من وحي قمة جدة.. لماذا يتزايد اهتمام السعودية بأوكرانيا؟

الخميس 24 أغسطس 2023 11:35 ص

نجحت السعودية في تحويل انتباه العالم إلى المحادثات التي استضافتها جدة لمفاوضات بين أوكرانيا ودول غربية ودول نامية، في  غياب روسيا، ولعب نفوذ الرياض دورا في إضفاء حضور مميز لدول الجنوب العالمي في تلك المحادثات، وهو ما يعكس اهتماما متصاعدا من المملكة بأوكرانيا، على حساب علاقاتها مع روسيا.

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه ديفيد كيريتشينكو ونشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، معتبرا أن تجمع جدة سلط الضوء على نفوذ المملكة العربية السعودية المتزايد، ويشير إلى الدعم العالمي المتزايد لأوكرانيا.

لم يحدث تورط السعودية في الشؤون الأوكرانية بين عشية وضحاها، وتعود علاقة المملكة مع أوكرانيا إلى عام 1991 عندما حصلت الأخيرة على استقلالها عن الاتحاد السوفييتي.

وفي عام 2000، أبدت السعودية اهتماماً أكبر بتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في القطاعين الزراعي والاقتصادي.

الشراكة السعودية الأوكرانية

ويقول الكاتب إن الشراكة الوثيقة مع أوكرانيا تتوافق بشكل جيد مع رؤية الحكومة السعودية 2030، وهي استراتيجية تركز على تنويع اقتصاد البلاد وتعزيز الصادرات غير النفطية.

وتمثل براعة أوكرانيا الزراعية فرصة للمملكة لمعالجة المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي، حيث تعتمد السعودية بشكل كبير على استيراد جزء كبير من إمداداتها الغذائية من الخارج.

ومفتاح ذلك هو الشراكة القوية مع أوكرانيا، التي كانت ثاني أكبر مورد للقمح للمملكة في عام 2021.

والعلاقة مع أوكرانيا أسهل بكثير في إدارتها من العلاقة مع روسيا.

فالأخيرة تحمل الكثير من الأمتعة الدبلوماسية من حربها في أوكرانيا ونقص الإخلاص من الجانب الروسي، خاصة فيما يتعلق بالتعاون النفطي.

الأمن الغذائي السعودي

ويرى الكاتب أن الجهود المستمرة التي تبذلها روسيا لحصار صادرات الحبوب الأوكرانية تهدد الأمن الغذائي - ليس فقط بالنسبة للسعودية، بل وأيضاً بالنسبة للملايين من الناس في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا - وهي في مقدمة اهتمامات صناع السياسات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.

تعاون عسكري

وهناك أيضا تعاون عسكري طموح بين السعودية وأوكرانيا.

وبحسب ما ورد تم تمويل تطوير الصاروخ الباليستي قصير المدى Hrim-2 في أوكرانيا سراً من قبل السعودية باستثمار قدره 40 مليون دولار، وفي المقابل، حصلت المملكة على إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا الصواريخ المهمة التي عززت مكانتها كشريك دفاعي مهم لأوكرانيا، حيث أصبحت المملكة مستوردًا رئيسيًا للأسلحة الأوكرانية.

وبعد أن توحدت السعودية وروسيا في مضمار خفض إنتاج النفط، لدرجة أثارت توترات بين واشنطن والرياض، ظهرت الآن علامات التوتر بين الرياض وموسكو، وتشير التقارير إلى أن روسيا تجاوزت مستويات إنتاج النفط المتفق عليها، مما تسبب في الإحباط والاستياء بين السعوديين.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، تعاون قادة البلدين بشكل وثيق لفرض سيطرتهم على سوق النفط العالمية.

وتمحور التحالف النفطي السعودي الروسي حول الأهداف المشتركة المتمثلة في تعزيز أسعار النفط وتعظيم عائدات التصدير.

توتر سعودي روسي

لكن الوضع تغير بشكل كبير مع الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، حيث غيرت الحرب ديناميكيات العلاقة بينهما، وتبدو روسيا الآن أكثر استعدادا لقبول انخفاض أسعار النفط لزيادة مبيعاتها من النفط، وخاصة لكبار المستهلكين مثل الصين والهند.

وتعتبر الإيرادات الإضافية ضرورية لقدرة روسيا على تمويل جهودها الحربية المستمرة.

ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى مزيد من التوتر في المستقبل بين روسيا والسعودية، يقول الكاتب.

وكانت المملكة العربية السعودية وروسيا أيضًا على طرفي نقيض في الحرب الأهلية السورية، حتى استسلمت الرياض للأمر الواقع وأعادت العلاقات مع بشار الأسد.

ويخلص الكاتب إلى أن الدور المتزايد للسعودية في الشؤون الأوكرانية يشير إلى اتجاه أوسع لدول الشرق الأوسط التي تسعى إلى تنويع تحالفاتها، حيث أدركت دول المنطقة أهمية عدم الاعتماد فقط على شريك مهيمن واحد، مثل الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، فإنهم يحاولون تأمين تحالفات متنوعة، حتى مع الصين، كثقل موازن في تعاملاتهم مع واشنطن.

علاوة على ذلك، تُظهر مشاركة السعودية في استضافة محادثات السلام وتسهيل تبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا رغبتها في توسيع نطاقها الدبلوماسي بما يتجاوز الأدوار التقليدية.

فالمملكة تضع نفسها كوسيط وقوة لعقد اللقاءات، وليس فقط لتسهيل الحوار عبر القنوات الخلفية

المصدر | ديفيد كيريتشينكو / جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الأوكرانية قمة جدة العلاقات السعودية الروسية الأمن الغذائي النفط

تفوق على كوبنهاجن.. انتقاد روسي وإشادة أوكرانية باجتماع جدة

هاتفيا.. بن سلمان وزيلنيسكي يبحثان جهود وقف الحرب الروسية الأوكرانية