من الثورات إلى المصالحات.. هل تقترب نهاية حقبة ما بعد 2011؟

الثلاثاء 27 يونيو 2023 10:14 ص

اعتبر الكاتب والباحث البريطاني في العلاقات الدولية، كريستوفر فيليبس، أن حقبة ثورات  2011 العربية "تقترب الآن من نهايتها"، بحسب مقال في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد".

وأطاحت ثورات الربيع العربي بالأنظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا واليمن من بين دول عربية أخرى شهدت احتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية بينها سوريا والبحرين.

وقال فيليبس إن "التحولات الأخيرة في الدبلوماسية الإقليمية، من مصالحة تركيا مع خصومها الخليجيين، إلى انفراج السعودية مع إيران، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تشير إلى أن العلاقات في الشرق الأوسط تبتعد عن وجهة نظر حددتها إلى حد كبير تداعيات الربيع العربي".

واستشهد بـ"الانقلاب الذاتي للرئيس قيس سعيد في تونس عام 2021، أو إنقاذ روسيا لبشار الأسد (رئيس النظام) في سوريا عام 2015، والانقلاب العسكري ضد حكومة جماعة الإخوان المسلمين المنتخبة في مصر عام 2013، وتدمير (ساحة) "دوار اللؤلؤة" بالبحرين في مارس/ آذار 2011".

واستدرك: "لكن على الرغم من فشل الثورات، إلا أنها ألقت بظلالها الجيوسياسية الطويلة حيث ضغطت الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية من أجل نتائج مختلفة في الدول التي تأثرت بالاضطرابات، مما أدى إلى ظهور ثلاث كتل تحالف إقليمية فضفاضة: إحداها بقيادة السعودية والإمارات، وأخرى بقيادة إيران وحلفائها، وثالثة تضم تركيا وقطر".

3 كتل إقليمية 

و"كانت هذه الكتل الثلاث فضفاضة وبعيدة عن الاتساق الأيديولوجي في مقاربتها للربيع العربي، ووُصِفت السعودية والإمارات بأنهما تدعمان الثورة المضادة في جميع أنحاء المنطقة، لكن الرياض كانت تؤيد تغيير النظام في سوريا وشجعت مع أبوظبي على الإطاحة بمعمر القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن"، بحسب فيليبس.

وأردف: "وسعى كلاهما إلى منع الإخوان المسلمين من الوصول إلى السلطة في دول الثوررات، لكن مع فروق دقيقة، حيث تدعم الرياض حزب التجمع اليمني للإصلاح، جناح الإخوان في اليمن".

في المقابل، بحسب فيليبس، "دعمت تركيا وقطر المتظاهرين وفضلتا جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين الذين بدا أنهم على وشك الوصول إلى السلطة، لكن الدوحة كانت هادئة بشكل ملحوظ بشأن الثورة في البحرين (الدولة الخليجية) المجاورة".

وزاد بأنه "على الرغم من إدعاء إيران عباءة ثورية، لم تدعم سوى الثورات في الدول التي تعرض فيها حلفاء أعداءها السعوديون والإسرائيليون والأمريكيون للتهديد، مثل مصر، بينما دعمت حملات القمع التي شنتها الحكومات الحليفة الحالية مثل سوريا ولاحقا العراق ولبنان".

مصالحات عديدة

ووفاقا لفيليبس فإنه "غالبا ما تدعم إيران والسعودية وقطر لاعبين مختلفين في صراعات مسلحة أو سياسية لتحديد مشهد ما بعد 2011، وهذا هو السبب في أن التحولات الدبلوماسية الأخيرة مهمة للغاية وقد تشير إلى نهاية حقبة ما بعد 2011".

وتابع: "يمكن القول إنها (النهاية) بدأت مع انتهاء حصار قطر في يناير/ كانون الثاني 2021، مما فتح الطريق للمصالحة بين الدوحة والرياض وأبو ظبي، وشهد هذا بدوره دفء في علاقات تركيا، حليف قطر، مع السعودية والإمارات وتقترب من التقارب مع النظام في مصر".

وفي يونيو/ حزيران 2017، قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة واتهمت الدول الأربع بالسعي إلى مصادرة قراراها السيادي.

وأضاف فيليبس أن "التحول في المسار من كل من الإمارات والسعودية، إلى جانب المشاكل الداخلية لإيران، أدى إلى تحسن العلاقات بين الدول الثلاث، وبلغ الأمر ذروته باستعادة العلاقات بين الرياض وطهران، بوساطة الصين، في مارس/ آذار الماضي".

وأردف أنه "كما هو الحال مع تركيا ومصر، يبدو أنه يوجد قبول من جميع الأطراف لمشهد ما بعد 2011، حيث رحبت الرياض بسوريا حليف إيران وعودتها إلى جامعة الدول العربية، وربما يفتح الطريق أمام اتفاق تفاوضي بشأن اليمن".

وشارك الأسد في القمة العربية الأخيرة بالسعودية في 19 مايو/ أيار الماضي، للمرة الأولى منذ 2011 حين جمدت الجامعة مقعد سوريا؛ ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، مما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة.

وشدد فيليبس على أن "هذا لا يعني أن النزاعات التي اندلعت بسبب عام 2011 قد انتهت، فلا تزال ليبيا وسوريا واليمن بعيدة عن الحل، كما لا يعني أن الخصومات التي ميزت تلك الحقبة قد انتقلت إلى الماضي".

ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحلف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

و"ومع ذلك، قد يشير الوضع الراهن إلى أننا نتجاوز الوقت الذي يتم فيه تحديد الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط إلى حد كبير من خلال انتفاضات عام 2011 وردود فعل الدول عليها"، بحسب فيليبس.

المصدر | كريستوفر فيليبس/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشرق الأوسط ثورات الربيع العربي مصالحات حقبة ما بعد 2011

شرق أوسط متقلب.. خريطة لمخاطر محتملة تهدد المصالحات القائمة