مشروع قانون تداول المعلومات.. وسيلة جديدة للقمع في مصر

الخميس 6 يوليو 2023 11:09 ص

اعتبر تقرير نشره موقع "ميدل إيست مونيتور" أن مشروع قانون تداول المعلومات، الذي يستعد مجلس النواب المصري لتميره بإيعاز من رئيس البلاد عبدالفتاح السيسي، قد يعد وسيلة جديدة للقمع، قياسا إلى نصوصه ومصطلحاته التي توسع نطاق المعلومات التي يمكن اعتبارها سرية، إضافة إلى البيئة المحيطة للقانون.

وقال التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن مشروع القانون المثير للجدل يتضمن عدة مشاكل تتعلق بحرية الرأي والتعبير ، ومدى مصداقية البيانات الحكومية ، ومساحة الشفافية المتاحة في الحصول على المعلومات ، وسياسة الدولة في حجب المعلومات وحظرها وحظرها والعقوبات ذات الصلة في هذا الصدد.

ويزداد الترقب حول القانون، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقررة في أوائل 2024، مما يعطي القانون أهمية كبيرة فور صدوره، ويرافق ذلك مخاوف من تمرير فقرات تزيد من قيود المضايقات والقمع في عهد السيسي.

معوقات تداول المعلومات

ويلفت التقرير إلى نص المادة 68 من الدستور المصري لعام 2014، والتي تقول إن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية مملوكة للشعب ، والإفصاح عنها من مختلف المصادر حق تكفله الدولة لجميع المواطنين ، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين".

ويشير إلى أنه لمدة 10 سنوات، ظل النص الدستوري معلقًا ومتجاهلًا وغائبًا، ولم يوضع محتواه في إطار تشريعي يضمن صلاحيته ويلزم السلطات بتنظيم قضية تداول المعلومات وتقنينها.

وبدلاً من ذلك، أصبح الأمر يشبه الشبكة لمطاردة المعارضين، مع استخدام "تهمة جاهزة" لمقاضاتهم بذريعة "نشر أخبار كاذبة".

وتتفاقم الأمور بسبب قرارات منع النشر الصادرة عن سلطة التحقيق، وعدم وجود إطار زمني لذلك، وتنامي تأثير ما يعرف بـ "الهيئات السيادية"، مما يزيد من القيود على تداول المعلومات بحجة "السرية" أو للأمور التي تمس "الأمن القومي".

والخطير والمقلق هو استغلال هذه المصطلحات الفضفاضة المتعلقة بفرض حاجز من السرية على أي معاهدات يوقعها النظام المصري، أو صفقات بيع أصول مملوكة للدولة، كما أنه يخفي قضايا الفساد والرشوة، خاصة مع عدم وجود آلية للطعن في حظر النشر.

ومما يعزز هذه القيود وجود نظام تشريعي يتم توظيفه بشكل سلبي لإخفاء سياسات النظام الحاكم وقمع معارضيه، من خلال القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي يتضمن أحكامًا عدوانية تتعلق بتداول المعلومات عبر الإنترنت.

ويلفت "ميدل إيست مونيتور" إلى "ترسانة" من القوانين التي تقيد تداول المعلومات، مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، السالف ذكره، والقانون 180 لسنة 2018 بشأن حرية الصحافة والإعلام ، الذي يقيد حق الصحفيين في تداول المعلومات إذا كانت سرية بطبيعتها، وهو مصطلح فضفاض، وقانون المطبوعات رقم 20 لعام 1936، والذي لا يزال ساري المفعول حتى الآن، وهو النواة التشريعية التي بنيت عليها القوانين التي تقيد تداول المعلومات والمطبوعات وعرضها من خلال فرض رقابة مركزية من قبل وزارة الداخلية على المطبوعات والنشر.

هناك أيضا القانون رقم 356 لسنة 1954 بشأن إنشاء دار التوثيق المصري ، والقانون 121 لسنة 1975 بشأن حفظ الوثائق الرسمية للدولة وتنظيم طريقة نشرها ، قانون العقوبات 58 لسنة 1937. بتعديلاته المختلفة ، وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.

مصطلح "الأمن القومي"

ويلفت التقرير إلى تأكيد مختصين حول وجود حاجة ملحة لإعادة تعريف مصطلح "الأمن القومي"، وهو مصطلح واسع يتم تفسيره وفقًا لأوامر السلطة، وهي عقبة أمام إفشاء المعلومات، وهو ما أشارت إليه مواد مشروع القانون عندما سمحت برفض طلب الكشف عن المعلومات إذا كان هذا الكشف "يعرض الأمن القومي للخطر".

الأمر يشمل البيانات والمعلومات المتعلقة بالأسرار التجارية والصناعية، والمتعلقة بالمفاوضات التجارية، والتي قد تسمح في المستقبل، بحسب المشروع، بعرقلة كل ما يتعلق بالأنشطة الصناعية والتجارية وأطراف المفاوضات التجارية التي تجريها الحكومة.

وفي مقال نشر في جريدة الشروق بعنوان "الحق في المعلومات أم حجب المعلومات؟"، كتب الأكاديمي المصري خالد فهمي أستاذ التاريخ بجامعة كامبريدج ساخرًا، قائلا إن "التوسع في تعريف الأمن القومي جعل يمكن للجهات الأمنية أن تعتبر الكشف عن عدد علب السردين المعروضة في السوق تهديدا للأمن القومي!".

كما يستثني مشروع القانون جهاز المخابرات العامة والعسكرية من الخضوع له، حيث يسمح لهما بمضاعفة فترة حجب المعلومات "الحساسة" ، وهي مدة مرنة ، من 25 عامًا إلى 50 عامًا ، وهي فترة طويلة تلغي الحق في تداول المعلومات وقد تكون يعني التستر على الجرائم الخطيرة. قد يؤدي هذا إلى هروب المسؤولين مباشرة عن الأعمال الواردة في تلك الوثائ، بحسب التقرير.

انتقادات نقيب الصحفيين

ويقول التقرير إن نقيب الصحفيين خالد البلشي وجه انتقادات إلى القانون، خلال حضور جلسة الحوار الوطني التي كانت مخصصة لمناقشته في يونيو/حزيران الماضي، مؤكدا أنه "لا يمكن الحديث عن قانون لحرية تداول المعلومات ، في حين أن الفضاء العام يحكمه تشريع يحجب المعلومات ويغلق وسائل تداولها ، بما في ذلك المواقع الصحفية".

وينقل "ميدل إيست مونيتور" عن مسؤول تحريري بصحيفة مصرية، رفض ذكر اسمه، قوله إن سياسة الدولة في حجب مئات المواقع الإلكترونية تقوض مشروع القانون برمته ، مشيرًا إلى أن حجب المعلومات هو الوضع الراهن ، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الكبرى ، الأموال والشؤون الخاصة وصفقات السلاح والوضع في سيناء وطبيعة الدور المصري في ليبيا والسودان.

ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي كانت تجري فيه المناقشات داخل جلسات الحوار الوطني حول مشروع القانون، حجبت السلطات المصرية موقعي "مصر 360" و " The Fourth Estat"، الأمر الذي أثار شكوكاً حول جدية نظام السيسي فيما يتعلق بتوفير الحق في المعلومات، وقلقا متزايدا من أن وسيلة جديدة للقمع على وشك أن يتم تمريرها تحت غطاء قانوني.

المصدر | محمد حسن - ميدل إيست مونيتور/ ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مشروع قانون تداول المعلومات حجب المواقع حرية الصحافة القمع في مصر