خبير اقتصادي: إسرائيل مقبلة على ركود طويل.. ولا مفر من زيادة الضرائب

الخميس 8 فبراير 2024 01:59 م

سلط البروفيسور، أودي نيسان، الرئيس السابق للميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية وأستاذ الاقتصاد في كلية فيدرمان للسياسة العامة بالجامعة العبرية، الضوء على موازنة العام الجاري 2024، باعتبارها مؤشرا على حالة اقتصاد الدولة العبرية خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن تلك المؤشرات ترجح ركودا قادما.

وذكر نيسان، في مقال نشره بموقع "جلوبس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الحكومة الإسرائيلية تهرب من القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها الآن لتجنب الألم الأسوأ في المستقبل، مشيرا إلى تأثير حالة عدم اليقين بشأن مدة وشدة القتال في الشمال (مع حزب الله) والجنوب (مع المقاومة الفلسطينية) على جودة أداء الاقتصاد من حيث النمو والتوظيف والنشاط التجاري.  

وأضاف أن قسم الموازنة في وزارة المالية يبدأ إعداده لموازنة أي عام مقبل بتوقعات أولية من أجل فهم إطار الموازنة والتعديلات المطلوبة وصياغة السياسة الاقتصادية ومناقشة الخطط الرئيسية لرفع مستوى المعيشة وتحسين الإنتاجية وتسريع تطوير البنية التحتية وأهداف التوظيف، وهو ما لم يحدث هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين سالفة الذكر.

وأوضح نيسان أن عاما مضى على انتخاب الحكومة الإسرائيلية الحالية، ومع ذلك لا يزال من الصعب الإشارة إلى اتجاه اقتصادي لها، إذ لا هم لها سوى غير البقاء، وهو ما بدا واضحا قبل حرب غزة، وأصبح أكثر وضوحا بعدها.

ويثير عدم الاستقرار السياسي مخاوف بشأن القدرة على استكمال عملية موازنة منظمة لعام 2025، بحسب نيسان، مشيرا إلى أن الميزانية المنقحة لعام 2024 قدمت عرضًا ترويجيًا قصيرًا لما يمكن توقعه لاحقًا.

فقبل شهر واحد فقط عرض وزير المالية، بتسلئيل سموتشريتش، عجزاً متوقعاً بنسبة 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل قبل إجراء تعديلات على الميزانية، وبعد أسبوعين، ودون أن يحدث أي شيء مهم في هذه الأثناء، قفزت التوقعات ووافقت الحكومة على الميزانية بعجز متوقع بنسبة 7.5% قبل التعديلات و6.6% بعد التعديلات.

وحتى قبل تقديم الميزانية إلى الكنيست، ثمة اتفاق على المزيد من الإضافات إلى ميزانية الدفاع، الأمر الذي يستلزم تجاوز العجز، وكلها تغييرات تعبر عن تأثير حالة عدم اليقين، التي أدت إلى تغير في التوقعات الاقتصادية في غضون أسابيع قليلة.

ويرى نيسان أن ميزانية 2024، التي ستُعرض على الكنيست، تعكس عدم مسؤولية السياسيين، لأنها مبنية على سيناريو متفائل، مضيفا: "رغم جهود المهنيين في وزارة المالية لخلق موازنة معقولة، يبدو أن هذا هو أقصى ما يمكن في ظل الحكومة الحالية: الضعيفة، والمنهكة، والفاقدة للبوصلة الاقتصادية".

سنوات ركود

وإزاء ذلك، تزايدت بشكل كبير المخاوف من انجرار إسرائيل إلى سنوات من الركود الاقتصادي في ظل العبء الإنفاق العسكري المتزايد، واتساع فجوة البنية التحتية، والأضرار التي لحقت بقطاع العقارات، والخوف من تراجع الاستثمار، وتباطؤ صناعة التكنولوجيا.

ورغم ارتفاع مستوى عدم اليقين، يشدد نيسان على ضرورة اتخاذ الحكومة الإسرائيلية لقرارات اقتصادية مهمة، واتباع سياسة نشطة، موضحا: "هذا هو الوقت المناسب لفهم القيود، وإدراك أن الميزانية العسكرية وأسعار الفائدة سترتفع بشكل كبير، والتوقف عن التمسك باللصقات المؤقتة لإخفاء النزيف".

وأضاف: "هذا هو الوقت المناسب لكي ندرك أن خفض الإنفاق المدني في إسرائيل غير الممكن، وأنه لا مفر من زيادة الضرائب. سيتعين على الجمهور (الإسرائيلي) أن يدفع من مستوى معيشته ثمن الحرب وعواقبها، وكذلك الأضرار الاقتصادية التي تسببت بها الحكومة قبل الحرب".

وشدد نيسان على أنه كلما كان علاج المشكلة الاقتصادية مبكرًا كلما كان الألم أقل، مضيفا: "يجب الاعتراف والإعلان بصوت عالٍ وواضح أنه لا يوجد ما يكفي من المال للجميع".

ودعا أستاذ الاقتصاد بالجامعة العبرية إلى إجراء تغيير بالأولويات الاقتصادية عبر خفض الإنفاق غير الضروري، وخاصة الإنفاق القطاعي، وتنفيذ "تدابير مؤلمة" مثل خفض مدفوعات الرعاية الاجتماعية وتأجيل المشروعات غير الضرورية.

وكل هذا "يجب أن يجري بالتوازي مع التدابير الرامية إلى تعزيز النمو، وعلى رأسها تطوير مشروعات البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار، ورفع الإنتاجية، وضم قطاعات من السكان إلى قوة العمل، وتركيز الاهتمام على سوق العقارات"، حسبما يرى نيسان، مؤكدا أنه بدون هكذا إجراءات "لن يكون هناك نمو اقتصادي، وبدون نمو سيرتفع خطر ضياع عقد آخر في الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير".

الضعف السياسي

ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة العبرية أن "المشكلة الرئيسية هي أن وزير المالية ووزراء الحكومة الإسرائيلية الحاليين لا يفهمون ذلك، وبعيدون كل البعد عنه، فحتى التدابير المؤقتة مثل وقف التخفيضات الضريبية لا يتم تنفيذها. ويستمر تأجيل كل خطوة مهمة مثل رفع ضريبة القيمة المضافة، وفرض بديل لرسوم الوقود على السيارات الكهربائية، وما إلى ذلك".

لقد أصبح الانتظار بديلاً للاستراتيجية في حكومة إسرائيل، بحسب نيسان، الذي عزا ذلك إلى "الضعف السياسي" الذي يدفع الحكومة إلى "التهرب" من الأخبار السيئة، وجعلها مهووسة بتقديرات خاطئة للميزانيات.

والضعف السياسي "وصفة أكيدة للفشل في اتخاذ القرارات الصعبة"، بحسب نيسان، والنتيجة هي "سياسة الانتظار والأمل" حسب تعبيره. وأضاف: "لدق عدنا، باختصار، إلى اقتصاديات "بعون الله". وحتى المصادر اليهودية تحذرنا من توقع الخلاص من فوق دون العمل".

واختتم نيسان مقاله بالإشارة إلى أن التصنيف الائتماني لإسرائيل انخفض بالفعل، كما يتجلى في ذلك أسعار السندات الحكومية، كما يتم تدمير جاذبية الاقتصاد للاستثمار يوميا، و"بدون سياسة اقتصادية نشطة فإن هذه الاتجاهات سوف تزداد سوءا".

المصدر | أودي نيسان/جلوبس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل وزارة المالية الإسرائيلية الحكومة الإسرائيلية الاقتصاد الإسرائيلي الضرائب التصنيف الائتماني

تفاقم العجز المالي في إسرائيل إلى 4.8% من الناتج الإجمالي

إسرائيل على صفيح ساحن بعد تخفيض موديز لتصنيفها الائتماني

حرب غزة توجه ضربة قاسية للاقتصاد الإسرائيلي