غزة ما بعد الحرب.. فك ارتباط إسرائيلي وبديل مصري مقترح

الأربعاء 10 يناير 2024 03:46 م

سلط ديفيد شينكر، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، الضوء على الدور الذي يمكن لمصر أن تلعبه من أجل غزة، مشيرا إلى أن هذا الدور بالغ الأهمية لمرحلة ما بعد الحرب تحديدا.

وذك شينكر، في تحليل نشره موقع مجلة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن مصر تمثل نقطة انطلاق لمئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تعبر إلى غزة، وقد ألمحت القاهرة إلى أنها يمكن أن تشارك في خطة أمريكية، لم يتم تحديدها بعد، لتشكيل "قوة استقرار عربية" في غزة بعد الحرب.

وأضاف أن المساهمة المصرية في قوة حفظ السلام ستكون بمثابة لفتة مفيدة على نحو غير عادي خلال فترة انتقالية صعبة، لكن ذلك ليس سوى جزء مما يجب على القاهرة القيام به لدعم الفلسطينيين بمجرد انتهاء الحرب.

وأوضح شينكر أن عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت علامة فارقة في "إجراءات الطلاق الجارية" بين إسرائيل وغزة، فعلى الرغم من أن إسرائيل أنهت احتلالها لغزة رسميًا في عام 2005، إلا أنها استمرت حتى وقت قريب في تزويد القطاع بالمياه والكهرباء وفرص العمل، وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول، كان ما يقرب من 18.500 فلسطيني من غزة يعملون في إسرائيل.

وبغض النظر عن التوصل لتسوية سياسية إسرائيلية فلسطينية، فمن غير المرجح أن يحصل الفلسطينيون من غزة على تصاريح للعمل في إسرائيل مرة أخرى، حسبما يرى شينكر، خاصة بعد إفادة تقارير بأن العمال من غزة قدموا معلومات استخباراتية عن المستوطنات والمرافق العسكرية الإسرائيلية لحماس قبل بدء "طوفان الأقصى".

وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أفادت التقارير بأن قطاع البناء الإسرائيلي قدم التماسًا إلى الحكومة الإسرائيلية للسماح للشركات بتوظيف ما يصل إلى 100 ألف هندي ليحلوا محل العمال الفلسطينيين من كل من غزة والضفة الغربية.

 وفي أعقاب "طوفان الأقصى"، علقت إسرائيل أيضًا بيع الكهرباء والمياه إلى غزة، فيما استؤنفت إمدادات المياه، لكن من غير الواضح مدة هذا الاستئناف.

وبعد الحرب، قد تكون إسرائيل متحفظة بشأن مواصلة تزويد غزة بالخدمات كما كان الوضع السابق، وتفضل بدلاً من ذلك قطع جميع علاقاتها مع القطاع.

وهنا يأتي دور مصر، حسبما يرى شينكر، لكنه أشار إلى أن الاقتصاد المصري "الهزيل"، حسب تعبيره، يحول دون إمكانية تقديم مساهمات مالية للفلسطينيين في غزة.

ويقترح الزميل البارز بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في هذا الصدد، أن تتم عملية التمويل عبر دول الخليج، وبذلك يمكن للرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أن يقدم الكثير في مرحلة "ما بعد حماس" بما يحقق الربح لمصر.

ويوضح شينكر أن هناك مساحة واسعة في شبه جزيرة سيناء يمكن استغلالها في بناء منشأة لتحلية المياه ومحطة لتوليد الطاقة، لتلبية احتياجات غزة، على أن تحل مصر محل إسرائيل في بيع الطاقة والمياه للفلسطينيين.

كما يمكن لمصر أن تساعد العمال الفلسطينيين من خلال توفير تصاريح العمل اليومية للعمال المشاركين في بناء هذه المرافق، وربما يمكنهم لاحقاً العثور على عمل في مناطق اقتصادية جديدة تقع في سيناء، بالقرب من رفح.

ويشير شينكر إلى أن واشنطن يمكنها تحفيز هذه المبادرة من خلال إنشاء مناطق صناعية مؤهلة في سيناء، مثل تلك التي تم إنشاؤها بعد اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع مصر والأردن؛ لتصنيع المنتجات بمواد مصرية مجمعة بعمالة فلسطينية وبيعها، على أن تكون تلك المنتجات معفاة من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة وأوروبا.

وبالإضافة إلى هذه المساعدة، يمكن لمصر أن توافق على تدريب قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، إذا طلب منها ذلك، والتي تأمل واشنطن أن تملأ الفراغ بعد "هزيمة حماس"، على حد تعبيره.

وهناك فرصة أخرى، مفيدة ومربحة للقاهرة، حسبما يرى شينكر، وهو إتاحة الفرصة لشركات البناء المصرية لتكون في طليعة عملية إعادة بناء غزة، فمنذ نهاية الإدارة المصرية لغزة عام 1967، اقتصر التعامل المصري مع القطاع إلى حد كبير على الوساطة السياسية والعمليات الاستخباراتية، بينما يمكن تطوير هذا الدور الآن إلى الجانب الاقتصادي.

ويرى شينكر أن ما وصفها بـ "أزمة حماس" تقدم لمصر الفرصة لضرب عصفورين بحجر واحد، عن طريق لعب دور رائد في مساعدة الفلسطينيين من جانب، ولعب دور آخر في إدارة غزة ما بعد الحرب، من جانب آخر.

ويخلص شينكر إلى أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة المتاخمة لغزة، ولم يعد بإمكانها إعفاء نفسها بشكل معقول من أي مسؤولية تجاه من تصفهم بأنهم "أشقائها"، وقد حان الوقت لكي تتحرك.

المصدر | ديفيد شينكر/فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر غزة محور فيلادلفي إسرائيل حماس الإخوان المسلمين عبدالفتاح السيسي