عراق ما بعد 2003.. حركات تدعمها جيوش ونخبة يخدمها العنف

الاثنين 5 يونيو 2023 06:25 ص

اعتبر ريناد منصور، زميل معهد "تشاتام هاوس" في لندن، أن معضلة وأزمة العراق ما بعد عام 2003 تكمن في وجود "جيوش" عديدة تخدم حركات سياسية متنازعة لا تثق في بعضها البعض، بالإضافة إلى أن النظام السياسي لا يخدم مصالح الشعب وإنما مصالح النخبة التي مكّنها العنف من امتلاك مقاعدها في السلطة.

منصور تابع، في تحليل ببوابة "مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الأوسط" (MERIP) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "في عراق ما بعد 2003، شدد صناع السياسة الأمريكيون والدوليون على ترسيخ احتكار الدولة للعنف المشروع، ودفعوا لدمج مختلف الجماعات شبه العسكرية في الحكومة المركزية (ببغداد) وإقليم كردستان (شمال)".

وفي 2003، غزت قوات تحالف دولي، بقيادة الولايات المتحدة، العراق وأسقطت نظام الرئيس صدام حسين (1979-2003)؛ بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل وارتباطه بجماعات إرهابية، وهو ما لم تستطع واشنطن إثبات صحته.

واستدرك منصور: "لكن هذا المنطق تناقض مع أسس الدولة العراقية بعد 2003، حيث بنى حكام العراق الجدد نظاما سياسيا يخدم مصالح النخبة وليس مصالح الشعب، وأثبت هذا النظام لمدة 20 عاما أنه متعثر، ومن المرجح أن يستمر في التعثر".

وأرجع ذلك جزئيا إلى أن "انتشار العنف يضمن أن حركات الإصلاح التصاعدية، مثل احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، لا يمكنها بسهولة تغيير النظام (القائم)".

وأردف منصور: "على هذا النحو، وعلى الرغم من أن حل الجيش بعد 2003 وما تلاه من انتشار للجيوش الخاصة يظهر على ما يبدو دولة عراقية ضعيفة وغير متماسكة، فإن النظر في طبيعة العنف، كما هو مصمم، يكشف أنه مكّن النخبة الجديدة من اكتساب مقاعدهم في السلطة".

أغلبية أم توافق؟

و"على أعتاب خسارة السلطة بعد الأداء الضعيف في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، أرسل تحالف الفتح العراقي وقوات الحشد الشعبي، وهو تحالف من الفصائل المسلحة (شيعية متحالفة مع إيران) تحت مظلة الدولة، متظاهرين لاحتلال أجزاء من المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد"، وفقا لمنصور.

وأضاف أن "الفائز في الانتخابات، وهو رجل الدين الشيعي الشعبوي مقتدى الصدر، كان عازما على تشكيل حكومة أغلبية (من القوى البرلمانية) تستبعد العديد من قادة تحالف فتح وحلفائه"، بدلا عن تشكيل حكومة "توافق وطني" كالمعتاد تشارك فيها كل القوى البرلمانية وتقوم على مبدأ المحاصصة وتقسيم المناصب.

وتابع منصور أنه "مع تقدم عملية تشكيل الحكومة، صعدت فصائل من قوات الحشد الشعبي من مظاهر العنف، وشنت هجمات صاروخية على حلفاء الصدر السُنة في محافظة الأنبار (غرب) وحلفاء أكراد في أربيل (شمال)، كما تصاعدت هجمات بين الحشد الشعبي والصدريين في جنوبي العراق".

وأوضح أن "هذا العنف لم يكن يهدف بالضرورة إلى قتل المعارضين، بل إلى إرسال رسالة مفادها أن الجماعات المتحالفة مع قوات الحشد الشعبي لن تُستبعد من السياسة".

حكومة السوداني

منصور قال إن "عملية تشكيل الحكومة، التي استمرت عاما بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، شهدت أشرس أعمال عنف أعقبت انتخابات منذ 2003".

وأصاف أن "الصدر أراد استبدال النظام القائم على الإجماع الذي تم تطويره بعد الغزو والاحتلال بقيادة الولايات المتحدة، وفي المقابل استخدمت قوات الحشد الشعبي أسلوبها في العنف لحماية النظام، وفي النهاية، نجحوا في خنق أغلبية الصدر، ما سمح لجميع قادة تحالف الفتح بالبقاء في السلطة".

وأردف أنه "بعد فشلهم في تشكيل حكومة أغلبية، سحب الصدريون أعضاءهم من البرلمان، وظهر ائتلاف حاكم جديد (الإطار التنسيقي الشيعي)، وأصبح الصدريون الآن هم من تم استبعادهم".

وزاد منصور بأنه "ردا على ذلك، أرسلوا (الصدريون) متظاهرين مسلحين لغزو المنطقة الخضراء واحتلالها في أغسطس/آب 2022، ومع تصاعد العنف وتزايد عدد الضحايا، مخلفا أكثر من 30 قتيلا خلال 24 ساعة، سحبوا قواتهم بسرعة، فهم أيضا لم يبحثوا عن نزاع مسلح من شأنه أن يسفر عن خسائر كبيرة".

وفي 29 أغسطس/آب 2022، أعلن مقتدى الصدر اعتزاله الحياة السياسية، وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه منح البرلمان الثقة لحكومة برئاسة محمد شياع السوداني شكلها "الإطار التنسيقي" الشيعي.

وشدد منصور على أن "حلقة العنف التي طال أمدها بعد انتخابات 2021 عكست انقسامات أعمق في عراق ما بعد 2003، حيث اعتمدت الفصائل السياسية التي لا تثق في بعضها البعض على المجموعات شبه العسكرية الخاصة بها للحفاظ على سلطتها ونفوذها".

المصدر | ريناد منصور | مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق جيوش حركات نخبة عنف حكومة انتخابات

العراق يتمتع باستراحة نادرة من الاضطرابات لكن المخاطر ما زالت قائمة (تحليل)