الإبادة الجماعية.. هكذا تختبر غزة حقيقة مسرح حقوق الإنسان الغربي

الاثنين 15 يناير 2024 12:36 م

ليست إسرائيل وحدها هي التي تخضع للمحاكمة أمام محكمة العدول الدولية؛ بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في غزة، إذ تختبر الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا "ادعاء الغرب بالتفوق الأخلاقي"، بحسب الكاتبة نسرين مالك في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian).

وقالت مالك، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل (...) تناولت تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على غزة (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، لكن القضية في جوهرها تتعلق بشيء أوسع، وهو سد الفجوة بين الواقع الفلسطيني وكيف تصفه القوى السياسية المهيمنة".

وأوضحت أنه "منذ أسابيع، امتد الغضب من الأحداث في غزة إلى الشوارع في جميع أنحاء أوروبا، لكن تم تجاهله أو رفضه أو حظره أو التشهير به من جانب القادة السياسيين".

و"عالميا، لم تترجم إدانة العنف من جانب منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وحتى البابا (فرنسيس) إلى إجراءات ذات معنى من جانب القادة السياسيين، وعرقلت الولايات المتحدة قرارا للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار"، كما زادت مالك.

وأضافت أن هذا الموقف "يرتكز على حقيقة أنه حتى لو كان الدعم لفلسطين شعبيا، فإنه لم يكن قويا، ونادرا ما انتقل من الشوارع إلى قاعات السلطة (...) وبإعرابها عن إدانتها لإسرائيل، تعد أيرلندا، المستعمرة السابقة، واحدة من الدول القليلة التي انفصلت عن المحيط الإنجليزي".

العالم خذل غزة

مالك قالت إن "ما تحدث به جنوب أفريقيا أمام المحكمة تحدى هذه الصورة، سواء في المظهر أو في الجوهر".

وتابعت أنه "من المهم أن الأشياء، التي حققت فيها وسائل الإعلام وأبلغت عنها منظمات حقوق الإنسان ورواها الفلسطينيون على الأرض، تم جمعها وإدراجها في عنوان واحد: 6 آلاف قنبلة أسقطتها إسرائيل على غزة أسبوعيا في الأسابيع الثلاثة الأولى من الصراع، و85% من سكان غزة نزحوا، و93% من السكان يواجهون أزمة مستويات الجوع".

وشددت على أنه "من المهم أن هذه الادعاءات مرتبطة باتفاقيات جنيف وقانون حقوق الإنسان، ويتم التحدث بها في إطار رسمي، ضمن إطار قانوني، وينطق بها المحامون ويستمع إليها القضاة".

و"بهذا المعنى، لا يهم ما هو الحكم النهائي، بقدر ما يهم أن القضية قد أُقيمت.. من المهم تقديم مذكرة تعترف بخطورة الأحداث، التي قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وتم تقديم ما يكفي لتوضيح أن الاستجابة الدولية كانت قاصرة بشكل مثير للصدمة"، بحسب مالك.

و"قد خذل العالم غزة في الإبادة الجماعية التي تم بثها على الهواء مباشرة"، كما قال وفد جنوب أفريقيا في أمام المحكمة التي بدأت في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري جسلت استماع للنظر في القضية.

نظام طبقي دولي

وتُظهِر قضية محكمة العدل الدولية، وفقا لمالك، "كيف المنطق الغربي بدأ يضعف، وقدرته على الإقناع تتضاءل في عالم متعدد الأقطاب".

وشددت على أن "أهمية حقيقة أن الدولة التي ترفع هذه القضية هي جنوب أفريقيا، وهي رمز ويلات الاستعمار والاستيطان والفصل العنصري، لا يمكن أن تغيب عن بال أحد".

وأردفت: "كما رفضت ناميبيا دعم ألمانيا لإسرائيل في المحكمة، في إشارة إلى ارتكاب ألمانيا في نامبيا "أول إبادة جماعية في القرن العشرين".

مالك اعتبرت أن "القضية ترمز إلى مواجهة أوسع نطاقا، وهو ما إذا كانت البنية التحتية لحقوق الإنسان حقيقية أم أنها مجرد مسرح يُقام لخدمة نظام طبقي دولي ما".

وقالت إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا وغيرها من الدول تعترض على القضية المرفوعة ضد إسرائيل، "ولكن توجد تكلفة مترتبة على رفض المفاهيم والعمليات التي تدعم شرعية مطالبة هذه البلدان بالسلطة الأخلاقية".

وزادت بأن "هذه السلطة الأخلاقية هي السبب وراء تعيين (هذه الدول) أنفسها أوصياء  على السياسة الخارجية العالمية، حيث يتم حماية الضعفاء واعتقال العدوانيين. لقد وضع الصراع هؤلاء الحلفاء في موقف يسمح لهم بتقويض أنظمتهم أو تجاهلها؛ مما يؤدي إلى فقدان مصداقيتهم".

و"عندما تكون على الجانب الخطأ من الأمين العام للأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان، وتعترض على تقديم طلب إلى محكمة عالمية، فأنت تقوم بتفكيك منزلك بنفس الأدوات التي بنيته بها"، كما ختمت مالك.

المصدر | نسرين مالك/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج

  كلمات مفتاحية

غزة إبادة جماعية إسرائيل محكمة العدل الدولية الغرب أمريكا