محلل إسرائيلي: السيسي شريك لنتنياهو في استراتيجيته الفاشلة بشأن حماس

الاثنين 27 نوفمبر 2023 07:47 م

اعتبر محلل شؤون الشرق الأوسط الإسرائيلي زيفي بارئيل، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان شريكا رئيسيا في "الاستراتيجية الفاشلة" التي تبناها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس". 

وأوضح بارئيل في تحليل نشره بصحيفة هآرتس العبرية، أن استراتيجية نتنياهو التي وصفها بـ"الوهمية" تمثلت في استخدام حركة حماس لإحباط أي فرصة لعملية دبلوماسية بين إسرائيل وقيادة تمثل الفلسطينيين. 

وأضاف المحلل الإسرائيلي أن تلك الاستراتيجية "اعتمدت بشكل كبير على الطرح الخاطئ الذي يمكن تلخيصه في التأكيد على أن (المال سيجلب الهدوء)، وليس فقط ما يخص المشكلات الأمنية".  

ووفقا لذلك، كان نتنياهو يرى أن تعزيز قوة حماس يعني إضعاف السلطة الفلسطينية وحسم مصير أي خطة سياسية.  

والآن، بعدما أثبت هجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته حماس زيف هذه استراتيجية وعدم صلاحيتها، يحاول نتنياهو استثمار الكثير من الجهود لإنقاذ ما تبقى منها، وذلك من خلال رفضه تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية إدارة قطاع غزة بعد حماس.  

وبينما يتحمل نتنياهو المسؤولية المباشرة والوحيدة عن هذه الاستراتيجية الفاشلة، فقد كان لديه شريك أساسي في رعايتها ومن دونه كان من الصعب أن نرى أنها استمرت لفترة طويلة. 

مكاسب دبلوماسية 

ويبيّن المحلل الإسرائيلي أن شريك نتنياهو كان هو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي "نصب نفسه كوسيط حصري بين إسرائيل وحماس". 

وذكر أن السيسي، الذي تم استدعاؤه مع كل اندلاع لمواجهة بين إسرائيل وحماس، حدد بنفسه نموذج التفاهمات والمفاوضات بين الجانبين. 

وحصد السيسي من وراء ذلك الكثير من المكاسب الدبلوماسية من خلال استراتيجية نتنياهو الفاشلة، مستشهدا بثناء الرئيس الأمريكي المتكرر لدوره في الهدنة الأخيرة بين حماس وإسرائيل واتفاقات هدن سابقة، بعد أن كان دائم الانتقاد له خلال حملته الانتخابية التي فاز فيها على منافسه دونالد ترامب. 

واستعرض الكاتب التقلبات في العلاقات بين حركة حماس ومصر بعد إطاحة الجيش بقيادة السيسي بالرئيس المصري محمد مرسي، واتهام عناصرها باقتحام السجون لتحرير أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، واتهامها أيضا بالتعاون مع تنظيمات إرهابية إسلامية عملت في شبه جزيرة سيناء. 

في فبراير/شباط 2015 صدر قرار قضائي اعتبر حركة حماس منظمة إرهابية، لكن تم إلغاء هذا القرار بعد مرور أربعة أشهر بسبب عدم صلاحية المحكمة في اتخاذ قرار في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك أي شك بوقوف السيسي وراء قرار الإلغاء 

وقال المتحدث بلسان حماس في حينه، سامر أبو زهري، في مقابلة بأن قرار إلغاء اعتبار حماس منظمة إرهابية: "يمثل التزام القاهرة بدورها المهم في القضية الفلسطينية".  

وعقّب أنه "لا شك أن هذا القرار سيكون له تأثير ونتائج إيجابية على العلاقات بين حماس والقاهرة". 

لكن النتائج الإيجابية تأخرت؛ وفي السنة نفسها دمرت مصر 3 آلاف نفق كانت تربط بين القطاع وشبه جزيرة سيناء، وأغرقت أنفاقاً أخرى بمياه البحر ومياه المجاري.  

كما سوّت مصر مناطق بعمق بلغ 1.5 – 3 كم على طول الحدود بين القطاع وشبه جزيرة سيناء لمنع دخول أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى القطاع وخروجهم منه. 

مصالح متناقضة

بغضون ذلك، اعتبرت تدمير الأنفاق جزءاً من النضال المشترك مع مصر ضد حماس، أما القاهرة فقد اهتمت بالأساس بوقف أنشطة "تنظيم الدولة". 

وفي 2017، زار رئيس المكتب السياسي لحماس، آنذاك، إسماعيل هنية مصر وتم فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، وتعهدت الحركة بـ "حماية الحدود ومنع المس بالأمن القومي المصري". 

وبعد مرور عام، وضعت حماس مئات المقاتلين على الحدود مع مصر وفاء بالتزامها بمنع حركة الإرهابيين من سيناء وإليها. 

وبحسب المحلل، فإن شبكة العلاقات بين الطرفين أصبحت بذلك جزءاً لا يتجزأ من سياسة القاهرة الداخلية، في الوقت الذي أصبحت فيه الحركة الفلسطينية تشكل ذراعاً إضافيا في خدمة مكافحة الإرهاب داخل مصر.

وذكر أن اعتماد حماس على قطر وتركيا بعد قطع علاقتها مع سوريا في 2012 ولاحقا مع إيران بسبب الحرب السورية، جعل مصر هي صاحبة البيت في القضية الفلسطينية، ليس فقط في القطاع فقط بل في الضفة الغربية أيضا. 

وعلى الرغم من ذلك، تسببت اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين في اهتزاز وضع مصر كوسيط وحيد بين إسرائيل والفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام. 

كما تسببت خطة استئناف نشاط أنبوب النفط إيلات – عسقلان، الذي كان سيتم من خلاله نقل النفط الذي تستورده إسرائيل من الإمارات، في شعور القاهرة بمزيد من القلق. 

وحسب التقديرات المصرية، سيقلص هذا المشروع 12 – 17% من حجم التجارة في قناة السويس، ويقضم مداخيل مصر بشكل كبير. 

وفي غضون ذلك، منح هجوم كتائب القسام المفاجئ على إسرائيل، مصر فرصة للعودة مرة أخرى لدور الوسيط بين حماس وإسرائيل، بالتعاون مع قطر، لكن القاهرة عادت لتكون دولة رئيسية في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. 

وأوضح أن عودة مصر لدور الوسيط جعلها تلتزم بالحفاظ على مكانة حماس كسلطة في غزة وكشريكة لها أمام إسرائيل.  

في حين كان نتنياهو يطور استراتيجيته الفاشلة "المال مقابل الهدوء" بتشجيع من مصر للحفاظ على الاستقرار، فقد ساعدت تلك الاستراتيجية القاهرة على استعادة دورها ومكانتها السياسية أمام إسرائيل والولايات المتحدة. 

بدون حماس 

وبذلت مصر الكثير من الجهود من أجل التوصل إلى مصالحة بين فتح وحماس لتشكيل حكومة فلسطينية برعايتها، خلافاً لاستراتيجية إسرائيل التي سعت للحفاظ على الانقسام.  

وذكر المحلل أنه لابد من التأكيد على أن مصر لم "تضلل" إسرائيل قط عندما كانت تعمل على تعزيز موقف حماس في غزة من خلال تسهيل الوصول إليها، وعرض إعادة الإعمار والمساعدات الاقتصادية.  

وأضاف أنه على الرغم من اختلاف استراتيجيات كل منهما، كان هناك التقاء في المصالح بين البلدين ــ وقد انهارت جميعها عندما شنت حركة حماس هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم. 

وأكد أن كل من مصر وإسرائيل لا تملكان خطة "لليوم التالي"، ولكن سيكون لزاماً عليهما قريباً أن يقررا كيف يمكنهما العمل معاً في غزة "من دون حماس التي كانت تقيدهما ذات يوم". 

المصدر | زيفي بارئيل/ هآرتس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي بنيامين نتنياهو طوفان الأقصى حماس قطاع غزة العدوان على غزة

لماذا يرفض السيسي لعب دور أمني في غزة؟.. 3 أسباب بينها الإخوان

محامون بريطانيون يدعون كاميرون لفرض عقوبات على نتنياهو ومجلس حربه

على عكس مرسي.. هكذا يتمسك السيسي بالرئاسة عبر غزة وإسرائيل

وول ستريت جورنال: حرب غزة تدفع العلاقات المصرية الإسرائيلية نحو الانهيار