تساؤلات حول دور السعوديين الأصغر سنا في مستقبل العمل بالمملكة

الخميس 27 يوليو 2023 06:57 م

أثارت المراجعة التنازلية الكبيرة الأخيرة للتقديرات السكانية في السعودية الكثير من علامات الاستفهام، حول دور السكان السعوديين الأصغر سنا في وضع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للمملكة الخليجية.

فعلى الرغم من أن بيانات سوق العمل المأخوذة من تعداد 2022 لا تزال قيد النشر، ولكن بمجرد إصدارها يمكن أن يكون لها آثار مهمة على الأهداف المركزية لرؤية السعودية 2030، وفق ما ذكر تحليل معهد "دول الخليج العربية" في واشنطن، وترجمه "الخليج الجديد".

ونُشرت البيانات الأولية من تعداد السعودية لعام 2022 في نهاية مايو/أيار، وكان العنوان الرئيسي هو أن عدد السكان الذين يعيشون في المملكة أقل بكثير مما كان يعتقد سابقًا.

وفي حين أن التقديرات السكانية المنخفضة قد أثارت بعض ردود الفعل السلبية (غالبًا ما يُنظر إلى العدد الأكبر على أنه أفضل)، إلا أن ما تم إغفاله هو أن انخفاض عدد السكان يعني ضغطًا أقل على البنية التحتية، ويضع بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في ضوء أكثر ملاءمة.

ويوفر تعداد 2022، الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء (حكومية) معلومات محدثة وشاملة عن السكان السعوديين، وتكوين الأسر، ومخزون المساكن، كما تم جمع بيانات عن التعليم والصحة والهجرة وسوق العمل سيتم إصدارها لاحقًا.

ويقدر التعداد إجمالي السكان (سعوديين وغير سعوديين) الذين يعيشون في المملكة بنحو 32.2 مليونا عام 2022، حيث شكل عدد السعوديين 58.4% منهم ما يعادل 18.8 مليون نسمة، وغير السعوديين 41.6% ما يعادل 13.4 مليون نسمة.

وقد أخذت الهيئة العامة للإحصاء المعلومات في تعداد 2022 لمراجعة تقديراتها للسكان في السنوات السابقة، حيث تم استخدام بيانات تعداد 2010 جنبًا إلى جنب مع تقديرات المواليد والوفيات وصافي تدفقات الهجرة لتقدير عدد السكان.

وبعد هذه المراجعات، يقدر عدد السكان في عام 2021 بـ30.8 مليونا.

ونما عدد السكان في السعودية من 23.98 مليونا في عام 2010، إلى 32.18 مليونا في عام 2022، فيما نما عدد السكان السعوديين من 14.05 مليونا إلى 18.79 مليونا، ونما عدد السكان غير السعوديين من 9.93 مليونا إلى 13.38 مليونا نسمة.

ومن المثير للاهتمام، أن عدد السكان السعوديين في سن العمل (15 سنة وما فوق) قد انخفض بشكل كبير، حيث يقدر أن ما يقرب من 35% من المواطنين السعوديين تقل أعمارهم عن 15 عامًا، في عام 2022 مقارنة بـ30% في تقديرات عام 2021.

وذكرت التقديرات أن متوسط العمر للسكان في السعودية بلغ 29 عاماً، فيما بلغ متوسط العمر للسعوديين 25 عاماً، وبلغت نسبة السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً 63% من إجمالي عدد السعوديين.

كما أن هناك تغيير طفيف في تقدير عدد غير السعوديين الذين كانوا يعيشون في المملكة في عام 2021 (على الرغم من أن تركيبة الجنس قد تغيرت مع وجود عدد أكبر بكثير من الذكور وعدد أقل من الإناث تم الإبلاغ عنه الآن).

وبلغ عدد الذكور في السعودية 19.7 مليونا، بنسبة 61%، فيما بلغ عدد الإناث 12.5 مليونا بنسبة 39%.

لأول مرة يتم تقديم صورة مفصلة عن جنسيات غير السعوديين. ويشكل مواطنو بنجلاديش والهند وباكستان 44٪ من الإجمالي ، بينما يمثل مواطنو البلدان التي تشهد صراعات (السودان وسوريا واليمن) 23٪.

على الرغم من التنقيحات النزولية، لا يزال النمو السكاني كبيرًا.

فمنذ عام 2010، زاد عدد السكان الذين يعيشون في السعودية بنحو الثلث (من 24 مليونًا إلى ما يزيد قليلاً عن 32 مليونًا في عام 2022).

ومع ذلك، منذ عام 2017، تباطأ النمو السكاني إلى متوسط 0.8% فقط سنويًا، مع انخفاض عدد غير السعوديين بشكل كبير من 14.6 مليونا في عام 2016 إلى 13.4 مليونا في عام 2022، مع تشديد سياسات السعودة وتأثير وباء فيروس "كورونا".

وهذا هو أول تعداد سكاني منذ عام 2010، ومن المؤكد أن تقنيات الإحصاء وجمع البيانات الجديدة والرقمنة الأكبر قد حسنت دقة التقديرات في السنوات الفاصلة.

ومع ذلك، ليس من الواضح لماذا ستؤدي هذه التحسينات إلى تقديرات سكانية أقل وليس أعلى.

وفي حين أنه من السهل التكهن بصعوبة قياس السكان غير السعوديين بدقة (قد يكون من الصعب الحصول على ردود من المغتربين على الاستطلاعات نظرًا للصعوبات اللغوية أو الرغبة في البقاء تحت الرادار)، إلا أنه ليس من الواضح سبب قيام المواطنين السعوديين بذلك.

ووفق التحليل، تم المبالغة في تقديرها بشكل كبير في الماضي، وليس من الواضح ما إذا كان هذا بسبب الحساب المزدوج للمواطنين الذين يمتلكون منازل متعددة أو الأطفال البالغين الذين يعيشون بعيدًا عن منازلهم في التعداد السابق.

فيما أثار مدى التنقيحات تساؤلات حول مصداقية تقديرات التعداد، حتى بات من المهم أن توضح السلطات أسباب التنقيحات الكبيرة لإزالة أي مخاوف بشأن جودة البيانات.

وتقول السلطات السعودية، إن "هذا التعداد هو الأكثر شمولية والأعلى دقة، حيث تم إجراء مليون مكالمة هاتفية، و900 ألف زيارة ميدانية إضافية وتم استخدام 200 مؤشر لتأكيد دقة البيانات و5 مصادر للبيانات".

فيما يقول التحليل إنه تم تقديم القليل من التفسيرات من قبل السلطات الإحصائية لتقديرات السكان الأقل.

ويمكن النظر إلى عدد أقل من السكان على أنه سلبي، لا سيما إذا كان حجم السكان مساويًا للقوة السياسية والاقتصادية.

ويضيف: "إن المراجعة التنازلية لمستوى السكان ومعدل النمو البطيء في السنوات الأخيرة تعني أن الوصول إلى 50 مليون نسمة الذي اقترحه قادة البلاد سيكون أكثر صعوبة".

ومع ذلك، من منظور العديد من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، فإن انخفاض عدد السكان له تأثير إيجابي، حيث سيتم تقليل الطلب على البنية التحتية الحالية والضغط لبناء بنية تحتية جديدة بسبب انخفاض عدد السكان.

كما أن أي مؤشر اقتصادي يظهر من حيث نصيب الفرد (أي مقسومًا على حجم السكان) سيكون الآن أعلى.

ويقدر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، والذي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه وكيل للرفاهية الاقتصادية لبلد ما، بنحو 34500 دولار في عام 2022، أي أعلى بنسبة 8% مما كان يُعتقد سابقًا.

وهذا يعزز مكانة المملكة السعودية في جدول الدوري العالمي لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من المرتبة 36 إلى المرتبة 29.

في المقابل، سوف تتأثر مؤشرات سوق العمل، ويبدو أن هناك طريقتين عريضتين يمكن أن تتأثر بها:

أول هذه الطرق، هي أنه يمكن أن ترتفع نسب العمالة إلى عدد السكان ومعدلات المشاركة في قوة العمل (نسبة السكان في سن العمل الذين هم موظفون أو عاطلون عن العمل ويبحثون بنشاط عن وظيفة).

وذلك لأن عدد السكان في سن العمل المقدّر أصبح الآن أصغر.

وما لم تنخفض تقديرات العاملين والعاطلين عن العمل بهامش مماثل للسكان في سن العمل، فإن هذه النسب سترتفع.

وقد تكون هذه التغييرات كبيرة، وقد يكون معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة 42% بدلاً من 34% في منتصف عام 2021.

أما ثاني هذه الطرق، فقد تنخفض تقديرات عدد العاملين والعاطلين عن العمل، حيث تستند تقديرات "مسح القوى العاملة" على عينة دورية من الأسر، وستعكس هذه العينة الآن نسبة أعلى من السكان في سن العمل في أي وقت.

وبالتالي، وفق التحليل، هناك حاجة إلى "توسيع" أقل لتعكس الحجم الفعلي للسكان في سن العمل.

وقد يعني انخفاض مستوى التوظيف أن تقديرات إنتاجية العمل سترتفع (المستويات، وليس معدلات النمو)، حيث ستنتج السعودية ناتجًا لكل عامل أكثر مما كان يُعتقد سابقًا.

ويختتم التحليل بالقول: "من المرجح أن تنتظر مراجعات إحصاءات سوق العمل حتى يتم نشر بيانات التعداد المتبقية، ولكن يمكن أن يكون لهذه المراجعات آثار مهمة حيث أن ارتفاع معدلات مشاركة السعوديين في القوى العاملة، وخاصة النساء السعوديات، والاقتصاد الأكثر إنتاجية هي أهداف مركزية لرؤية 2030".

وتنكب السعودية منذ سنوات على حملة إصلاحات اجتماعية لتخفيف القيود المفروضة على النساء، إذ سمحت لهن بقيادة السيارات ودخول معظم قطاعات سوق العمل بل وإرسال أول امرأة إلى الفضاء.

وتنتهج المملكة سياسات انفتاح اجتماعي، وأخرى ترمي إلى تنويع اقتصادها المرتهن للنفط، منذ وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في العام 2017.

وتعمل المملكة على الاستثمار في قوتها البشرية والدفع بالشباب إلى المناصب القريبة من صنع القرار في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية.

المصدر | معهد "دول الخليج العربية" في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وظائف رؤية السعودية سوق العمل السعودية بن سلمان