الحكم بحبس المعارض المصري هشام قاسم.. ماذا يعني؟

الأحد 17 سبتمبر 2023 07:03 م

قضت محكمة الجنح الاقتصادية في القاهرة، السبت، بحبس هشام قاسم (64 عاما)، الناشر والأمين العام لمجلس أمناء التيار الحر (معارض) 6 أشهر، مع تغريمه 20 ألف جنيه (650 دولار).

وحكم الحبس يشمل 3 أشهر بتهمة "السب والقذف" بحق وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة، و3 أشهر أخرى بتهمة "التعدي بالقول على موظف عمومي" (ضباط وأفراد شرطة).

وحدد القضاء جلسة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، للنظر في استئناف ناصر أمين محامي قاسم على الأحكام، التي تعني فعليا منعه من المشاركة في حملة الدعاية للانتخابات الرئاسية المقبلة.

  • عشية هذا الحكم، كشف المعارض الوحيد الذي أعلن نيته خوض انتخابات الرئاسة أحمد الطنطاوي أن هاتفه تحت المراقبة منذ أيلول/سبتمبر 2021، وذلك بعد أن كشف مركز "سيتيزن لاب" في جامعة تورونتو بكندا أن نظاما للتجسس الإلكتروني اخترق الهاتف في البلد الذي يحتل المرتبة 134 من 140 على لائحة مركز "ورلد جاستيس بروجكت" (مشروع العدالة الدولية) لتصنيف الدول حسب احترامها لقواعد دولة القانون.
  • الحكم جاء بعد يومين من نشر وكالة "بلومبرج" الأمريكية تقريرا نقلت فيه عن مصادر مطلعة لم تسمها قولها إن مصر قد تُجري الانتخابات الرئاسية بشكل مبكر في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وليس في الربع الأول من 2024 كما كان متوقعا. ويتولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (68 عاما) السلطة منذ 2014، وتنتهي ولايته الراهنة في أبريل/ نيسان المقبل، ومن شبه المؤكد أن يترشح ويحصل على فترة رئاسية ثالثة في الانتخابات المقبلة.
  • كما جاء الحكم غداة إعلان السيناتور الأمريكي كريس ميرفي أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتزم حجب 85 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر؛ بسبب ما قال إنه عدم التزام القاهرة بشروط واشنطن فيما يخص الإفراج عن السجناء السياسيين، وقضايا أخرى متعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

  • لكن في الوقت نفسه أقرت إدارة بايدن مليار و215 مليون دولار، وهو الجزء الأكبر من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر، في خطوة انتقدتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، معتبرةً أن واشنطن "خلقت تناقضا مصطنعا بين الأمن الوطني وحقوق الإنسان".

  • في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، علق قاسم إضرابا عن الطعام، بدأه في 22 أغسطس/آب احتجاجا على حبسه ومحاكمته، حتى لا توجد شبهة تأثير منه على هيئة المحكمة في أثناء نطقها بالحكم، وفقا لمحاميه.
  • من المرجح أن تطلق إدانة قاسم قضائيا حملة انتقادات وضغوط من عواصم غربية ومنظمات دولية على السلطات المصرية، لاسيما وأنه شخصية معروفة جيدا في دوائر إعلامية وسياسية وحقوقية في الغرب، وهو عضو في اللجنة التوجيهية للحركة العالمية من أجل الديمقراطية، وعمل سابقا كناشر لصحيفة "المصري اليوم" (خاصة).
  • قاسم هو أمين عام تحالف التيار الحر، وهي مجموعة ليبرالية تأسست في 25 يوليو/ تموز الماضي وتؤمن بالسوق الحرة والديمقراطية وتطالب بإنهاء هيمنة الجيش على الاقتصاد، وتتكون من أحزاب سياسية وشخصيات عامة، وتنظم المعارضة للسيسي الذي تولى الرئاسة في أعقاب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي بعد عام واحد في السلطة (2012-2013).
  • ترى قوى وشخصيات مصرية، بينهم المفكر السياسي أسامة الغزالي حرب، أن قاسم يعُاقب بسبب تصريحاته ضد السيسي، وليس بسبب البلاغ الذي قدمه كمال أبو عيطة، عضو لجنة العفو الرئاسي ووزير القوى العاملة الأسبق، وأحد قيادات الحركة المدنية المعارضة.
  • عبر مقابلة مع "الخليج الجديد" في أبريل/ نيسان الماضي، اعتبر قاسم أن "عدم ترشح السيسي للانتخابات المقبلة هو المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة؛ لأن استمراره في الحكم لمدة 6 سنوات أخرى قد يتسبب في اضطرابات خطيرة"، مرجحا أن السيسي لن يترشح ما لم تحدث إصلاحات جدية في الاقتصاد الذي يواجة أزمة خانقة متفاقمة.
  • منددا بإدانة أمينه العام قضائيا، أعلن تحالف "التيار الحر"، مساء الأحد، أنه لن يسمي مرشحا لانتخابات الرئاسة المقبلة، وسبق وأن قال إن توجهات السلطة بالتوسع في ملاحقة الأحزاب السياسية والشخصيات العامة المعارضة تلقي بظلال قاتمة على الاستحقاقات القادمة وتعيق قدرة السلطة على الخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة.

  • حبس قاسم يؤكد، وفقا لمراقبين، استخدام القضاء للتنكيل بالمعارضين وهيمنة الأجهزة الأمنية على إدارة شؤون البلاد، بالإضافة إلى تحرك السلطات مبكرا لخنق المعارضة السياسية ومنعها من تقديم مرشحين للبرلمان أو الرئاسة، لاسيما في ظل احتقان شعبي واسع جراء انسداد سياسي حاد وأزمة اقتصادية خانقة زادت رقعة الفقر في بلد يتجاوز تعداد سكانه 105 ملايين نسمة.
  • إدانة قاسم قضائيا تسلط الضوء على انتقادات لنظر المحاكم الاقتصادية في قضايا قانون الجرائم الإلكترونية، إذ قالت لبنى درويش، المدافعة عن حقوق الإنسان في منظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، إن هذه المحاكم تستخدم ذلك القانون "لمهاجمة من لا يعجبون (السلطة)، وبدلا من أن تشجع الاستثمار، أصبحت تهتم بمن قال ماذا ومَن شعر بالإهانة من ماذا".
  • عاد ملف السجناء السياسيين إلى صدارة المشهد الحقوقي في بلد يوجد فيه عشرات الآلاف من السجناء السياسيين. وعلى الرغم من أن لجنة العفو الرئاسي نجحت، خلال نحو عام، في الحصول على العفو لنحو ألف سجين، وفقا للسلطات، إلا أن منظمات حقوقية تقول إن عدد مَن تم توقيفهم خلال الفترة نفسها يبلغ "ثلاثة أضعاف مَن تم الإفراج عنهم".

موضوعات متعلقة