أوروبا تطمح لتطوير صناعات المستقبل وسط منافسة شرسة من أمريكا والصين

الاثنين 22 مايو 2023 08:19 م

تصدر إعلانات متزايدة في أوروبا عن استثمارات عامة وخاصة ما بين مليار يورو لإقامة مصنع وخمسة مليارات لإقامة مرفق آخر، ما يعزز تفاؤل الحكومات على صعيد تطوير صناعات المستقبل، من غير أن يتضح إن كان هذا المجهود سيكفي بمواجهة منافسة شرسة من الصين والولايات المتحدة.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمره السنوي "تشوز فرانس" (اختر فرنسا) في منتصف مايو/ أيار عن استثمارات أجنبية بقيمة 13 مليار يورو في مواقع صناعية في فرنسا، من بينها مشروع لشركة "برولوجيوم" التايوانية بأكثر من خمسة مليارات يورو لإقامة مصنع للبطاريات في شمال البلاد، مدعوم بمساعدة حكومية كبيرة لم يحدد مقدارها.

وفرنسا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تجتذب الصناعيين. فقد أعلنت شركة "وولفسبيد" الأمريكية للرقائق الإلكترونية هذه السنة عن استثمار بقيمة ملياري يورو لإقامة مصنع لأشباه الموصلات في ألمانيا.

كما أكدت مجموعة "نورثفولت" السويدية للبطاريات الكهربائية في منتصف مايو/ أيار إقامة مصنع عملاق في ألمانيا.

وقال أوليفييه لوانسي الشريك في مكتب "برايس ووترهاوس كوبر" للاستشارات: "ألاحظ أنه لم يتم إطلاق أي مشروع صناعي كبير في فرنسا حتى الآن".

وأضاف خبير مسائل السيادة الصناعية معلقاً على الإعلانات الصادرة مؤخرا عن إقامة مشاريع: "الأرجح أن فرنسا وألمانيا قدمتا مساعدات كبيرة للشركات، تتخطى الممارسات السابقة على صعيد دعم الدولة". فهل يكون ذلك مؤشرا إلى توجه جديد في أوروبا؟

بالمقارنة، رصدت الولايات المتحدة حتى الآن في سعيها لاجتذاب مصانع المستقبل الضرورية لتحقيق الانتقال في مجال الطاقة مئات مليارات الدولارات من خلال "تشريع خفض التضخم"، وهو خطة مساعدات ضخمة لتحول الطاقة أطلقت العام الماضي.

كما أقرّت الصين خطة لاجتذاب الاستثمارات تعرف بخطة "صنع في الصين 2025".

من جهتها، عرضت المفوضية الأوروبية في مارس/ آذار مشروع قانون من أجل صناعة خالية من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

كما أقر البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في أبريل/ نيسان "قانون الرقائق" بهدف تطوير صناعة أشباه الموصلات، في وقت تنتج تايوان الكمية الأكبر من الرقائق.

غير أن الأرقام تكشف عن تباين كبير. ففي مجال الرقائق الإلكترونية، ستملك الولايات المتحدة بحلول العام 2026 قدرة استثمارية بمستوى 167 مليار دولار، بحسب أرقام مكتب "إيفرستريم" الأمريكي.

في المقابل، تبدو الاستثمارات بموجب "قانون الرقائق" الأوروبي البالغة 43 مليار يورو حتى 2030 هزيلة.

وما يزيد الوضع صعوبة على الأوروبيين أن دولاً أخرى ترصد أموالاً أيضاً لاجتذاب الشركات المتعددة الجنسيات، ومنها كندا التي تعتزم تخصيص حوالي تسعة مليارات يورو من المساعدات لمجموعة "فولكسفاجن" الألمانية للسيارات من أجل إقامة مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية.

ورأى هندريك أبما، رئيس الجمعية الأوروبية لصناعة أشباه الموصِلات، أن "قانون الرقائق" الأوروبي هو "إشارة إيجابية تظهر أن أوروبا أدركت أهمية أشباه الموصِلات من أجل الثورة الخضراء".

لكنه لفت إلى وجوب عدم التغاضي عن معطيات أخرى مثل ضرورة تبسيط الآليات الإدارية.

وهذا ما عبرت عنه أيضاً الجمعية الأوروبية لصانعي البطاريات "آبسيل ألّاينس" التي أنشئت العام الماضي لتشجيع السيادة الأوروبية في مجال صناعة الآلات مثل البطاريات.

وأوضح رئيس آبسيل كلود لابيريار إن "الغالبية الكبرى من صانعي البطاريات الأوروبيين يقولون إنهم يرغبون في تطوير أعمالهم في أوروبا، لكن المساعدة التي تقدمها لهم الولايات المتحدة مثيرة للاهتمام إلى حد لا يمكنهم تجاهلها".

لكن جيل مورو نائب، رئيس "آبسيل" وأحد مؤسسي شركة "فيركور" الناشئة الفرنسية المتخصصة في البطاريات المنخفضة الكربون، اعتبر أن أوروبا تملك في مطلق الأحوال ورقة هامة، موضحاً "لدينا تاريخ من الابتكار الصناعي، وبإمكان أوروبا إحداث فرق في مفهوم الاقتصاد الدائري".

واعتبر لوران لوانسي أنه في مطلق الأحوال "نتجه إلى نموذج آخر من المجتمع، ننتقل من نموذج يقوم على الاستهلاك الجماعي إلى نموذج سيدور حول مفاهيم البيئة والسيادة"، مضيفاً "يجب أن يكون بمقدور نموذجنا أن يستحدث بسرعة السبل، سواء من القطاع الخاص أو من القطاع العام، من أجل القيام بهذه الانعطافة".

وهذا ما لخصه وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قبل بضعة أيام قائلا: "المعركة حادة بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا، ولا أحد يتهاون".

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

فولكسفاجن الصين أمريكا أوروبا فرنسا

لمصالح كثيرة.. إيطاليا قد تتخلى عن مبادرة الحزام والطريق الصينية

الولايات المتحدة: نزع السلاح النووي رهن بالصين