تقرير دولي: عمان لا تزال سمكة صغيرة في الخليج لكن نهجها الاقتصادي سيجعلها مميزة

الخميس 15 يونيو 2023 12:43 م

لا تستطيع عُمان منافسة معظم دول الخليج المجاورة من حيث الثقل الاقتصادي أو الموارد المالية أو الشهرة الدولية، لكن يمكن للدولة أن تميز نفسها عن نظرائها الإقليميين من خلال اعتماد نهج مدروس ومتسق لصنع السياسات الاقتصادية، وفي حين أن هذا المسار قد لا يحول عمان إلى مركز أعمال عالمي رئيسي، إلا أنه قد يكشف أن الإنفاق المسرف ليس بالضرورة أفضل أساس لمستقبل اقتصادي مستدام.

ما سبق كان خلاصة تحليل اقتصادي كتبه روبرت موجيلنيكي، الباحث الأول في "معهد دول الخليح العربية في واشنطن"، وترجمه "الخليج الجديد"، قال فيه إن الحكومة العمانية تبذل جهودا كبيرة بالفعل لصنع السياسات الاقتصادية السليمة والتقدم في الإصلاح، لكن التوقعات طويلة الأجل للاقتصاد لا تزال غير مؤكدة.

وقد وافقت الحكومة العمانية على إنشاء صندوق استثماري بقيمة 5.2 مليار دولار، وهو صندوق مستقبل عمان، لدعم النمو الاقتصادي المتنوع، وتعمل على تنظيم بيتها الاقتصادي، وإنشاء مركز مالي أقوى، وإرساء قدر أكبر من المرونة في مواجهة تقلبات أسعار الطاقة، وبناء وجهة استثمارية أكثر جاذبية على المدى القريب.

جهود تستحق الثناء ولكن

ويقول الكاتب إن صنع السياسات الاقتصادية السليمة والتقدم في الإصلاح بعمان يستحق الثناء، لكن لا تضع عمان بالضرورة على طريق أن تصبح نجمًا اقتصاديًا إقليميًا بارزًا.

ويضيف أن اقتصاد السلطنة يواجه رياحًا معاكسة للاقتصاد الكلي، وتحديات هيكلية، ومنافسة إقليمية متزايدة، وبالتالي، فإن التوقعات طويلة المدى للاقتصاد العماني لا تزال غير مؤكدة.

ويرى التحليل أن حكومة السلطان هيثم بن طارق ورثت عن سلفه قابوس بن سعيد دولة في حاجة ماسة للإصلاح وسط ركود اقتصادي ناجم عن فيروس كورونا، ونجح السلطان هيثم في وضع خارطة طريق للإصلاحات الاقتصادية وأولوياتها.

وتقدم الخطة المالية متوسطة الأجل للفترة 2020-2024 مسارًا واضحًا نحو استدامة مالية أكبر في السلطنة.

وبلغ متوسط العجز المالي الإجمالي في عمان 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2015-2020 ، في حين بلغ عجز الميزانية حوالي 3.6% في عام 2021.

وتمتعت عمان بفائض في الميزانية بنحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 - وهو أول فائض للبلاد منذ عام 2013 - ومن المتوقع أن تسجل فائضًا طفيفًا في عام 2023.

انخفاض الدين العام

أدت الضرائب الجديدة إلى زيادة تدفقات الإيرادات غير النفطية، وانخفض الدين العام للحكومة، وعملت هيئة الاستثمار العمانية بشكل منهجي على تعزيز قطاع الكيانات المملوكة للدولة في البلاد، والذي يعد مساهماً رئيسياً في عبء الدين الحكومي الإجمالي للبلاد، وتقليل أوجه القصور والهدر.

وجعل التقدم الواضح في الإنفاق المستدام، وتنويع مصادر إيرادات القطاع العام، وخفض الدين الحكومي جعل عمان "محبوبة لأسواق الدين"، وفقًا لأحد المحللين الماليين المتخصصين في الشرق الأوسط والذي تحدث بشكل غير رسمي.

وفي أبريل/نيسان الماضي، قامت كل من وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية و"ستاندرد آند بورز" العالمية بمراجعة النظرة المستقبلية للسلطنة إلى إيجابية.

يقول الكاتب: "بالطبع، لعبت أسعار الطاقة المرتفعة دورًا مهمًا في هذه المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، وولّد تطلع عُمان إلى أن تصبح واحدة من أكبر منتجي ومصدري الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم اهتمامًا كبيرًا من شركات الطاقة الدولية والمستثمرين.

لكن لن يكون كل شيء سلس خلال الفترة المقبلة، بحسب الكاتب، حيث لا تزال معالجة المخاوف المتعلقة بالتوظيف تمثل تحديًا مستمرًا للحكومة العمانية، وتتباين أرقام البطالة بين البنك الدولي الذي يقدرها بـ2.3% في عام 2022، بينما تشير أرقام أخرى للبنك الدولي أيضا من عام 2019 إلى أن معدل البطالة بين الشباب العماني يبلغ 49%.

ومن المحتمل أن يكون المعدل الأكثر دقة لبطالة الشباب العماني في جميع أنحاء البلاد يتراوح بين 15 و17%، وفقًا لتقديرات مختلفة، وربما يكون أعلى بكثير في المناطق الأقل نموًا خارج مسقط.

سمكة صغيرة في الخليج

لا تتمتع عُمان بحيازات ضخمة من الثروة السيادية، والتي استخدمتها الحكومات الإقليمية بشكل فعال للمساعدة في عزل المواطنين عن الإصلاحات، وتحفيز اقتصاداتهم المحلية، وتشكيل شراكات استثمارية رفيعة المستوى على الساحة العالمية.

ويشرف جهاز الاستثمار العماني على ما يقرب من 41 مليار دولار في الأصول الخاضعة للإدارة، وهذه الثروة السيادية أصغر بكثير من تلك الموجودة في صناديق الثروة السيادية في البلدان المجاورة: 650 مليار دولار في صندوق الاستثمارات العامة السعودي، و750 مليار دولار في هيئة الاستثمار الكويتية، وأكثر من 1.2 تريليون دولار في هيئة أبوظبي للاستثمار وشركة "مبادلة"، وصندوق  ADQ في الإمارات.

ويقول الكاتب إن عُمان سوق صغيرة في نهاية المطاف، والحكومة لديها قدرات مالية محدودة. وهذا يجعل من الصعب تصور نمو سريع في مجالات التركيز الاقتصادية القائمة والناشئة.

تواصل عمان دورها كوجهة سياحية متخصصة إلى حد كبير، كما أن المبادرات التكنولوجية التي تقودها الدولة تسير ببطء.

القطاع اللوجستي العماني واعد، بالنظر إلى المزايا الجغرافية للتجارة البحرية وقائمة رائعة من العملاء الرئيسيين الذين يعملون في المناطق الاقتصادية والموانئ.

وما بين السعودية التي تنفق مليارات الدولارات في كافة الاتجاهات لتسريع نموذجها للتطور والنمو، والإمارات التي باتت رقما صعبا في الاستثمارات والاقتصاد واستضافة الفعاليات الدولية الكبرى، وقطر التي تستثمر بإصرار طموح مبالغ ضخمة في المجالات الاقتصادية، تبدو عمان كأنها تلعب في دوري مختلف تماما عن جيرانها.

المصدر | روبرت موجيلنيكي | معهد دول الخليح العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اقتصاد عمان سلطنة عمان هيثم بن طارق العلاقات العمانية الخليجية جهاز الاستثمار العماني

بفعل تراجع الديون.. موديز ترفع تصنيف سلطنة عمان إلى "Ba2"

صندوق النقد يتوقع تباطؤ اقتصاد سلطنة عمان في 2023.. ما السبب؟

معهد واشنطن: بعد خطاب السلطان هيثم أمام مجلس عمان.. قصة نجاح عمان اقتصاديا بالأرقام