التنافس الأمريكي الصيني وطالبان والحرب الأوكرانية وراء التعاون الخليجي مع دول آسيا الوسطى

الجمعة 4 أغسطس 2023 07:42 م

اعتبر ايجاز واني زميل برنامج الدراسات الإستراتيجية في مؤسسة الأوبزرفر للبحوث، أن التعاون الناشئ بين دول مجلس التعاون الخليجي الست ودول آسيا الوسطى الخمس يأتي مدفوعا بالخوف من تداعيات النظام العالمي الهش، والتنافس الأمريكي الصيني المتصاعد والحرب الروسية الأوكرانية إضافة إلى ظهور حركة طالبان.

وذكر أن تلك العوامل أشعلت اهتمام دول العالم وفي مقدمتهم دول الخليج (السعودية الإمارات البحرين قطر سلطنة عُمان الكويت) بدول آسيا الوسطى (أوزبكستان، وكازاخستان، وطاجيكستان، وقرغيزيا، وتركمانستان).

واستشهد باستضافة مدينة جدة السعودية في 19 يوليو/ تموز 2023 قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع دول آسيا الوسطى برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأشار إلى أن القمة تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية والاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى الخمس على أساس القيم المشتركة والعلاقات التاريخية العميقة والمصالح المشتركة.

ولفت إلى القوى الدولية عازمة على ليس فقط على حماية نفوذها ومصالحها في هذه المنطقة الحاسمة من العالم (آسيا الوسطى) ولكن حتى على مواجهة بعضها البعض في القضايا المتنازع عليها.

في الأشهر الثلاثة الماضية، سلطت قمة الصين وآسيا الوسطى المنعقدة في شيان بالصين، وقمة الاتحاد الأوروبي ووسط آسيا في شولبون آتا في قرغيزستان، الضوء على المصالح المهمة التي تتمتع بها القوى المختلفة في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التنافس المكثف بين الصين والولايات المتحدة، في حين أنه يضر بالمشاكل العالمية مثل الإرهاب والإسلاموفوبيا والتطرف والصراعات المسلحة، قد خلق أيضًا بيئة جيوسياسية متوترة.

بالنظر إلى هذه التحديات الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية، تحاول قمة دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا الوسطى إقامة شراكة جديدة للتخفيف من الأثر الإقليمي للمنافسة الناشئة بين القوى العظمى.

في المقابل، أجبرت الحرب الروسية الأوكرانية الجارية دول آسيا الوسطى الخمس على إعادة التفكير في سياستها الخارجية فيما يتعلق بالسيادة والسلامة والاستقرار.

ووفق واني فإن هذه الدول تتطلع إلى البحث عن مستثمرين دوليين لمشاريع البنية التحتية الضخمة لتنويع اقتصادهم وتجارتهم وإنشاء اتصال بين المناطق وداخلها.

حتى الآن، عملت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بشكل مستقل عن بعضها البعض في دول آسيا الوسطى الخمس، من خلال الاستثمارات في الطاقة والثقافة.

استثمرت المملكة العربية السعودية في كازاخستان، في الآونة الأخيرة، حصلت أوزبكستان أيضًا على استثمارات بقيمة 14 مليار دولار أمريكي من الرياض في الزراعة والأدوية والنقل وتكنولوجيا المعلومات وما إلى ذلك.

واستثمرت الإمارات في البنية التحتية في كازاخستان، والنفط في تركمانستان، ووقعت اتفاقية بقيمة 10 مليارات دولار مع أوزبكستان للتوزيع وتوليد الطاقة.

من ناحية أخرى، تبرعت دولة قطر بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لبناء مسجد في طاجيكستان.

ومع ذلك، مقارنة بالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بعلاقات تجارية واستثمارية لا تذكر مع جيرانها في الشمال الغربي.

على سبيل المثال، في عام 2021، كانت التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى بحد أدنى 3.1 مليار دولار أمريكي، مقارنة بـ 70 مليار دولار أمريكي مع الصين في عام 2022.

قدم طريق الحرير القديم قناة للتلاقي التجاري والثقافي، وبناء العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي.

طريق الحرير القديم هو خط المواصلات البرية القديمة الممتد من الصين وعبر مناطق غرب وشمال الصين وآسيا كلها إلى المناطق القريبة من أفريقيا وأوروبا، وبواسطة هذا الطريق كانت تجري التبادلات الواسعة النطاق من حيث السياسة والاقتصاد والثقافة بين مختلف المناطق والقوميات

وقد أعربت دول التعاون الخليجي وآسيا الوسطى عن الحاجة الملحة لسلاسل التوريد المرنة والأمن الغذائي وأمن الطاقة، كما شددوا على روابط النقل والاتصالات الفعالة لتسهيل التجارة والتجارة.

في الآونة الأخيرة، أعادت السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية، مما قد يؤدي إلى إعادة تنظيم سياسي ودبلوماسي كبير في غرب آسيا وزيادة دعم العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى الخمس.

ورأي واني أن هذا الذوبان الدبلوماسي في غرب آسيا يمكن أن يعزز تطوير ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب عبر آسيا الوسطى وميناء تشابهار الذي تقوده الهند في مقاطعة سيستان-بلوشستان الإيرانية.

في قمة جدة، حاولت دول مجلس التعاون الخليجي إضفاء طابع رسمي على نهج موحد تجاه دول آسيا الوسطى الخمس على أساس الروابط التاريخية، بما في ذلك القيم الراسخة بعمق، والتراث الثقافي، والمعتقدات الدينية.

تستند المعتقدات الدينية المشتركة بين المنطقتين إلى كتاب صحيح البخاري، لصاحبه محمد بن إسماعيل البخاري الذي يعد من أهم علماء الحديث عند أهل السنة والجماعة، ومسقط رأسه مدينة

بخاري، وموقعها الحالي في أوزبكستان.

في القمة، سلط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الضوء على تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول أسيا الوسطى الخمس باعتباره محوريًا للأمن والاستقرار الإقليميين.

وأكد القادة المجتمعون في القمة على "احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي وعدم التدخل في شؤونها الداخلية" وحماية النظام العالمي القائم على ميثاق الأمم المتحدة.

ودعوا إلى مزيد من التآزر في منظمة التعاون الإسلامي لتأمين سلاسل إمدادات غذائية موثوقة للبلدان المحتاجة في العالم الإسلامي خلال التحديات الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية الحالية وكذلك بسبب تغير المناخ.

وذكر واني أن التنافسات الجيوسياسية العالمية الحالية عززت المنظمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة وأدت إلى ظهور فروع مثل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان (ISKP)

بعد سيطرة طالبان على السلطة أفغانستان، شن تنظيم الدولة الإسلامية في كوسوفو هجمات صاروخية على دول آسيا الوسطى من منطقة أفغانستان وباكستان.

في 18 أبريل/ نيسان2022، أطلق تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان 10 صواريخ كاتيوشا باتجاه القاعدة العسكرية في تيرمي، أوزبكستان.

بالمثل، في 7 مايو/ أيار 2022، أطلقت المجموعة سبعة صواريخ من منطقة خواجة غار الأفغانية باتجاه قواعد عسكرية غير محددة في طاجيكستان.

 ونتيجة لذلك، وأعرب القادة المجتمعون بجدة في بيان مشترك في ختام القمة عن عزمهم دعم الجهود الإقليمية والعالمية لمكافحة الإرهاب والتطرف ومصادر تمويلهما.

كما أعربوا عن قلقهم الشديد إزاء تصاعد خطاب العنصرية وكراهية الإسلام في شكل التعصب والعنف ضد الأقليات المسلمة والرموز الإسلامية؛ على سبيل المثال حرق المصحف في السويد والدنمارك.

يعد التعاون المتزايد بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى تطورًا مهمًا للمنطقة، لا سيما عندما تكون التحالفات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، بعيدة كل البعد عن تقديم أي تدابير متضافرة من أجل السلام الإقليمي والعالمي.

ومع ذلك، لكي يزدهر التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا الوسطى، يجب على دول آسيا الوسطى الخمس أولاً معالجة خطوط الصدع الداخلية مثل النزاعات الحدودية، والاحتجاجات ضد الحكومة التي اتسعت في العامين الماضيين.

وشدد واني أن التقارب داخل دول آسيا الوسطى الخمس يعد شرطًا مسبقًا للسلام والازدهار والأمن الإقليمي.

وخلص واني إلى أنه يمكن للصين وروسيا، اللتين تتمتعان بمشاركة أقوى بكثير مع كل من آسيا الوسطى الخمس ودول مجلس التعاون الخليجي، أن تلعبا دورًا مهيمنًا في أي تعاون إقليمي، سواء كان جيوستراتيجيًا أو جغرافيًا اقتصاديًا.

المصدر | ايجاز واني/ مؤسسة أوبزرفر للأبحاث- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى الخمس تنظيم الدولة فى خراسان طالبان التنافس الأمريكي الصيني

عامان على حكم طالبان لأفغانستان.. ماذا تغير وكيف تعامل العالم والخليج مع كابل؟

كيف تعزز القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى من المنافسة في المنطقة؟

دول الخليج على خطى القوى العالمية في الهرولة نحو آسيا الوسطى.. كيف ولماذا؟

عبر ممر زانجيزور.. هكذا تغير تداعيات الصراع بين أرمينيا وأذربيجان ميزان القوى بآسيا الوسطى