اقتصادها يحتاج للمستهلك والمستثمر.. لهذا تمد الصين يدها للغرب

السبت 24 يونيو 2023 09:56 م

تجتمع القيادة الصينية هذه الأيام مع قادة أو كبار المسؤولين من أهم القوى الغربية، إذ لا تزال بكين بحاجة إلى المستهلكين والمستثمرين في العالم الغربي لدفع اقتصادها إلى النمو، بحسب أنطونيا كوليباسانو وهي محللة جيوسياسية.

ولفتت أنطونيا، في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" (Geopolitical Futures) ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن "وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين زار بكين قبل أيام، في أول زيارة أمريكية رفيعة المستوى منذ نحو خمس سنوات".

وتابعت أن "الحكومة الصينية وصفت لقاء بلينكين مع نظيره تشين قانغ بأنه "صريح ومتعمق وبناء". وبشكل غير متوقع، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ مع بلينكين. فيما يقوم رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بجولة في ألمانيا وفرنسا".

وأردفت أن "هذه الارتباطات الدبلوماسية تأتي في لحظة حاسمة في العلاقات بين الصين والقوى الغربية الكبرى، إذ أثار الوباء (كورونا) مخاوف بين رجال الأعمال والحكومة في الصين بشأن الاقتصاد، ودفع موقف بكين الغامض من حرب (روسيا في) أوكرانيا الغرب إلى التفكير بجدية في سبل لتقليل اعتماد اقتصاداتهم على الصين".

وتبرر روسيا حربها المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022 في جارتها أوكرانيا، المدعومة من الغرب، بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة تهدد الأمن القومي الروسي.

واستطردت أنطونيا: "في الوقت نفسه، تمثل الديون وبطالة الشباب مشاكل متزايدة في الصين (...) لهذه الأسباب، تحتاج الصين بشكل عاجل إلى التعامل مع الغرب لاستغلال الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا".

أوروبا وواشنطن 

و"تفضل أوروبا (مبدأ) عدم المخاطرة (بمعادة الصين)، فهي تقبل ضرورة المشاركة الاقتصادية مع الصين ولكنها تسعى إلى تقليل المخاطر عبر تنويع سلاسل التوريد وتعزيز الصناعات المحلية وصياغة أدوات سياسية لردع أو مواجهة الإكراه الاقتصادي الصيني، بينما تتبنى واشنطن نهج فك الارتباط عن اقتصاد الصين (منافسها الاستراتيجي)"، بحسب أنطونيا.

وأوضحت أن "فك الارتباط يسعى إلى تقليل أو حتى القضاء على الترابط الاقتصادي مع الصين باستخدام التعريفات والعقوبات وقيود الاستثمار وضوابط التصدير. ونظرا لتحالفها مع الولايات المتحدة وفي ضوء حرب أوكرانيا، يمكن لأوروبا أن تفكر في اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد الصين وأكثر انسجاما مع فك الارتباط".

وأضافت أن "الصين لا تزال بحاجة إلى استثمارات أمريكية وأوروبية لدفع نموها الاقتصادي، ولا يمكنها تحمل خسارة الوصول إلى كلا السوقين. وفي العام الماضي، كانت الولايات المتحدة ثاني أكبر مستورد للسلع الصينية، إذ شكلت أكثر من 15% من صادرات الصين، وكانت ثالث أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر بـ10% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين".

وفيما "كان الاتحاد الأوروبي أكبر سوق تصدير للصين (أكثر من 20% من الصادرات الصينية) وثاني أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر (15%)"، بحسب أنطونيا.

وأردفت أن "الصادرات تحافظ على نمو الاقتصاد الصيني، بينما يجلب الاستثمار الأجنبي رأس المال والتكنولوجيا لمساعدة الشركات الصينية على النمو وتصبح أكثر قدرة على المنافسة. ويعمل نحو ثلث القوة العاملة الصينية في التصنيع، وهو ما يمثل 20.5% من إجمالي صادرات الصين في 2021".

مخاطر صينية

ولعقود من الزمان، بحسب أنطونيا، "كان النمو الاقتصادي الصيني مدفوعا بصادرات التصنيع أو الاستثمار في المنشآت الصناعية لخدمة الأسواق الخارجية، وقد عززت الشركات الأجنبية أرباحها عبر الاستعانة بمصادر خارجية للصين، وفي هذه العملية تم إنشاء سلاسل إمداد جديدة ونما الاعتماد المتبادل".

وأضافت أن "البنوك التجارية والمستثمرون ساعدوا الشركات الناشئة في جمع رأس مال كافٍ لاكتساب وإعادة هيكلة منافسيها غير الأكفاء، مما يجعل قطاع الأعمال الصيني من بين أكثر القطاعات تنافسية في العالم".

واستدركت أنطونيا: "لكن منذ 2008، جعلت التنظيمات المالية الأكثر صرامة والفترة الطويلة من أسعار الفائدة المنخفضة المؤسسات المالية الكبرى أكثر حذرا، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر وقلت الأموال المتاحة للمشاريع المحفوفة بالمخاطر".

وأفادت بأنه "بالنظر إلى الاتجاه العالمي نحو مزيد من الحمائية والمستقبل غير المؤكد لعلاقات الصين الثنائية مع كل من الولايات المتحدة وأوروبا، تبدو المشاريع التجارية في الصين محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد".

وأضافت إلى ذلك "حرب أوكرانيا وتفكك وإعادة هيكلة بعض سلاسل التوريد العالمية أثناء الوباء (...)، كما أنه وسط الاضطرابات الجيوسياسية، تتسابق الدول لفتح أسواق جديدة وتطوير صناعات متطورة".

و"الاقتصاد الصيني أقل تطورا مما تشير إليه الأرقام الرسمية، مما يعني أن قدرته على النمو إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك محدودة. ولا يزال التأثير الكامل للوباء على المجتمع الصيني غير واضح"، بحسب أنطونيا.

وأضافت أن "الصين تحتاج ليس فقط المزيد من الوظائف ولكن المزيد من الوظائف ذات الأجور المرتفعة لمعالجة أوجه القصور الاقتصادي فيها"، مشدة على أن "بطالة الشباب لأنها تؤدي إلى مشاكل أخرى، مثل زيادة الجريمة وعدم الاستقرار الاجتماعي".

ورأت أن "كل هذا سيجعل القيادة الصينية أكثر استعدادا للعمل مع الأوروبيين لتوسيع التجارة، ولكن للقيام بذلك، تحتاج بكين إلى الوقوف ضد روسيا بشأن أوكرانيا واستيعاب الولايات المتحدة".

وقالت أنطونيا إن "واشنطن تحتاج إلى التأكد من أنها تخفف المخاطر التي تأتي من تدهور الاقتصاد الصيني، وبالتالي، فإن زيارة بلينكين ليست مجرد محاولة لإصلاح العلاقات مع الصين، بل هي أيضا خطوة نحو قياس نواياها، ومن خلال الزيارة، أوضحت واشنطن أنها تستطيع التفاوض".

وختمت بأنه "من المحتمل أن تكون الاضطرابات الداخلية الناتجة عن الظروف الاقتصادية السيئة قد أجبرت شي على الاجتماع مع بلينكين وإصدار بيان إيجابي حول المحادثات. وبالتالي، يبدو أن الزخم في صالح الغرب".

المصدر | أنطونيا كوليباسانو/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين الولايات المتحدة أوروبا استثمارات أسواق