ستراتفور: رابطة آسيان يعتريها الضعف والانقسام.. وأعضاؤها يلجئون لأمريكا والصين

الأحد 10 سبتمبر 2023 09:04 ص

يرصد تحليل نشره موقع "ستراتفور" الأمريكي الضعف الشديد وحالة التشرذم التي تعتري رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، قائلا إن تقاعسها عن قضاياها الجوهرية خلال قمتها الأخيرة رقم 43، والتي انعقدت قبل أيام قليلة في إندونيسيا، يقلل من أهمية التكتل ويرغم أعضائها ببطء على التحالف مع الصين أو الولايات المتحدة، واعتبار تلك التحالفات بديلا عن المجموعة.

وكدليل على ضعف التكتل، لم يستجب الرئيسان الأمريكي جو بايدن والصيني شي جين بينج لمحاولات إندونيسيا دفعهما إلى حضور قمة "آسيان"، بعد أن قدمت موعدها من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل إلى سبتمبر/أيلول لتتزامن مع قمة العشرين في الهند ويكون من السهل على بايدن وشي جين بينج الحضور، لكن ذلك لم يحدث، واكتفت الولايات المتحدة والصين وروسيا بإرسال مسؤولين رفيعي المستوى للحضور.

فشل القمة الأخيرة

ويشير التحليل إلى أن القمة الأخيرة شهدت فشلا من "آسيان" نحو إحراز تقدم لحل القضايا الأساسية التي تهم التكتل، بما في ذلك الحرب الأهلية المستمرة في ميانمار، ومشكلات بحر الصين الجنوبي المتفاقمة بين بكين ودول آسيا المتشاطئة للبحر، والمتنازعة على السيادة معها.

وبدلا من اتخاذ خطوات لفرض السلام أو التزام ميانمار بخطة السلام التوافقية المكونة من خمس نقاط لعام 2021، جردت "آسيان" ميانمار من حقها في رئاسة الكتلة في عام 2026.

وفي الوقت نفسه، لم يذكر أي من البيانات المشتركة للاجتماعات شيئا عن النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.

    وخيمت العديد من القضايا الجيوسياسية الهامشية على القمة، بما في ذلك اختبارات الأسلحة الأخيرة التي أجرتها كوريا الشمالية والتقارير التي تفيد بأنها ستبيع أسلحة لروسيا. بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الصين خريطة جديدة في 28 أغسطس تؤكد من جديد مطالبتها بمعظم بحر الصين الجنوبي، وهو ما احتجت عليه ماليزيا والفلبين وفيتنام أعضاء آسيان رسميًا قبل القمة.

كما فشلت مفاوضات "آسيان" مع الصين بشأن مدونة قواعد سلوك بحر الصين الجنوبي، والتي من شأنها أن تحكم السلوك في الممر المائي المتنازع عليه، في إحراز تقدم كبير في القمة، على الرغم من ثلاث جولات من المحادثات في عام 2023. وقد توقفت العملية لعقود من الزمن.

جهود إندونيسيا المهدرة

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها إندونيسيا لتعزيز رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، فإن السلبية التي تصيبها بالشلل ترغم أعضائها على ترك الإجماع الإقليمي لصالح الترتيبات الثنائية، كما يقول التحليل.

وباعتبارها رئيسًا لـ"آسيان" لعام 2023، تأمل إندونيسيا في إنشاء الكتلة باعتبارها المنتدى الإقليمي المهيمن والقطب الجيوسياسي في جنوب شرق آسيا من خلال دفع ردود موحدة لقضايا ميانمار وبحر الصين الجنوبي في القمة.

وبما أن إندونيسيا تتمتع بأكبر اقتصاد وأكبر عدد من السكان في جنوب شرق آسيا، وهي العضو الوحيد في المنطقة في مجموعة العشرين، وهي الزعيمة الفعلية للكتلة، فقد كانت فرصتها في النجاح أفضل من أي عضو آخر في "آسيان".

إلا أن تناقض أعضاء الرابطة الآخرين بشأن العمل الجماعي الحاسم كان سبباً في منع تحقيق هذين الهدفين.

ونتيجة لهذا، يرى التحليل أن رابطة دول جنوب شرق آسيا تفقد مصداقيتها كمنتدى لحل القضايا الجيوسياسية الإقليمية.

ووسط هذه السلبية، يسعى أعضاء "آسيان" على نحو متزايد إلى إبرام اتفاقيات ثنائية مع بعضهم البعض ومع شركاء خارجيين، بدلا من الاعتماد على الكتلة للتوصل إلى الإجماع.

على سبيل المثال، تحايلت الحكومة التايلاندية على رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) من خلال إطلاق محادثات موازية مع المجلس العسكري في ميانمار في يونيو/حزيران لإعادتها إلى الحظيرة الإقليمية، الأمر الذي أزعج إندونيسيا عندما شجعت ميانمار على التخلي عن التزاماتها السابقة.

وعلى الجانب الأمني، تبحث فيتنام بشكل متزايد عن شركاء من خارج الرابطة لحماية مطالباتها في بحر الصين الجنوبي، حيث قامت بترقية علاقاتها مع كوريا الجنوبية في عام 2022، ومن المرجح أن تفعل ذلك مع الولايات المتحدة وأستراليا وسنغافورة وإندونيسيا في المستقبل.

وتقوم الفلبين بالمثل بتوسيع وتعميق العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية.

ومن جانبها، تواصل إندونيسيا تعميق علاقات التحديث العسكري مع الولايات المتحدة.

توقعات متشائمة للمستقبل

ويتوقع التحليل أن تصبح "آسيان" أقل فعالية وأكثر ضعفا في 2024، عندما تبدأ لاوس رئاسة الكتلة، الأمر الذي سيسرع هروب الأعضاء إلى شركاء أمنيين أقوى مثل الولايات المتحدة والصين.

ولاوس هي قوة اقتصادية وعسكرية أصغر بكثير من إندونيسيا وتعتمد بشكل كبير على الصين؛ كما أنها غير ساحلية، مما يجعل الاهتمامات البحرية ذات أهمية وطنية قليلة.

وهذا يعني أن لاوس ستكون أقل استعدادًا لطرح أو التراجع عن مبادرات غير مواتية للصين، مثل مدونة قواعد السلوك الملزمة قانونًا في بحر الصين الجنوبي، مما ينذر باستمرار الجمود بشأن هذه القضية في عام 2024.

ونتيجة لذلك، فإن الدول الأعضاء، وخاصة تلك التي لديها مطالبات وفي بحر الصين الجنوبي، ستواصل إقامة شراكات أمنية ثنائية فيما بينها ومع القوى الخارجية مثل الصين والولايات المتحدة.

وفي خضم المنافسة الاستراتيجية بينهما، ستضغط واشنطن وبكين بشكل متزايد على أعضاء "آسيان" لاختيار جانب ما، مما يزعج استراتيجية معظم دول جنوب شرق آسيا المتمثلة في تحقيق التوازن بين الدول الأكثر قوة.

ومع لجوء المزيد من أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى مثل هذه الاتفاقيات الثنائية، فسوف تتعمق الانقسامات بين دول المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور كتل متنافسة تعمل على زعزعة استقرار جنوب شرق آسيا.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

آسيان رابطة الآسيان الصين إندونيسيا الفلبين فيتنام بحر الصين الجنوبي ميانمار

النزاع في بحر الصين الجنوبي يدفع دول آسيان للاستعداد لأسوء الاحتمالات