مشاركة الأسد بالقمة العربية.. استراتيجية السعودية تهمش إسرائيل

السبت 20 مايو 2023 03:20 م

اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي تسفي برئيل أن مشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد في القمة العربية بمدينة جدة الجمعة الماض هو جزء من استراتيجية جديدة تغير بها السعودية وجه منطقة الشرق الأوسط وتهمش إسرائيل وفقا لمعادلة "معنا أوضدنا".

برئيل تابع، في تحليل بصحيفة "هآرتس" (Haaretz) الإسرائيلية ترجمه "الخليج الجديد"، أن الأسد شارك في القمة العربية بدعوة من العاهل السعودي الملك عبد العزيز آل سعود وبعد 12 عاما من طرده من جامعة الدول العربية إثر قمعه لاحتجاجات شعبية مناهضة له اندلعت عام 2011 للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.

وأضاف أن "العقوبات (الغربية على الأسد) لا تزال سارية، لكن السعوديين قرروا تطبيع العلاقات مع دمشق، وهم مستعدون حتى لمناقشة التعاون الاقتصادي، بالتزامن مع تطور آخر أكثر دراماتيكية، وهو استئناف العلاقات الثنائية مع إيران (بداية من 10 مارس/ آذار الماضي) عبر الوساطة الصينية (ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات)".

وطهران هي أبرز حليف إقليمي للأسد، وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل تل أبيب أراضٍ عربية في كل من سوريا وفلسطين ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

وأردف برئيل أن "التطبيع السعودي مع سوريا مستمر على الرغم من التهديدات المستمرة من إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن، بما في ذلك مشروع قانون يدعو إلى فرض عقوبات إضافية على مَن يساعدون نظام الأسد".

سياسات مستقلة

و"من الواضح أن السعودية تبنت استراتيجية جديدة للشرق الأوسط لم تعد خاضعة لتحالفات بنتها دول أخرى (الولايات المتحدة)، وستبدأ الآن بشكل مستقل في وضع سياسات يمكن أن تغير وجه المنطقة وتخطط لها وتنفذها"، وفقا لبرئيل.

وأضاف أنه "حتى قبل استعادة العلاقات مع إيران، بدأت السعودية في إعادة ضبط علاقاتها مع تركيا، التي قاد رئيسها حملة دولية ضدها بعد اغتيال السعودية للصحفي (السعودي) جمال خاشقجي في إسطنبول (2018)، وقدمت الرياض مليارات الدولارات لمساعدة (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان على التعامل مع الأزمة الاقتصادية في تركيا".

وزاد بأنه "على الرغم من أن التطبيع مع سوريا يُنظر إليه على أنه مساهمة السعودية في استئناف العلاقات مع إيران، إلا أنه جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الجديدة التي تسعى إلى إنهاء الحرب والتوتر في أنحاء الشرق الأوسط".

ووفقا لمراقبين، يرغب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إحلال الاستقرار بالمنطقة لضمان استمرار تدفق عائدات النفط وتنفيذ رؤية 2030 التنموية الهادفة إلى تنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط.

واستطرد برئيل: "فبدلا من الاستمرار في قيادة تحالف مناهض لإيران، يريد  بن سلمان إنشاء توازن للردع يتطلب من إيران تنسيق سياساتها مع الدول العربية، ولاسيما السعودية، مقابل الفوائد السياسية التي تمنحها المملكة".

وأردف: "بالنسبة لإيران، فإن استئناف العلاقات مع السعودية وعودة سوريا إلى الحظيرة من الإنجازات المهمة، وتلك التطورات تعطي طهران ودمشق درجة من الشرعية في العالم العربي ستؤدي في النهاية إلى الشرعية الدولية".

واعتبر أنه "يمكن أيضا أن يمنح السعوديين القوة لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان والحرب المستمرة منذ ثماني سنوات في اليمن، وستكون الخطوة الكبيرة التالية هي استئناف العلاقات المصرية الإيرانية" بعد قطيعة مستمرة منذ نحو 45 عاما.

"معنا أو ضدنا"

وبالنسبة لإسرائيل، بحسب برئيل، فإن تلك التطورات "ليست خبرا رائعا، فليس فقط التحالف المناهض لإيران ينهار أمام عينيها، ولكن أيضا النهج الثنائي التقليدي المؤيد للولايات المتحدة، حيث تتم إعادة ضبط معادلة "معنا أو ضدنا"، ليس من جانب إسرائيل، ولكن من طرف السعوديين الذين ما زالت إسرائيل تأمل في إدخالهم في اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات)".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وحذر برئيل من أنه "من المرجح أيضا أن تعمل الاستراتيجية السعودية الجديدة في الشرق الأوسط على تقييد حرية إسرائيل في العمل (تنفيذ هجمات) في سوريا. فسوريا الآن عضو في الجامعة العربية وعلى وشك تجديد العلاقات مع تركيا وما زالت تتمتع بالدعم الروسي".

وتابع أن "سوريا قد تتمكن من حشد أصدقائها الجدد لإنهاء العمليات الإسرائيلية في أراضيها، ويمكن لمثل هذا الطلب أن يحظى بدعم كبير إذا استمرت محادثات التطبيع مع تركيا، الأمر الذي سيتطلب من أنقرة سحب قواتها من سوريا". ومنذ سنوات يشن الجيش الإسرائيلي غارات جوية على ما تقول تل أبيب إنها أهداف تابعة لإيران في سوريا.

ومضى قائلا إنه لكي يعود نحو 3.5 مليون لاجئ سوري من تركيا إلى بلدهم، فإن الأسد "سيطالب بمساعدات سخية للمساعدة في استيعاب اللاجئين العائدين، لكن تركيا ليس لديها أموال، كما يطالب المشرعون الإيرانيون حكومتهم باستعادة 20 مليار دولار تدين بها سوريا"، مرجحا أن دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، ستدفع تلك الأموال لـ"سد صدع آخر في المنطقة".

المصدر | تسفي برئيل/ هآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بشار الأسد القمة العربية جدة السعودية إسرائيل إيران تركيا

تحليل: قمة جدة تبرز السعودية كقوة دبلوماسية صاعدة