تدمير متعمد لتراث غزة الثقافي.. جريمة إسرائيلية ضد الإنسانية

السبت 2 ديسمبر 2023 03:10 م

أطلق الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة العنان لجميع أنواع العنف، بما فيه تدمير التراث الثقافي، وهو ما يعد "جريمة ضد الإنسانية"، بحسب كاريت عطية في مقال بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، تخللتها هدنة لمدة 7 أيام، وخلّفت 15 ألفا و207 شهداء فلسطينيين، وأكثر من 40 ألفا و652 جريحا، أغلبهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

كارين تابعت أنه "كان هناك غضب عالمي كبير بشأن القصف الإسرائيلي للمستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين، لكن أحد جوانب القصف الإسرائيلي التي لا يتم الحديث عنها كثيرا هو تدمير التراث الثقافي: الوثائق والآثار والتحف".

وأضافت أنه "في 19 أكتوبر، دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية جزءا من كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس، بينما كان أربعمائة شخص يحتمون بالداخل، وقُتل 18 مسيحيا فلسطينيا. وهذه الكنيسة بنيت في القرن الثاني عشر، ويُعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم".

جريح يتفقد الأضرار في كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس بعد غارة إسرائيلية

وأردفت كارين أنه "في 27 أكتوبر، أدان الاتحاد الدولي للصحفيين هدم ضريح في جنين (شمال الضفة الغربية المحتلة)، حيث قُتلت الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عقلة بالرصاص العام الماضي، على الأرجح على يد جندي إسرائيلي".

و"في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أظهر مقطع فيديو جرافة إسرائيلية في الضفة الغربية وهي تهدم نصب تذكاري للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (1929-2004)"، كما زادت كارين.

آلاف الوثائق التاريخية

و"على موقع إكس، نشرت الكاتبة والمترجمة لينا منذر ترجمة لبيان مطبعة ومكتبة المقداد، جاء فيه: "مطبعة ومكتبة المقداد، واحدة من أقدم المطابع في غزة. خسرت الملايين (جراء قصف إسرائيلي): مطابع وكتب ومعدات. الجهود التراكمية لعائلتي بأكملها: أمي وأبي وإخوتي. ذهبت في لحظة"، بحسب كارين.

واستطردت: "وهذا الأسبوع، تم تدمير المكتبة العامة الرئيسية في غزة والأرشيف المركزي (جراء غارة جوية إسرائيلية في أواخر نوفمبر الماضي). وذكرت بلدية غزة أن آلاف الوثائق التاريخية تم إتلافها عمدا".

ودعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافية (اليونسكو) إلى "التدخل وحماية المراكز الثقافية وإدانة استهداف الاحتلال لهذه المرافق الإنسانية المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي".

وهي تحاول حبس دموعها، تحدثت بيسان عودة، مخرجة فلسطينية  من غزة، على موقع "إنستغرام" عن تدمير الأرشيف قائلة إنه كان يحتوي على وثائق عمرها أكثر من 100 عام.

وتابعت: "الآن، حرفيا ليس لدينا أي شيء.. المستقبل مجهول، والحاضر دُمر، والماضي لم يعد ماضينا.. هل تتخيل أنهم يفعلون كل هذه الأشياء لتدمير عمقنا؟".

ازدواجية غربية

و"بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح، فإن الممتلكات الثقافية محمية بموجب القانون الدولي"، كما لفتت كارين.

وتابعت: "يرى باحثون منذ فترة طويلة أن التدمير المتعمد للتراث الثقافي هو عمل إبادة جماعية، يمكن مقارنته بقتل وتهجير الناس؛ لأنه يؤدي، على حد تعبير أحد الفلاسفة السياسيين، إلى "خسارة الشعب نفسه".

ومنتقدةً ازدواجية غربية، قالت كارين: "في العام الماضي، عندما بدأت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا (مدعومة من الغرب بقيادة الولايات المتحدة)، قمت أنا والعديد من الآخرين بدق ناقوس الخطر بشأن تدمير التراث الثقافي ونهب الآثار على يد الجنود الروس".

وأردفت: "في ذلك الوقت، كانت المنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية تجري مناقشات وتشكل فرق عمل لمحاولة المساعدة في إنقاذ الممتلكات الثقافية الأوكرانية وتقديم الدعم للباحثين الأوكرانيين.. لكن لا يوجد الكثير من هذا الحراك على نطاق التراث الثقافي الفلسطيني".

وأضافت أنه "من المفهوم أنه وسط الفظائع التي ارتُكبت على مدى أكثر من 50 يوما الماضية، أنه قد لا يُنظر إلى الحفاظ على الأشياء والمباني بنفس أهمية حماية حياة الأبرياء".

"لكن الحفاظ على الثقافة والتاريخ جزء لا يتجزأ من حماية الشعب وروحه، وإذا استمرت إسرائيل في تدمير التراث الثقافي في غزة دون عقاب، فإن البشرية جمعاء ستخسر"، كما ختمت كارين.

المصدر | كارين عطية / ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تدمير غزة تراث ثقافي إسرائيل جريمة ضد الإنسانية

تقارير القصف تثير الرعب.. الصحة العالمية: الوضع في غزة لا يمكن تصوره