نيويورك تايمز: حفيظة أركان أمام مهمة صعبة لإنقاذ تركيا من أزمتها الاقتصادية

الثلاثاء 13 يونيو 2023 06:30 م

سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على تعيين حفيظة أركان رئيسة للبنك المركزي التركي بقرار من الرئيس رجب طيب أردوغان، كأول امرأة تستلم هذه المنصب في ظل أزمة اقتصادية حادة تعصف بالبلاد.

وقالت الصحيفة في تقرير أعده مراسل شؤون الاقتصاد بيتر كوي: "عندما تُفقد الآمال يتم تعيين امرأة كي تستلم (وتتحمل المسؤولية)، والآن حفيظة غاية أركان، المصرفية التي عملت سابقا في وول ستريت عينت حاكما للبنك المركزي التركي".

وذكر التقرير أن فترة عمل حفيظة في البنك المركزي للجمهورية التركية ستكون تحت المجهر ولعدة أسباب؛ الأول لأنها أول امرأة تتولى المنصب ولأن تركيا تعتبر لاعبا دبلوماسيا مهما وعضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتلعب دورا حساسا في الحرب القريبة من أعتابها، إشارة للحرب الأوكرانية.

وأشار إلى أن "حل أزمة العملة في بلد كبير كتركيا ليس سهلا على صندوق النقد الدولي، ولا يوجد ما يشي أن تركيا ستقبل بشروط الصندوق للحصول على المال".

كيف وصل لهذه النقطة؟

وحسب التقرير، يرى الاقتصاديون أسبابا أخرى لمراقبة الوضع في تركيا وعن قرب، فهي بلد نادر من حيث إن مشكلتها الملحة هي نقص العملة الصعبة وهو أمر عام، ولكن كيف وصلت إلى هذه النقطة؟.

وأضاف: "الجواب أن رئيسها أردوغان تحدى الحكمة التقليدية وأكد أن الطريقة الوحيدة لمحاربة التضخم هي تخفيض سعر الفائدة وليس رفعه"، لافتا أن هذا يشبه وبطريقة غامضة نظرية الاقتصادي الأمريكي "إريفنغ فيشر"، مع أن ما قاله هو أن "سعر الفائدة هو أم وأب كل المشاكل".

والشهر الماضي قال أردوغان لوكالة "سي إن إن" إنه "كلما كانت أسعار الفائدة منخفضة كلما انخفض التضخم"، مضيفا أن "هذا البلد ستنخفض فيه معدلات الفائدة مع انخفاض معدل الفائدة وسنصل إلى نقطة يشعر فيها الناس بالراحة، وأقول هذا كاقتصادي وليس وهما".

وتابع التقرير: "في الحقيقة هذا وهم، إلا أن أردوغان متمسك به. فقد ضغط على من جاءوا قبل حفيظة لتخفيض معدلات الفائدة رغم الأدلة المتزايدة عن أن معدلات الفائدة المنخفضة تزيد من سوء التضخم وتضغط على النمو الاقتصادي".

فقد خفض شهاب قهوجي أوغلو، محافظ البنك السابق، معدل الفائدة بنسبة 8.5% هذا العام من 19% عندما تولى المنصب عام 2021 وكانت النتيجة متوقعة، فقد زادت أسعار الاستهلاك الرسمية بنسبة 39.6% مما كانت عليه في العام السابق، بحسب التقرير.

وشعر الاقتصاديون بالدهشة من سياسة أخرى لأردوغان؛ وهي زيادة النمو مع ليرة تركية قوية، وهو ما ساعد على الاحتفاظ بشعبيته وانتخابه كرئيس لولاية ثالثة.

وقال التقرير إن واحدة من الطرق للحفاظ على سعر مرتفع للعملة هو زيادة معدلات الفائدة، والتي قد تخفض النمو. وبدلا من ذلك جعل أردوغان المصرف المركزي يقترض العملة الأجنبية من البنوك المحلية وحكومات أخرى.

وأشار إلى أن أردوغان أنفق هذه الاحتياطات الأجنبية الثمينة لشراء الليرة في سوق العملة بأسعار عالية. وأدار برنامجا مكلفا عرف باسم "كي كي أم" لحماية ودائع الليرة المحلية من انخفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية مثل الدولار، وهو ما أعطى المودعين الثقة للحفاظ على العملة المحلية في البنوك.

وبعبارات أخرى، فقد تأكدت الحكومة من أن المصرف المركزي يستطيع الحصول على الدولارات و"نظام ناجح حتى يثبت فشله"، كما نقل التقرير عن خبير في هذا المجال.

وأردف التقرير: "نظرا للمبالغ التي ضيعتها تركيا من أجل دعم العملة فلم يعد لديها رصيد قوي من العملات الصعبة، وفي الحقيقة لم يعد هناك لأن الرصيد الذي لديها مقترض ويجب أن تعيده للمقرضين".

وأوضح أن المصرف المركزي يواجه وضعا غير مريح لأنه مدين للبنوك المحلية بدون طريق واضح للخروج. فقد أقرضت البنوك المحلية المصرف المركزي بشكل كبير، وبشكل أقل إلى الحكومة، ولا تستطيع الوفاء بالودائع الأجنبية المحلية لو طلاب الأتراك بها.

الكرة بملعب حفيظة وشيمشك

واستطرد التقرير: "عادة ما تبدأ الأزمات المالية عندما تدير الحكومات سياساتها بعجز وتنفق أكثر مما تتلقى من الضريبة، ولكن تركيا وجدت طريقا آخر للخروج من المشكلة والنتيجة ستكون أسوأ من الأزمات المالية المعروفة ولن يستمر الاحتياطي التركي الصعب حتى هذا الصيف لو لم يحدث أي تصحيح للمسار، وسيكون هذا بيد شخصين وهما حفيظة ومحمد شيمشك وزير المالية".

وأضاف أن كلا الشخصين يحظيان باحترام خارج تركيا ويعرفان ما يجب عمله، متسائلا: "إن كان أردوغان سيقاوم الرغبة في التدخل".

وكان تراجع الليرة في الأسابيع الماضية، وإن كان مخيفا، إشارة إيجابية، وهذا يعني أن تركيا لا تنفق ما تبقى لديها من عملة صعبة من أجل رفع قيمة الليرة فوق ما تستحقه.

وفي منتصف نهار يوم الإثنين، كان سعر الليرة في نيويورك هو 4.22 سنتا أمريكا، أي أقل بـ 23% مما كانت عليه في 23 مايو/ أيار.

واختتم التقرير بالقول: "من في المقعد الساخن الآن امرأة نشأت في تركيا وذهبت للحصول على الدكتوراة في عمليات الأبحاث والهندسة المالية من جامعة برينستون، وعملت في مؤسسات مصرفية مرموقة بالولايات المتحدة".

وفي 9 يونيو/ حزيران الجاري، عيّن أردوغان حفيظة أركان رئيسة للبنك المركزي خلفا لشهاب قهوجي أوغلو، لتكون خامس من يتولى قيادة المركزي التركي في السنوات الأربع الأخيرة.

وعقب مسيرة علمية مميزة في الولايات المتحدة، بدأت أركان مسيرتها المهنية عام 2005 في مؤسسة "جولدمان ساكس" الأمريكية التي تعد من أشهر المؤسسات المصرفية في العالم واستمرت فيها 9 سنوات ثم انتقلت للعمل في بنك "فيرست ريبابليك" وتدرجت فيه حتى شغلت منصب المدير التنفيذي واستمرت بالعمل فيه حتى عام 2021، كما عملت مسؤولة مالية في "وول ستريت".

المصدر | الخليج الجديد + مواقع

  كلمات مفتاحية

حفيظة غاية أركان تركيا نيويورك تايمز البنك المركزي التركي

موديز تغيّر نظرتها لبنوك تركيا إلى مستقرة.. وقفزة في أسهمها

تركيا.. استقالة مفاجئة لمحافظة البنك المركزي حفيظة أركان