فوضى السودان وإثيوبيا.. هذا ما تهدد به أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا

الثلاثاء 26 سبتمبر 2023 12:09 م

باتت حالة عدم الاستقرار في الجارتين السودان وإثيوبيا تهدد بتقسيم منطقة القرن الأفريقي (شرق أفريقيا)، ما يدفعها إلى مزيد من الاضطرابات، وينذر بتداعيات على الشرق الأوسط وأوروبا، مع تصاعد لوتيرة الهجرة غير النظامية.

تلك القراءة طرحها دانيال هايلي، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "القرن الأفريقي كان منذ فترة طويلة مرادفا لعدم الاستقرار وانعدام الأمن".

وأرجع ذلك إلى أن "المنطقة عانت من صراعات عديدة، بينها الحرب الأهلية الصومالية وحرب الاستقلال الإريترية وحرب استقلال جنوب السودان والنزاعات المتقطعة بين إريتريا وإثيوبيا، والاضطرابات الداخلية المستمرة في السودان وإثيوبيا".

وتابع أن "إريتريا تظل الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تشهد بعد حربا أهلية داخلية؛ بفضل القبضة الحديدية لدكتاتورها الرئيس أسياس أفورقي، الذي يحكمها منذ أكثر من ثلاثة عقود، لكن حكمه لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وفي هذه المنطقة، تعد أزمة الخلافة، التي تتصاعد إلى حرب أهلية، هي القاعدة وليست الاستثناء".

البرهان وحميدتي

"في السودان، تختلف الحرب الأهلية بشكل كبير عن الصراعات الأهلية الأفريقية الأخرى؛ بسبب حجم الجيش السوداني، البالغ 200 ألف جندي يواجهون قوات "الدعم السريع" التي يتراوح عددها بين 70 ألفا و150 ألفا"، كما أضاف هايلي.

ويتواصل القتال بين الطرفين منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي؛ ما خلَّف أكثر من 5 آلاف قتيل، وما يزيد عن 5 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، وفقا للأمم المتحدة.

وأردف هايلي أن "الطرفين يتنافسان من أجل السيطرة على الدولة، خاصة لما تتمتع به من موارد طبيعية هائلة"، مضيفا أن "قوات الدعم السريع ليست مجرد منظمة شبه عسكري".

وأوضح أن "النفوذ الاقتصادي لهذه القوات (بقيادة محمد حمدان دقلو -حمديتي) يمتد إلى قطاعات مثل الخدمات المصرفية والمرتزقة والتعدين، خاصة تهريب الذهب، والإعلام، والتجارة غير المشروعة عبر الحدود، ما يثري هذه القوات".

و"في الوقت نفسه، يدير الجيش (بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان) أكثر من 200 مؤسسة تجارية، في قطاعات بينها الزراعة وتعدين الذهب والماشية"، كما زاد هايلي.

وحذر من أنه "مع استمرار تفاقم الأزمة في السودان، فإن النتيجة المحتملة هي صراع طويل الأمد بين الفصيلين؛ ما يدفع السودان نحو مصير الصومال وليبيا"، في إشارة إلى صراعات مسلحة على السلطة والثروة.

صراع عرقي

وبالنسبة لإثيوبيا، قال هايلي إن "الصراع العرقي والإقليمي المستمر في إثيوبيا، والذي يشمل نظام رئيس الوزراء أبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيجراي وجماعتي الأورومو والأمهرة العرقيتين، يبدو أنه قد وجد حلا على الورق، مع التوقيع على اتفاق نيروبي الهش للغاية في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022".

واعتبر أن الاتفاق "فشل في تحقيق الاستقرار في إثيوبيا، وتنذر أمور عديدة بزيادة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، بينها الصراع العرقي والإقليمي المستمر بين الأمهرة والأورومو والتيجراي، بالإضافة إلى حركة الشباب المتشددة، والتحركات المصرية فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي".

هايلي تحدث عن "احتمال قيام مصر بأعمال عسكرية، إذا تدهور الاستقرار في إثيوبيا بشكل أكبر، خاصة بعد فشل المفاوضات بشأن ملء خزان سد النهضة".

وثمة نزاع ومفاوضات متعثرة منذ سنوات بين دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، إذ تخشى القاهرة والخرطوم أن يؤثر سد النهضة سلبا على تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل وسلامة منشآتهما المائية.

وتطالب القاهرة والخرطوم بتوقيع اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، لاسيما في أوقات الجفاف، بينما تقول أديس أبابا إن ملء خزان السد لم يضر حتى الآن بأي طرف آخر، ومن ثم ترفض توقيع اتفاق.

مصير مشؤوم

وبشأن خطر حركة الشباب المتشددة، قال هايلي إن "الصومال يعاني من غياب حكومة مركزية منذ ثلاثة عقود، حيث تشن حركة الشباب تمردا مثيرا للقلق، ما يشكل مصدر قلق كبير لكل من الصومال وإثيوبيا، إذ تشتركان في حدود طولها 1024 ميلا".

وربما تتصاعد هجمات الحركة في ظل تطور جديد، إذ لفت إلى أن "البعثة الانتقالية الأفريقية في الصومال ستنسحب من البلاد، بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وتم بالفعل سحب 2000 جندي في يونيو (حزيران الماضي)، ومن المقرر أن ينسحب 3000 جندي إضافي بحلول 30 سبتمبر (أيلول الجاري)".

هايلي أضاف أن "الوضع غير المستقر في إثيوبيا يتفاقم بسبب اشتراكها في حدود مع ثلاث دول تعاني من عدم الاستقرار، وهي السودان والصومال وجنوب السودان، وإذا تحولت إلى دول فاشلة، فإن استقرار المنطقة سيكون في خطر كبير".

وشدد على أن "القرن الأفريقي، الذي يواجه خطر عدم الاستقرار منذ فترة طويلة، سيواجه مصيرا مشؤوما خلال العقود القادمة، إذا استسلم السودان وإثيوبيا لمصير الفوضى، خاصة أن الدولتين تضمان مجتمعتين أكثر من 170 مليون نسمة".

وزاد بأن "هذا المصير المشؤوم سيحمل آثارا عميقة على الممر الاقتصادي الدولي على طول البحر الأحمر؛ ما يؤثر على الشرق الأوسط وأوروبا، ويزيد من حدة أزمات الهجرة (غير النظامية) في شرق وشمال أفريقيا".

المصدر | دانيال هايلي/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان إثيوبيا حرب الشرق الأوسط أوروبا فوضى