في ظل الجوع والحرمان.. مؤشرات على استعداد المصريين لإدارة ظهورهم للسيسي

الجمعة 6 أكتوبر 2023 12:31 م

سلطت صحيفة "الجارديان" الضوء على تداعيات إعلان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عن ترشحه لولاية ثالثة، مشيرة إلى أنه لم يكن هناك أي شك على الإطلاق في أن السيسي سيسعى إلى تمديد فترة ولايته التي تبلغ 9 سنوات، ولا توجد أي فرصة تقريبًا لخسارته.

وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن إعلان ترشح السيسي سبقه "حكاية وطن"، وهو مؤتمر استمر 3 أيام لعرض إنجازات الرئيس، واصفة التعليقات التي أدلى بها السيسي خلال المؤتمر بأنها "غريبة".

وأضافت أن السيسي قال لحضور المؤتمر يوم الأحد الماضي: "إذا كان ثمن التقدم والرخاء والتنمية هو الجوع والحرمان فلا تترددوا في تقديمه، ولا تقولوا: نأكل أحسن". وأضاف: "والله لو كان ثمن التقدم والازدهار أن لا نأكل ولا نشرب كما يفعل الآخرون، فلن نأكل ولا نشرب".

وفي غضون ساعات، أصبحت مقاطع الفيديو الخاصة بخطاب السيسي رائجة على منصة X، المعروفة سابقًا بتويتر، وبحلول يوم الأحد، تمت إزالتها "استجابة لتقرير من مالك حقوق الطبع والنشر". ثم أعادت القنوات التلفزيونية المصرية تحميل لقطات من المؤتمر مع حذف التصريحات المسيئة.

واعتبرت "الجارديان" تصريحات السيسي إشارة إلى اثنين من الركائز الأساسية لإدارته، وهي: الميل إلى المشروعات العملاقة التي تستلزم إنفاق مليارات الدولارات، وأسوأ أزمة اقتصادية في الذاكرة الحية للمصريين.

فمنذ وصوله إلى السلطة في عام 2014، شرع السيسي في عملية بناء لمشروعات عملاقة، وعقد مؤتمره في العاصمة الإدارية الجديدة التي بلغت تكاليف إنشائها 58 مليار دولار (47 مليار جنيه استرليني)، وبدأ تشغيلها في عام 2015 ولكنها ظلت فارغة.

وخلال الفترة نفسها، دفع التضخم، الذي سجل مستوى قياسيا بلغ 37.9% في أغسطس/آب، نحو ثلث المصريين إلى الفقر.

لم تكن تعليقات السيسي زلة لسان في حملته الانتخابية، بل كان يردد نفس الرسالة التي كان يرددها دائمًا، لكنها لم تعد تلهمه الدعم الذي اعتاد عليه، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.

وأورد التقرير أن "مصر هي التي تغيرت وليس السيسي"، فمنذ توليه السلطة بعد انقلاب عسكري في عام 2013، سعى جاهدا إلى تقديم نفسه على أنه الجنرال الرحيم، الذي ارتدى عباءة السلطة على مضض لخدمة بلاده، وعلى أنه الرئيس المستعد لأن لا يحظى بشعبية، وعلى استعداد لاتخاذ قرارات صعبة.

ولطالما وجه السيسي رسالة مفادها أن المصريين عليهم أن يشدوا أحزمتهم وأن يثقوا بحكومتهم، ووعدهم عندما تولى منصبه بتقديم تضحيات قصيرة المدى من أجل الاستقرار على المدى الطويل. وكانت هذه صفقة قبلها الكثيرون، وكانت توسعة قناة السويس، التي اكتملت في عام 2015 بتكلفة 8 مليارات دولار، أولى مبادراته الجديدة، التي ألهمت خيال الناس لما كان ممكنا، رغم أن المحللين يعتقدون أن تأثيرها الاقتصادي الفعلي كان ضئيلا.

وفي الأيام الأولى من رئاسته، أعلن السيسي أنه سيشرف على زراعة 4 ملايين فدان جديدة في الصحراء وسيبني 40 مدينة.

وضمت العاصمة الإدارية الجديدة وحدها على أطول مبنى في أفريقيا، ومطار أكبر من مطار هيثرو، وأكبر كنيسة في الشرق الأوسط.

ومن أجل بناء هذه "الجمهورية الجديدة"، ستخفض الحكومة المصرية الدعم و"ستصبح الحياة أكثر تكلفة بشكل مؤقت ولكن على المدى الطويل سوف تزدهر مصر" بحسب خطابات السيسي.

لكن المصريون، بعد 10 سنوات من الانقلاب العسكري، أصبحوا أكثر فقراً من أي وقت مضى، وارتفعت قيمة الدولار من 6.95 جنيهًا مصريًا إلى 30.9 جنيهًا. وارتفع معدل تضخم أسعار الغذاء إلى 60%، وقفز الدين الخارجي من 40 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليار دولار.

ومن المتوقع حدوث انخفاض آخر في قيمة العملة المصرية بعد الانتخابات الرئاسية، ما سيؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة بشكل أكبر على الأرجح.

ومع ارتفاع الأسعار، تراجعت شعبية السيسي، فبعد أن لصق صوره واسمه في جميع أنحاء البلاد لمدة 9 سنوات، أصبح الآن غير قادر على فصل نفسه عن الأزمة الاقتصادية المستمرة، حسبما نقلت الصحيفة عن المحلل السياسي "ستيفن كوك".  

وبعدما اعتاد على تحميل كل مشاكل مصر إلى جماعة الإخوان المسلمين، الذين يتفرق أعضاؤها بين منفي ومسجون أو قتيل، لم يعد السيسي متمتعا "بشعبية واضحة"، بحسب كوك، معتبرا السرعة التي اختفت بها تصريحات الرئيس المصري، يوم الأحد الماضي من منصات التواصل الاجتماعي، مؤشرا على ذلك.

وهنا تشير "الجارديان" إلى أن إعلان إعادة انتخاب الرئيس في مصر يسبقه تقليديا مسيرات يتم إظهارها على أنها شعبية للضغط على الرئيس كي "يقبل" ترشحه، وهو ما جرى في عام 2014، ولكن مع توالي الدورات الانتخابية، أصبحت انتخابات 2023 روتينية أكثر من أي وقت مضى، حيث يحضرها المسؤولون الحكوميون وتلاميذ المدارس، الذين يتم نقلهم في حافلات.

وبحلول مساء الإثنين، تحول واحد من هذه التجمعات على الأقل إلى احتجاج، وفي أعقاب إعلان السيسي أنه "سيستجيب النداء الترشح لإعادة انتخابه"، قامت مجموعات من المحتجين بمدينة مرسى مطروح الساحلية بإنزال لافتات الرئيس وأحرقوها في الشارع.

ويُظهر مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي المشاركين في المسيرة وهم يرددون هتافًا شعبيًا من ثورة عام 2011: "الشعب يريد إسقاط النظام".

المصدر | الجارديان/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الانتخابات الإخوان المسلمين الجوع