ميدل إيست مونيتور: هكذا تقوض المساعدات الإنمائية السلام في فلسطين 

الخميس 11 يناير 2024 09:50 م

سلط موقع "ميدل إيست مونيتور" الضوء على فشل المساعدات الإنمائية الدولية تحقيق السلام في فلسطين، أو تحرير الاقتصاد الفلسطيني التبعية والاعتماد على نظيره الإسرائيلي، مؤكدا أنه حان الوقت لإنهاء ما وصفه باستعمار المساعدات الإنمائية. 

وأضاف أن العديد من الحكومات الأوروبية، واصلت منذ تسعينيات القرن الماضي تقديم الدعم الساعي؛ لتعزيز وتحرير المجتمع المدني الفلسطيني في ظل هدف معلن وهو تحقيق حل الدولتين. 

وذكر الموقع أنه بالرغم من وصول الدعم الأوروبي للاقتصاد الفلسطيني لمستويات عالية، لكنه لم يحقق للأخير التحرر الاقتصادي وبالطبع لم يتم التوصل من خلاله لحل الدولتين من أجل تحقيق السلام. 

وبدلا من ذلك ظل المجتمع المدني الفلسطيني أسيرا وتابعا للاقتصاد الإسرائيلي، في ظل زيادة اعتماده على المساعدات التي تعطي باستمرار الأولوية للمخاوف الأمنية الإسرائيلية. 

ومن الواضح أن كل ما قدمته "عملية السلام" هذه هو إطار لإضفاء الطابع المؤسسي على بعض الاستراتيجيات الاستعمارية التي تؤجل الالتزام الحقيقي بالعدالة في فلسطين فيما تمنح إسرائيل المزيد من الوقت لاستخراج الموارد الفلسطينية وتوسيع المستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية. 

وذكر الموقع أن هذا الأمر تمليه دائماً الأهداف السياسية للمانحين الغربيين والأوروبيين، لذلك فقد حان الوقت للسماح للمجتمع المدني الفلسطيني لكي يحيا بطريقته الخاصة، وليس ما تمليه عليه الأجندات السياسية الغربية والأجندة الأمنية الإسرائيلية.  

وعقب "بعبارة أخرى، فقد حان الوقت لإنهاء استعمار مساعدات التنمية". 

وبعيدًا عن فشل المساعدات الدولية في تعزيز ودعم نمو مجتمع مدني فلسطيني نابض بالحياة، فإن تصرفات مختلف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نجحت في تجريم وخنق أي شعور فلسطيني بالاستقلال والتنمية. 

وأوضح الموقع أنه تم استقطاب العاملين في المجال الإنمائي بشكل مستمر إلى الأجندة الأمنية الإسرائيلية. 

ولفت إلى أن المانحين يحظرون تلقي أي مساعدات تنموية أو تنفيذها من قبل الأفراد أو المنظمات المدرجة على قوائم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المصنفة كإرهابيين، مشيرا إلى أن ذلك شكل ذلك مثالا واضحا لكيفية تلاعب إسرائيل بأعمال التنمية. 

وعلى وجه التحديد، فإن الاعتماد الكبير على المساعدات، المقترنة بالحساسية الكبيرة تجاه الأجندات السياسية للمانحين، أعطى إسرائيل فرصة فريدة لاستهداف تلك المنظمات التي تشارك في تعزيز الاستقلال الفلسطيني باتهامات بأنها كيانات إرهابية. 

وفي أواخر عام 2021، تم تصنيف ست منظمات فلسطينية بارزة لحقوق الإنسان على أنها منظمات إرهابية في إسرائيل.  

وعلى الرغم من أن الحكومات الأوروبية ذكرت أنها غير مقتنعة بـ "الأدلة" المزعومة التي قدمتها إسرائيل على العلاقات الإرهابية، إلا أن العديد من الأموال الدولية ما زالت معلقة. 

أكثر عدائية 

وبعد هجوم طوفان الأقصى الذين شنته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على إسرائيل، وما تبعه من رد من دولة الاحتلال وصل لحد الإبادة الجماعية لسكان غزة، طالع الجميع عدة أمثلة لكيفية تكثيف هذا التلاعب بالعمل التنموي. 

وفرضت المفوضية الأوروبية والعديد من الدول الأوروبية، مثل السويد وسويسرا والنمسا والدنمارك وفنلندا وألمانيا، قيوداً إضافية على عمليات التمويل، بما في ذلك تجميد الأموال المخصصة لمنظمات المجتمع المدني الفلسطينية ومراجعة محافظ المساعدات التنموية من أجل تجنب وصول تلك الأموال لمنظمات إرهابية، حسب زعمهم. 

وقال شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة حقوق الإنسان الفلسطينية "الحق" مؤخرا في تصريحات صحفية، إن "التدقيق هو مجرد ذريعة لتعزيز الضغوط التي تمارسها علينا هذه الدول منذ سنوات عديدة لقبول الشروط السياسية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من أحداث 7 أكتوبر". 

وبالتالي، تواجه منظمات المجتمع المدني الفلسطيني حاليًا مناخًا أكثر عدائية من أي وقت مضى. ويتجلى تأثير هذه القيود بشكل خاص في مجال حقوق الإنسان. 

وفي الواقع، فإن جهود المجتمع المدني الفلسطيني حاسمة في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها، والبحث عن حلول عملية للضحايا والناجين. 

ومن ثم فإن وقف الدعم لهذه الجهود لن يؤدي إلا إلى تسريع تكتيكات التمييز والقمع والتطهير العرقي التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية. 

في النهاية، هذا هو السبب أيضًا الذي يجعل إسرائيل تشعر أنه من المفيد في المقام الأول التحكم في كيفية توزيع تمويل التنمية. 

ومؤخراً، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدة شروط لتحقيق السلام كان من بينها ضرورة تغيير المجتمع المدني الفلسطيني ليدعم مكافحة الإرهاب بدلاً من تمويله" 

ورغم أن نتنياهو ليس لديه أي أساس لوصف منظمات المجتمع المدني الفلسطينية بأنها "متطرفة" أو الادعاء بأنها تمول الأنشطة الإرهابية، فإنه على حق بشأن الحاجة إلى التحول. 

لقد أحدث هجوم طوفان الأقصى وما أعقبه من صدع عميق لدرجة أن إعادة تصور "عملية السلام" أصبحت أمراً حتمياً، ولذا فإن يمكن القول إن التدخل الغربي في جوهره يدعم الهياكل الاستعمارية، حيث تقوم العلاقة بين المانح والمتلقي على التبعية الاقتصادية وانعدام الثقة في الجهات الفاعلة المحلية. 

 بالإضافة إلى ذلك، فإن الحديث عن القانون الدولي وحقوق الإنسان وتطوير المؤسسات الدولية - وهو حجر الزاوية في أجندة "بناء السلام" الليبرالية نفسها - كشف عن تطبيقه غير المتكافئ مع فشل المجتمع الدولي في وقف الفظائع الإسرائيلية المستمرة وجرائم الحرب في غزة. حتى أن الدول الغربية تساعد وتحرض دولة الاحتلال.  

واللافت أن المقاومة الفلسطينية يتم خنقها في الوقت نفسه تحت شعار تعزيز "السلام"، ويتضح من خلال ذلك هو أن فرض المساعدات الدولية والتنمية بالقوة لا يؤدي إلى تعزيز السلام في فلسطين، بل إلى تقويضه. 

 

المصدر | ميدل إيست مونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المساعدات الدولية لفلسطيين المجتمع المدني الفلسطيني تحرير المجتمع المدني الفلسطيني