منذ تنصيب أردوغان.. مبادرات مكثفة لتعزيز مكانة تركيا الدولية

الثلاثاء 20 يونيو 2023 01:54 م

منذ تنصيبه في 3 يونيو حزيران/ الجاري لفترة رئاسية جديدة، أظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "حراكا سياسيا جيدا ونشطا" عبر مبادرات تهدف إلى إظهار دور بلاده في الساحة الدولية بما يخدم رغبتها في الحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي.

ذلك ما خلص إليه ألكسندر سفارانتس، دكتور في العلوم السياسية، عبر تحليل بمجلة "نيو إيسترن أوتلوك" (NEO) ترجمه "الخليج الجديد"، موضحا أنه على الجبهة الداخلية، شَّكل أردوغان حكومة تستند إلى الكفاءة والموثوقية السياسية، و"أولويتها هي استقرار الوضع المالي والاقتصادي، مع الاعتماد على سياسة ضريبية جديدة وتكثيف العلاقات مع الشركاء الخارجيين".

وأوضح أن "أردوغان أعاد فكرة التكامل الاقتصادي الكامل مع الاتحاد الأوروبي إلى جدول أعمال تركيا. ورغم كل الأسباب المنطقية وراء تلك الأطروحة، فمن الواضح أن الحكومة الجديدة ترى أن من بين أولويات استقرار الاقتصاد الكلي توسيع العلاقات مع الاتحاد".

وتابع أن "قيمة العملة التركية (الليرة) انخفضت بسرعة مقابل الدولار الأمريكي، ووصلت إلى أدنى مستوى يومي لها على الإطلاق، وسيتعين على وزير المالية محمد شيمشك أن يطلب من البنك المركزي زيادة معدل الفائدة (على عكس سياسة أردوغان) للتغلب على مخاوف الشركات الكبيرة التي تخسر أرباحا جراء انخفاض معدلات الإقراض للشركات الصغيرة".

سفارانتس أردف أنه "للمرة الأولى يتم تعيين امرأة، وهي حفيظة غاي إركان، محافظا للبنك المركزي التركي، وهي ذات خبرة في القطاع المصرفي وحصلت على تعليم جيد في الولايات المتحدة عبر الدراسة بجامعتي هارفارد وستانفورد والحصول على درجة الدكتوراه من جامعة برينستون، ومن الواضح أن شيمشك هو مَن رشحها للمنصب".

والمناخ الحالي غير المواتي مع ارتفاع التضخم وهبوط الليرة، بحسب الخبير الاقتصادي التركي رجب إركين، "يجبر قطاع السياحة على رفع الأسعار أمام السائحين الروس وغيرهم من دول الاتحاد السوفيتي السابق، أما بالنسبة لمواطني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي فستكون السياحة التركية هذا الموسم أرخص بكثير بسبب ارتباطهم بالعملات العالمية (الدولار والجنيه الإسترليني واليورو)".

وقال سفارانتس إنه "من بين المبادرات الاقتصادية الأخرى التي أطلقها أردوغان، وتهدف إلى تحسين الوضع المالي، زيادة رسوم مرور السفن الأجنبية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل (بأكثر من 8٪)" وذلك بدءا من الأول من يلوي/ تموز المقبل.

السويد وعضوية الناتو

أما "في السياسة الخارجية، فبدأ أردوغان فترة الرئاسية الجديدة باجتماع مغلق في يوم تنصيبه استمر لمدة ساعة مع  الأمين العام (لحلف شمال الأطلسي) الناتو ينس ستولتنبرغ وشارك فيه  وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يسار جولر ومدير الاستنخبارات العامة إبراهيم كالين"، وفقا لسفارانتس.

وأردف: "يزعم خبراء أن تركيا رفضت مرة أخرى (طلب) عضوية السويد في الناتو، على الرغم من عدم صدور تصريحات علنية جديدة من أردوغان كالتي أدلى بها في أبريل/ نيسان الماضي".

وتتهم تركيا السويد بالتساهل مع أنشطة جماعات كردية تصفها أنقرة بالإرهابية، بينما تقول ستوكهولم إنها أوفت بالتزاماتها في مذكرة ثلاثية بهذا الشأن وقَّعها البلدان بالإضافة إلى فنلندا، التي انضمت بالفعل إلى "الناتو" بعد موافقة تركيا.

و"بعد المفاوضات مع ستولتنبرغ في أنقرة، أجرى فيدان محادثات هاتفية مع نظيريه الأمريكي أنتوني بلينكين والسويدي توبياس بيلستروم لمناقشة احتمالات انضمام السويد إلى الناتو، وشدد فيدان على أن أنقرة تنتظر خطوات محددة من ستوكهولم. بعبارة أخرى، قد يوافق الأتراك أيضا على عضوية السويد في ظل شروط معينة تتعلق بالأكراد"، بحسب سفارانتس.

كوسوفو وروسيا وأوكرانيا

ووفقا لسفارانتس فإن "مبادرة إضافية من أنقرة تتمثل في إرسال قوة حفظ سلام تركية جديدة إلى كوسوفو بناء على اقتراح الناتو فيما يتعلق بتفاقم العلاقات الصربية الألبانية، كما عرض أردوغان خدمات الوساطة التركية لتحقيق الاستقرار في كوسوفو".

ومع كارثة تفجير سد كاخوفكا في أوكرانيا، مما تسبب في أزمة إنسانية لسكان منطقة خيرسون والأراضي المجاورة لها، قرر أردوغان القيام بمبادرة وساطة أخرى لإنشاء لجنة للتحقيق في أسباب تلك المأساة وتحديد الجناة، بمشاركة خبراء من الطرفين المتنازعين (روسيا وأوكرانيا) والأمم المتحدة وتركيا، بحسب سفارانتس.

وزاد بأنه "خلال محادثات هاتفية أجراها أردوغان مع (مع نظيره الروسي فلاديمير) بوتين، لم يعترض الكرملين على المبادرة التركية، طالما أن عمل اللجنة المقترحة موضوعي، وقد أجرى أردوغان محادثات مماثلة مع (نظيره الأوكراني) فولوديمير زيلينسكي".

واستدرك: "لكن وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا رفض بشدة اقتراح أردوغان، في سلوك دبلوماسي غير مسبوق تجاه تركيا وأردوغان، ويبدو أنه يوجد سببان لذلك: الأول أن التحقيق سيظهر الجاني الحقيقي في تفجير السد (يتهم أوكرانيا ضمنيا)، والثاني هو لتعليمات أمريكية لتشويه سمعة أردوغان جراء شراكته مع روسيا".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في جارتها أوكرانيا المدعومة من الغرب ولاسيما الولايات المتحدة، وتبرر تلك الحرب بأن خطط كييف للانضمام إلى "الناتو" تهدد الأمن القومي الروسي.

وختم سفارانتس بأن "تركيا تحاول الحفاظ على مكانة نشطة في الدبلوماسية الدولية، لتسليط الضوء على دورها بأفكار ومقترحات ومبادرات جديدة تهدف إلى إظهار دور تركيا الجديد في الشؤون الدولية وتوجه أنقرة نحو (نيل) العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي".

ويتألف مجلس الأمن من 15 دولة هي 10 دول يتم انتخابها دوريا كل عامين، بالإضافة إلى خمس دول دائمة العضوية هي: الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا.

المصدر | ألكسندر سفارانتس/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان مبادرات السويد كوسوفو أوكرانيا روسيا

سياسة حافة الهاوية ومخاطرها الكبرى.. أبرز ملامح عقيدة أردوغان