شركة بترول تقود الصناعة الخضراء.. الإمارات تتطلع إلى مكاسب ضخمة من إزالة الكربون

الأربعاء 26 يوليو 2023 10:02 م

سلط الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جيمي إنجرام، الضوء على تطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المكاسب الاقتصادية لإزالة الكربون من الصناعة، مشيرا إلى أن الدولة الخليجية تركز بشكل واضح على تقليل الانبعاثات من القطاعات التي يصعب تخفيفها، مثل الصناعات الثقيلة.

وذكر إنجرام، في تحليل نشره بموقع "معهد دول الخليج العربية بواشنطن" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الإمارات أعلنت، مع الكشف عن استراتيجيتها المحدثة للطاقة 2050 والإستراتيجية الوطنية للهيدروجين المصاحبة لها في 4 يوليو/تموز، عن خطط لخفض استهلاك الطاقة من القطاعات كثيفة الاستهلاك بنسبة 40% بحلول منتصف القرن.

وخلال الإعلان، قال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، سهيل المزروعي: "أخذنا على عاتقنا مهمة تحديث استراتيجية الطاقة الإماراتية 2050 لتسريع انتقال الطاقة وزيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة لدينا لتصبح محايدة مناخياً بحلول عام 2050 والمساعدة في تحقيق رؤيتنا للتنمية المستدامة".

 وبينما يرى مراقبون أن سياق هذه الاستثمارات يتعلق بمخاوف بيئية بحتة، أوضح المزروعي أن الإمارات تعتبرها خطوة براجماتية اقتصادية، باعتبار أن "تحقيق انتقال قوي للطاقة يمثل رافعة للاقتصاد الوطني ومساهم رئيسي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد".

وهنا يلفت إنجرام إلى أن الإمارات تسعى للاستفادة من الفرص التي توفرها هذه التغييرات الجذرية وتتجه نحو أهداف أكثر طموحًا بكثير من مجرد "تدعيم مستقبل اقتصادها".

وقال طارق الهاشمي، مدير إدارة تبني التكنولوجيا في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، إن بلاده "تخطط لقيادة الصناعات الخضراء في المستقبل"، وأكد أن النمو الاقتصادي وإزالة الكربون والعمل المناخي لا يستبعد أحدهما الآخر قائلا: "يمكننا الحصول على كليهما في نفس الوقت".

ووصف وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، سلطان أحمد الجابر، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي (أدنوك) والرئيس المعين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" في دبي، تحول الطاقة بأنه يمثل عائدات "بعدة تريليونات من الدولارات".

وبالنظر إلى حجم الفوائد الاقتصادية المحتملة، فليس من المستغرب أن تدفع الإمارات لتأمين ميزة صدارة تحول الطاقة في العالم، بحسب إنجرام، مشيرا إلى أن المفاجأة، في هذا السياق، تتمثل في اختبار أدنوك لبعض الركائز الأساسية باستراتيجية الصناعات الخضراء.

وفي إطار استثمار الإمارات بكثافة في توليد الطاقة منخفضة الكربون من خلال مرافق الطاقة الشمسية والنووية، أعلنت شركة أبوظبي للماء والكهرباء، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنها وقعت شراكة استراتيجية للطاقة النظيفة مع أدنوك.

وبصفتها شركة نفط حكومية في أبوظبي، فإن الشركة هي المشتري الوحيد للكهرباء من محطات توليد الطاقة في الإمارة قبل تزويدها للمستخدمين النهائيين.

ويأتي قرابة 25% من الكهرباء بشبكة أبوظبي من المنشآت النووية والشمسية منذ عام 2022، فيما أنتجت محطات الطاقة الشمسية أكثر من 8% من كهرباء دبي في عام 2022، ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم هذا العام بسبب السعة الجديدة التي تم تشغيلها في الأشهر الأخيرة.

ويرى إنجرام أن اتفاقية "أبوظبي للماء والكهرباء – أدنوك" ذات "قوة رمزية" بالنظر إلى أن اقتصاد أبوظبي قد تم بناؤه على خلفية الطاقة الوفيرة منخفضة التكلفة المستمدة من إنتاج النفط والغاز في أدنوك.

وتسمح الاتفاقية لأدنوك بالتركيز على النطاق منخفض الانبعاثات نسبيا من عملياتها، رغم أن سوق منتجات النفط والغاز "الأنظف" هذه غير مطور حاليًا.

وسيكون مفتاح تطوير هذه الأسواق بمثابة تطوير لمعايير الانبعاثات التي يمكن التحقق منها بشكل مستقل، وقد أعلنت أدنوك عن خطط للشراكة مع "سيمنز للطاقة" لتجربة تقنية "بلوك تشين" للتأكد من كثافة الكربون الناتجة عن عمليات الاستخراج والتكرير لمجموعة من منتجاتها.

إزالة الكربون

وفي السياق، قال الهاشمي: "أدركنا أنه من المهم العمل على إزالة الكربون من هذه الصناعات، خاصة الصناعات عالية الانبعاثات والقطاعات التي يصعب تخفيفها، مثل الصلب والألمنيوم والأسمنت، ونعتقد أنها تحتاج إلى إزالة الكربون حتى نبقى على المسار الصحيح ونصل إلى أهدافنا لعامي 2030 و 2050".

وأضاف: "هذا هو سبب تعاملنا مع الصناعة. نحن نضع الحوافز المناسبة والتدخلات السياسية الصحيحة لضمان أنها تتحرك في الاتجاه الصحيح".

وهنا يشير إنجرام إلى أن اتفاقية "أبوظبي للماء والكهرباء – أدنوك" تأتي بمثابة دليل على مفهوم إزالة الكربون من الصناعات الثقيلة في الإمارات، لافتا إلى أن المفاوضات جارية لتزويد مصانع شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" في أبو ظبي ودبي بالطاقة النظيفة.

وبمجرد تنفيذ هذا الترتيب، سيمكن للشركة تسويق "الألمنيوم الأخضر" للمشترين الحريصين على إثبات مؤهلاتهم البيئية.

وقد باعت الإمارات بالفعل شحنة من "الفولاذ الأخضر" لشركة BMW، باستخدام تعويضات الكربون لتلبية معايير الانبعاثات المطلوبة، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إنشاء أسواق للعروض منخفضة الكربون.

وبينما تدرس هذه الفرصة في الأسواق الناشئة، تخطط شركة "حديد الإمارات" لتطوير مصنع صلب أخضر، وذلك بعدما وقعت اتفاقية، في عام 2021، مع شركة طاقة في أبوظبي لاستكشاف تطوير مصنع هيدروجين صديق للبيئة "لتمكين تصنيع الفولاذ الأخضر ومنخفض الكربون، وتوفير الطاقة مع خلق عملية تصنيع مستدامة ونظيفة".

وأثار الدور المحتمل للهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة منخفضة الكربون ضجة في السنوات الأخيرة، لكن نقل الهيدروجين بكفاءة لا يزال يمثل عائقًا رئيسيًا أمام تطويره.

ويؤدي استخدام الهيدروجين الأخضر لإزالة الكربون من المنشآت الصناعية المحلية إلى تجنب مثل هذه المشكلات وهو استخدام أكثر كفاءة، بحسب إنجرام.

هناك تفاؤل بين الشخصيات الصناعية والمصرفيين بأن هناك سوقًا ناشئة للمنتجات الصناعية منخفضة الكربون وأن دولة الإمارات تسير على الطريق الصحيح للاستفادة منها على الرغم من سمعتها التقليدية باعتبارها دولة عالية الانبعاثات.

وحظيت استراتيجية الإمارات بتأييد حذر من صندوق النقد الدولي، والذي شجع على "مواصلة تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق أهداف التحول الأخضر الطموحة" بالدولة الخليجية.

وذكر الصندوق، في تقرير له، أن "الجهود الإماراتية الأخيرة لتوسيع الإيرادات غير الهيدروكربونية وتعزيز التمويل المستدام ستساعد في تقليل الاعتماد المالي على الهيدروكربونات بمرور الوقت، في حين أن تراكم الاستثمارات الخضراء في إطار برنامج الإصلاح سيخفف من مواطن الضعف على المدى الطويل لتغير المناخ وتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة".

وفي حين أن استراتيجية الطاقة المحدثة "الإمارات 2050" تمثل تطورا آخر مرحبا به، إلا أن الاستراتيجية نفسها تقدم القليل من التفاصيل حول الخطوات الملموسة التي ستتخذها الإمارات لتحقيق أهدافها.

ومع تحديد الاستراتيجية الفترة من 2023 إلى 2026 كمرحلة أولى، تكمل الحكومة خلالها "دراسة الإمكانات الرئيسية لتحويل قطاع الطاقة"، يرى إنجرام ضرورة تقديم المزيد من التفاصيل "عاجلاً وليس آجلاً".

ويؤكد الباحث بمعهد دول الخليج العربية بواشنطن أن الإمارات لديها القدرة على توسيع القطاعات الصناعية الأساسية، مثل إنتاج الألمنيوم والفولاذ، وأن المستويات العالية من الإشعاع الشمسي تجعلها مناسبة تمامًا لإنتاج الطاقة الشمسية وفي النهاية توليد الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن قيادتها السياسية تعطي الأولوية لتطوير المنشآت الصناعية الخضراء بوضوح.

ومع ذلك، سيتعين على الإمارات التغلب على تحديات السمعة باعتبارها دولة بترولية كثيفة الاستهلاك للطاقة إذا كانت تريد جذب الاستثمار الأجنبي والشركاء اللازمين لتوسيع قاعدتها الصناعية وإزالة الكربون منها.

وسيكون التحقق المستقل، والمواءمة التنظيمية مع الأسواق الناشئة الكبيرة للمنتجات منخفضة الكربون، سواء في أوروبا أو آسيا، أمرًا أساسيًا في إطار التغلب على تلك التحديات.

المصدر | جيمي إنجرام/معهد دول الخليج العربية بواشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات إزالة الكربون الصناعات الثقيلة الانبعاثات الطاقة الهيدروجين سهيل المزروعي

قيادة التحول الأخضر.. ريادة قطرية للنهوض بتكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه

لإنتاج مزيد من النفط.. مشاريع خليجية مكثفة لاحتجاز وحقن الكربون

بصافي انبعاثات صفرية.. أدنوك توقع عقودا لتطوير حقلي غاز بقيمة 17 مليار دولار

شراء الكربون.. مخاوف من تبعات سيطرة الإمارات على خُمس أراضي زيمبابوي