ميدل إيست آي: هذا ما سيتعين على أمير قطر تحقيقه بعد عقد الأزمات والانتصارات

الأحد 25 يونيو 2023 08:00 م

سلّط أندرياس كريج، الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الدفاعية في جامعة "كينجز كوليدج" البحثية في لندن، الضوء على الدور الذي لعبه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد خلال عقده الأول في السلطة، للخروج ببلاده إلى بر الأمان عقب أزمات عالية المخاطر برزت له بعد أيام من توليه السلطة.

اعتبر كريج في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أنه سيتعين على أمير قطر مواصلة نهجه الحالي في إيجاد حل وسط للتحديات التي تواجه بلاده خلال عقده الثاني في الحكم، الذي سيبدأ في نهاية هذا الأسبوع.

وأوضح كريج أن الشيخ تميم الذي شكلته الأزمات والانتصارات خلال عقده الأول في الحكم، يتواجد في منطقة مضطربة مثل الخليج؛ "لذا سيتعين عليه الاستمرار في الانخراط الخارجي وتنفيذ الاستثمارات، وبالتالي عليه اجتياز اختبار الرأي العام المحلي بشكل متزايد وإرضاء النظرات المتشككة لجيران قطر".

ولفت إلى أن أمير قطر الذي تولي مقاليد الحكم في 25 يونيو/حزيران 2013، عندما كان يبلغ من العمر 33 عاما، وسط تشكيك في قدرته على ملء فراغ والده، يظهر الآن بين القادة الأكثر خبرة في الجيل القادم من أفراد العائلة المالكة الخليجية.

شتاء عربي

وذكر أن أمير قطر تولى الحكم في أعقاب اندلاع ثورات "الربيع العربي"، والتي وضعت وضع المنطقة عند مفترق طرق، وخلاله ابتعدت قطر عن الالتزام بنهجها السابق وهو الحياد والوساطة، وانخرطت في سلسلة من التحركات والنشاطات الإقليمية، وتركتها واشنطن والعواصم الأوروبية المترددة وحدها تواجه مصيرها.

وخلال تلك الفترة، دعمت قطر ثوار ليبيا وسوريا، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، لكن في مقابل ذلك وبعد أيام فقط من تولي تميم الحكم، قادت الإمارات ثورة مضادة جيدة التخطيط بدأت بالانقلاب في مصر في يونيو/حزيران 2013.

ولفت كريج إلى أن الجمود في سوريا وليبيا والانقلاب العسكري في مصر ترك دعم قطر غير المشروط للمنشقين والقوى المناهضة للاستبداد مكشوفا.

وفي ظل وجود زعيم شاب قليل الخبرة يحاول تعزيز سلطته في الدوحة، شعرت كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بوجود فرصة سانحة لإجبار الأمير الشاب على تقديم تنازلات بشأن القضايا التي فشلوا في السابق بدفع والده لتقديمها.

بغضون ذلك، أعلنت الدول الأربعة فرض حظر دبلوماسي على قطر في مارس/آذار 2014 يهدف إلى وضع قطر في "مكانها الطبيعي" كدولة صغيرة في الخليج كانت تتنقل تقليديًا جنبًا إلى جنب مع السعودية.

ودفع هذا الإجراء الأمير الشاب إلى إعادة تقييم جدوى موقف قطر من الربيع العربي الذي شهدته المنطقة قبل بداية حكمه، فضلا عن توحيد وتقوية الجبهة الداخلية.

كما دفع انخفاض أسعار النفط في عام 2014 الأمير الشاب لإعطاء أولوية أكثر للجبهة الداخلية على الالتزامات الخارجية التي يحتمل أن تكون محفوفة بالمخاطر.

واقعية وبراجماتية

لم تكن تكاليف قطر الغارقة (التي لا يمكن استردادها) سببًا كافيًا لاستمرار الأمير تميم في النهج القطري عقب اندلاع الربيع العربي؛ إذ كانت الواقعية والبراجماتية تشير إلى أن الوقت قد حان لقطر لتقليل دعمها الأحادي لثوار المنطقة.

بدلاً من ذلك، خلال العقد الماضي، كان على قطر أن تعود إلى المستقبل لإعطاء الأولوية للحلول المتعددة الأطراف التي تسخر إمكانات دورها كوسيط محايد، وكان ذلك واضحا في وساطتها بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية.

وفي حين كان يلقي زعماء الخليج اتهاماتهم على قطر، لم يحمل أميرها أي ضغائن وترك مجالا للمصالحة، وقال خلال مقابلة في 2017: "إذا ساروا هم باتجاهي مترًا، فأنا على استعداد للمشي نحوهم 100 ألف ميل".

وبينما أكسبه هذا التصريح الكثير من التأييد عالميا، فقد تبنى تميم في النهاية نهجا أكثر صلابة مما يوحي حديثه، إذ لم يتنازل عن موقفه وجعل جيرانه المقاطعين يتخذون الخطوات الأولى لإخراج أنفسهم من الفوضى التي صنعوها بأنفسهم.

توازن وتحديات

بعد 10 سنوات من حكم تميم، تتمتع قطر بأعلى مستوياتها، ونجحت في استضافة كأس العالم لكرة القدم، ولديها ثروة غاز غير مسبوقة، بينما يدخل الأمير تميم عقده الثاني في السلطة لاغتنام فرص جديدة من موقع قوة.

وذكر كريج أنه بعد أن تعلمت قطر الدرس من مخاطر التعرض المفرط والإرهاق من دعم ثوار الربيع العربي، تبرز الآن كشريك أكثر موثوقية ليس فقط للغرب، ولكن أيضًا للشرق والأهم في دول العالم الثالث (أفريقيا وأمريكا اللاتينية والبلدان النامية في أسيا).

ومع ذلك، فالدولة الخليجية لا تعمل بدون منافسين، بل على العكس هناك مجموعة من المنافسين الذين لا يتحدون سياسات قطر فحسب، بل يتحدون أيضًا إيمان تميم الشخصي بفرص الفوز.

وفي حين وفر المناخ الذي أعقب قمة العلا (التي شهدت المصالحة الخليجية) بعض الراحة اللازمة للدوحة، فمن غير المرجح أن يترك الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد المكيافيلي النفوذ القطري يتزايد دون معارضة.

وبينما اكتشف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي براجماتيته مع تميم وقطر في دور مصر الجديد كدولة "متسولة"، فمن غير المرجح أن يتطور هذا الوضع إلى صداقة حميمة.

من ناحية أخرى، قد يدفع احتدام المنافسة الإماراتية السعودية، محمد بن سلمان للبحث عن حليف جديد بأمير قطر، في الوقت الحالي.

من الناحية الجغرافية الاستراتيجية، فإن قرار الأمير بعد الحصار بوضع معظم بيض قطر في السلة الأمريكية، يتحدى الاتجاه الذي يرى فيه قادة الخليج الآخرون بأن مستقبلهم في الشرق (أي مع الصين وروسيا).

وخلص كريج إلى أنه سيتعين في النهاية على أمير قطر اتخاذ خيارات صعبة؛ حيث تبرز الصين كلاعب أكبر من أي وقت مضى في المنطقة وسط الافتقار المستمر للقيادة الأمريكية.

ومع ذلك، فإن سياسة واشنطن الفاشلة التي تعلي مصالح إسرائيل، قد توفر فرصًا لقطر وحاكمها، حيث تتحول الريح بقوة ضد التطبيع مع حكومة إسرائيلية عنصرية علنية.

كما أن الدعم الشخصي غير المشروط من قبل أمير قطر للفلسطينيين يمنحه دورًا قياديًا إقليميًا؛ على الأقل في نظر الجمهور العربي.

في حين أن الحصار فتح مساحة سياسية جديدة في قطر، فإن المشاركة المدنية والمجتمعية ستتطلب في النهاية المزيد من المشاركة السياسية، وكانت انتخابات مجلس الشورى هي خطوة في الاتجاه الصحيح.

المصدر | أندرياس كريج/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر أمير قطر ذكري تولي أمير قطر السلطة حكم أمير قطر مبايعة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد

الملك سلمان وولي عهده يهنئان أمير قطر بذكرى توليه الحكم