خبراء: القضاء على حماس هدف غير واقعي.. واغتيال القيادات لن يفككها

الخميس 28 ديسمبر 2023 06:49 ص

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على مدى قدرة وواقعية تحقيق إسرائيل لهدفها المعلن بتفكيك حركة حماس بعد 83 يوما من العدوان على قطاع غزة، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد مراراً وتكراراً على هذا الهدف حتى في ظل مواجهة ضغوط دولية متزايدة لتقليص العمليات العسكرية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أرسلت مبعوثين كبار إلى إسرائيل للضغط من أجل مرحلة جديدة من الحرب تركز على عمليات أكثر استهدافًا بدلاً من التدمير الشامل.

وأضافت أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال هذا الشهر: "أعتقد أننا وصلنا إلى لحظة يتعين فيها على السلطات الإسرائيلية أن تحدد بشكل أكثر وضوحا هدفها النهائي. التدمير الكامل لحماس؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر 10 سنوات".

وأشارت الصحيفة أن حماس، منذ تأسيسها عام 1987، نجت من المحاولات المتكررة للقضاء على قيادتها، وتم تصميم هيكلها لاستيعاب مثل هذه الحالات الطارئة، وفقًا للمتخصصين السياسيين والعسكريين.

وبالإضافة إلى ذلك فإن التكتيكات المدمرة التي تتبعها إسرائيل في الحرب ضد حماس تهدد بانخراط شريحة أوسع من السكان داخل الحركة.

وفي السياق، تساءل محللون، داخل إسرائيل وخارجها، عن ما إذا كان اتخاذ قرارا بتدمير حماس أمراً واقعياً، وهو الهدف الذي وصفه مستشار سابق للأمن القومي الإسرائيلي بأنه "غامض".

ويرى المحللون أن النتيجة الأمثل لإسرائيل ربما تتمثل في إضعاف القدرات العسكرية لحماس لمنعها من تكرار هجوم "طوفان الأقصى"، وأشاروا في الوقت ذاته أن "حتى هذا الهدف المحدود يحتاج إلى جهد هائل"، لأن أيدولوجية حماس متجذرة بعمق بين الفلسطينيين.

ضرب من الخيال

وفي السياق، قالت كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات الدولية، تهاني مصطفى: "إن الافتراض أنه يمكنك ببساطة اقتلاع منظمة كهذه هو ضرب من الخيال".

وقال الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع إنه قتل نحو 8 آلاف من مقاتلي حماس من قوة يقدر عددها بما بين 25 ألفا و40 ألفا، ولكن من غير الواضح كيف أحصى هذا الرقم.

وقدم جيش الاحتلال في بعض الأحيان تقارير إيجابية بشأن أهدافه، مدعيا سيطرة كاملة وشيكة على شمال غزة، حيث بدأ هجومه البري في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.

لكن نتنياهو أقر يوم الأحد بأن الحرب "تكلفنا تكلفة باهظة للغاية"، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل 15 جنديًا خلال الـ 48 ساعة الماضية فقط. ولا تزال الصواريخ تُطلق بشكل شبه يومي من جنوب غزة على إسرائيل.

وانتقد مايكل ميلشتين، ضابط مخابرات كبير سابق في إسرائيل، تصريحات بعض القادة الإسرائيليين التي تصور حماس على أنها وصلت إلى نقطة الانهيار، قائلًا إن ذلك قد يخلق توقعات زائفة بشأن طول مدة الحرب.

وقال ميلشتين: "كانوا يقولون هذا منذ فترة، إن حماس تنهار. لكن هذا ليس صحيحا. كل يوم نواجه معارك صعبة".

منشورات بمكافآت مالية

ووزع الجيش الإسرائيلي مؤخرا منشورات في غزة تعرض أموالا مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال 4 من قادة حماس، وتضمنت عبارات منها: "لقد فقدت حماس قوتها. لم يتمكنوا من قلي بيضة. نهاية حماس قريبة".

ووعد الجيش بمبلغ 400 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى قائد حماس بغزة، يحيى السنوار، و100 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى محمد ضيف، قائد جناح حماس العسكري (كتائب القسام)، وكلاهما مهندسا عملية طوفان الأقصى بحسب الاعتقاد الإسرائيلي.

ورغم كونه من أكثر الرجال المطلوبين في غزة منذ فترة طويلة، إلا أن الضيف نجا من الاغتيال أو الاعتقال، والصورة الوحيدة له في الأماكن العامة تعود إلى عقود مضت.

ويقدم رصد المكافآت مؤشرا على أن إسرائيل تسعى جاهدة للقضاء على قيادة حماس، ويُعتقد أن كبار قادة التنظيم يحتمون، إلى جانب معظم مقاتليه، في أنفاق عميقة.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي قال إنه هدم ما لا يقل عن 1500 نفق، إلا أن الخبراء يعتبرون البنية التحتية تحت الأرض سليمة إلى حد كبير، إذ يُعتقد أن الأنفاق، التي تم بناؤها على مدى 15 عاما، واسعة للغاية، ويقدر طولها بمئات الأميال، لدرجة أن الإسرائيليين يطلقون عليها اسم "مترو غزة".

وقال طارق بقعوني، الذي ألف كتابا عن الجماعة: "إن حماس تصمد في الواقع أمام هذا الهجوم بشكل جيد. وما زالت تظهر أن لديها قدرة عسكرية هجومية".

ولا تزال العمليات التي تقوم كتائب القسام غامضة. فقد تم تصميم الوحدات لتستمر في العمل حتى لو قامت إسرائيل بتدمير أجزاء منها، وهي مقسمة جغرافيا وتتمركز ألويتها الخمسة الرئيسية في شمال غزة ومدينة غزة ووسط غزة؛ ومدينتان جنوبيتان هما: خان يونس ورفح.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، بموجب اللوائح العسكرية إن معظم قوات النخبة كانت في اللواءين الشماليين، اللذين يشكلان حوالي 60% من القوة. وزعم المسؤول أن "حوالي نصفهم قتلوا أو جرحوا أو اعتقلوا أو فروا جنوبا".

وزعم المسؤول الإسرائيلي أن الهدف بالنسبة لإسرائيل هو أولا تفكيك حكومة حماس في غزة، ثم تشتيت المقاتلين والقضاء على القادة ومرؤوسيهم الأساسيين.

آلية لنقل القيادة

لكن عزام التميمي، الصحفي الفلسطيني وعضو جماعة الإخوان المسلمين الذي ألف كتابا عن حماس، قال إن حماس مستعدة لذلك، موضحا: "يمكن أن تختفي القيادات العليا في أي وقت لأنه يمكن قتلهم، أو اعتقالهم، أو ترحيلهم. لذا فقد طوروا آلية النقل السهل للقيادة".

ويقول الخبراء إنه في أفضل الأحوال، ربما تستطيع إسرائيل "احتواء حماس"، لكن حتى لو نجحت إسرائيل بطريقة أو بأخرى في تفكيك الحركة في غزة، فلا تزال هناك فروع لها في الضفة الغربية وخارجها، في أماكن مثل لبنان وتركيا، وهي قادرة على إحيائها.

ولذا يرى مارك بوليمروبولوس، الضابط المتقاعد بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والمتخصص في مكافحة الإرهاب بالشرق الأوسط: "الطريقة الصحيحة للتفكير في الأمر هي تحطيم الحركة إلى الحد الذي لا يجعلها تمثل تهديدًا مستدامًا".

وأضاف: "لا يمكن أن يكون لديك استراتيجية لقتل الجميع فقط. يجب أن يكون لديك سيناريو لليوم التالي".

المصدر | نيويورك تايمز/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل حماس غزة أسامة حمدان نتنياهو