مع تراكم الديون وندرة المياه.. دعم الحكومة لخبز المصريين في مهب الريح

الجمعة 6 أكتوبر 2023 11:26 ص

سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على تراجع اهتمام الحكومة المصرية بدعم الخبز، الذي يمثل أهم عنصر على مائدة المصريين، مشيرة إلى أن كلمة "عيش" في العامية المصرية تعني "الحياة"، وتعبر عن الخبز.

وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن ما يقرب من ثلثي سكان مصر، البالغ عددهم 106 ملايين نسمة، يحصلون على الخبز المدعم، ونتيجة لذلك، يستهلكون حوالي 3 أضعاف المتوسط العالمي للفرد.

 ولكن مع نمو سكانها وتغير المناخ الذي يجعل زراعة القمح أكثر صعوبة، فإن تصميم الحكومة المصرية على تزويد شعبها بالخبز الرخيص يبدو أقل استدامة من أي وقت مضى.

فدعم الخبز باهظ الثمن بالفعل، إذ بلغت تكلفته 2.9 مليار دولار في السنة المالية الماضية، أي 2.6% من الميزانية.

ونصف كمية الحبوب التي تستهلكها مصر فقط هو ما تتم زراعتها محلياً، ولذا فمصر من بين أكبر مستوردي القمح في العالم، ما يجعلها رهينة لتقلبات الأسعار العالمية.

وفي الوقت نفسه، يؤدي التوسع الحضري إلى تآكل الأراضي الزراعية النادرة في مصر. وتشكل الأراضي الصالحة للزراعة، ومعظمها في شريط خصب على طول نهر النيل، 4% فقط من مساحة البلاد.

والتهم الزحف العمراني عُشر الأراضي الزراعية المحيطة بالإسكندرية، ثاني أكبر مدينة في مصر، بين عامي 1987 و2015.

ومن المتوقع أن تنخفض محاصيل القمح المحلية بنسبة 10-20% بحلول عام 2060، حيث يحد تغير المناخ من قدرة مصر على زراعة غذائها.

كما أن ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط من شأنه أن يؤدي إتلاف المحاصيل، لأنه يجعل تربة دلتا النيل أكثر ملوحة.

ويعني ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار انخفاض المحاصيل، في ظل تجاوز الاستخدام السنوي للمياه في مصر بالفعل لإمداداتها المتجددة بأكثر من الربع.

وتعوض مصر هذا النقص جزئيا عن طريق استنزاف طبقات المياه الجوفية، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض جودة التربة.

وفي الشهر الماضي، انتهت إثيوبيا من بناء سد عند منبع النيل الأزرق يمكن لخزانه نظريا أن يحجز 88% من التدفق السنوي للنهر، ما يسمح لها بالتحكم في كمية المياه التي تتدفق إلى مصر، التي يُتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050.

ويعتقد البنك الدولي أن زراعة 5 ملايين طن أخرى من القمح بالإضافة إلى 20 مليون طن تستهلكها البلاد الآن كل عام، ستتطلب 5.5 مليار متر مكعب إضافية من المياه، أي ما يعادل 10% من حصة مصر السنوية من مياه النيل.

ويعني دعم القمح أن لدى المزارعين حافزاً لزراعته دون مراعاة ندرة المياه، وتقول الحكومة المصرية إنها ستنفق 246 مليار دولار على تدابير التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه بحلول عام 2030. ويمثل ذلك ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي سنويا، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لبلد يعاني من أزمة اقتصادية.

وإزاء ذلك، تشير "إيكونوميست" إلى أن مصر، التي تواجه وضعا توشك فيه على إعلان عدم القدرة على سداد ديونها، قد تضطر إلى إعادة التفكير في دعم الخبز باهظ الثمن، لافتة إلى أن الاستعاضة عن دعم الخبز بالتحويلات النقدية، التي ستكون أقل كلفة، ستكون منطقية من الناحية الاقتصادية ولكنها محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية.

فقد أدت محاولات إصلاح نظام الدعم في مصر إلى أعمال شغب في السبعينيات من القرن الماضي، وبالنظر إلى أن التضخم السنوي لأسعار الغذاء بلغ 72% في أغسطس/آب، فليس من الواضح ما الذي سيأكله المصريون بدلاً من الخبز اليومي الذي ترعاه الحكومة.

المصدر | إيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الخبز دعم الخبز القمح الدلتا النيل إثيوبيا

لماذا وقعت مصر اتفاقية مبادلة ديون مع الصين؟

رغم الديون.. النقل المصرية تطرق أبواب مؤسسات دولية لاقتراض 2.7 مليار دولار