار، وهي مكاسب شبه قياسية اقترنت مع ارتفاع أحجام الإنتاج لجعل اقتصاد المملكة الأسرع نمواً في مجموعة العشرين. وساعد ذلك الحكومة في تحقيق فائض مالي لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ النمو الاقتصادي السعودي إلى 3.1% العام الجاري والمقبل من حوالي 9% في 2022 بعد التحسن الحاد في التوقعات لعام 2023 في واحدة من أكبر المراجعات الإيجابية للصندوق في أحدث توقعاته العالمية.

ويقول زياد داوود محلل اقتصاد الأسواق الناشئة في وكالة "بلومبرج إيكونوميكس": "يشير قرار (أوبك+) إلى أن السعودية ترى 80 دولاراً للبرميل كأرضية مفضلة لأسعار النفط.. الإنفاق العام المرتفع جزئياً لتعويض ارتفاع أسعار الفائدة، سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات عندما ينخفض النفط".

وبينما قد يعاني النمو الاقتصادي في المملكة من انخفاض إنتاج الخام، لن تؤثر التخفيضات على توسعها غير النفطي "لأن ذلك سيكون مدفوعاً بالطلب المحلي"، حسب ماتي، الذي قال: "على المدى القصير على الأقل، لا نرى اختلالاً في نمط الإنفاق في ميزانية الحكومة المركزية". "وفي الاقتصاد ككل، نرى بعض الاستثمار في القطاع الخاص يقود النمو".

ويتعارض تفاؤل صندوق النقد الدولي مع وجهات نظر أخرى مثل "غولدمان ساكس"، الذي يرى أن التوقعات المالية السعودية تضعف، وتوقع الآن عجزاً بنسبة 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

والفائدة التي ستعود على ميزانية المملكة من هذا الخفض ستكون متواضعة وفق البنك الاستثماري، الذي خفض توقعاته للإيرادات بنحو 5% هذا العام، مع توقعه أن يرتفع سعر خام برنت بنسبة 7% فقط بحلول نهاية 2023.

وبدون التخفيض المعلن، قدر "جولدمان ساكس"، أن السعودية بحاجة إلى أن يكون متوسط سعر النفط عند 76 دولاراً في موازنة السنة المالية الحالية.

واتخذ صندوق النقد الدولي وجهة نظر أكثر تفاؤلاً، وقدر سعر النفط الذي يتحقق معه التعادل في الميزانية عند 66.8 دولار، انخفاضاً من 84.6 دولارا في 2021.

وقال ماتي: "بالنظر إلى أن إنفاق الحكومة المركزية أصبح الآن أكثر تحفظاً ومن المتوقع أن ينخفض في المستقبل"، فإن سعر النفط الذي تتطلبه المملكة العربية السعودية لموازنة دفاترها "أقل مما كان عليه من قبل.. نتوقع أن يصبح سعر التعادل أقل من ذلك".

ولا تزال السعودية تعتمد بشكل كبير على تدفق دولارات النفط إلى خزائن الحكومة لدعم الإنفاق على خلق الوظائف والبنية التحتية المكلفة.

كما تم تحويل المزيد من نفقات رأس المال على التنمية الاقتصادية إلى الصندوق السيادي، المعروف باسم "صندوق الاستثمارات العامة"، بالإضافة إلى شركة استثمارات حكومية أخرى، وهذه الأرقام لا تظهر في الميزانية.

وللوفاء بجميع التزامات الإنفاق التي تشمل مشاريع ضخمة مثل بناء مدينة نيوم المستقبلية البالغ تكلفتها 500 مليار دولار، والمحافظة على استقرار الدعم الاجتماعي من الحكومة للمواطنين، تحتاج المملكة إلى سعر نفط أعلى من 80 دولاراً وربما أقرب إلى 100 دولار، وفق "بلومبرج".

وتعمل السلطات على إضفاء مزيد من الشفافية على الميزانية العمومية ككل، وهو جهد طالما شجعه صندوق النقد لفترة طويلة، وأصبح الآن "جزءاً من أولويات" المملكة، وفق "ماتي".

وقال: "هناك الكثير من العمليات التي تحدث في الحكومة المركزية مثل صندوق الاستثمارات العامة والبنك المركزي وكيانات أخرى.. من المهم أن تكون لديك رؤية موحدة للوضع المالي وما يحدث".

وحاولت المملكة قطع ارتباطها بالنفط الخام من خلال كبح زيادات الإنفاق واستخدام عائدات الطاقة لتسريع المشاريع التي تسهم في فطم الاقتصاد عن النفط.

وتدعو الخطط الحالية إلى ضبط الميزانية بعد سلسلة من الإجراءات التي تضمنت تخفيضات في الدعم إلى جانب فرض المزيد من الضرائب والرسوم".

وأظهرت التوقعات المالية الأخيرة للحكومة، التي جرى الكشف عنها في ديسمبر/كانون الأول، أنها تتوقع تحقيق فائض قدره 16 مليار ريال (4.3 مليارات دولار) في عام 2023، وهو ما يقرب من ضعف تقديرها السابق.

وتابع ماتي: "هناك فك ارتباط الآن نشهده من حيث أسعار النفط وأنماط الإنفاق"، اليوم هناك الكثير من الانضباط المالي مع ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف أن صندوق النقد الدولي واثق أيضاً من أن السعودية لن تكون ضعيفة للغاية في حالة انخفاض أسعار النفط مرة أخرى، لأنها في وضع أفضل للاعتماد على الإيرادات غير النفطية أو تعويض أي ضرر محتمل للميزانية من خلال مراجعة بعض بنود الإنفاق.

واستطرد: "نمط الإنفاق اليوم مستدام ويمكن تمويله.. لديك أيضاً إجراءات كثيرة يمكن للحكومة القيام بها لزيادة الإيرادات غير النفطية.. إنهم يفكرون في إجراء إصلاحات على استراتيجية الإيرادات.. لذلك يمكن أن يساعد ذلك في تعويض بعض الانخفاض في أسعار النفط".

كانت وكالة "فيتش" قد رفعت هذا الشهر التصنيف الائتماني للسعودية إلى "A+" من "A" مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وعزت الوكالة ذلك إلى ميزانيات المالية والخارجية القوية للبلاد، بما في ذلك نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وصافي الأصول الأجنبية السيادية القوية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية أوبك أوبك+ ميزانية السعودية أسعار النفط النفط

لماذا تصر السعودية على تخفيضات النفط رغم التباطؤ العالمي؟

أمين عام أوبك: 1.6 تريليون دولار استثمارات مطلوبة في قطاع التكرير أو شح بالوقود