مصر تتراجع عن مشروع القرن لتبطين الهرم الأصغر

الخميس 15 فبراير 2024 09:30 م

تراجعت مصر، عن مشروع تبطين هرم "منكاورع"، بعد الجدل الذي أثاره، حيث أعرب كثيرون عن مخاوفهم من الإضرار بالقيمة التاريخية والأثرية له.

وفي بيان لوزارة الآثار المصرية الخميس، حسمت اللجنة العلمية التي شكلتها وزارة السياحة والآثار المصرية الجدل الدائر بشأن مشروع لإعادة كساء الهرم الأصغر (منكاورع) بالغرانيت، والذي كان مقدما من اليابان.

وقررت بإجماع أعضائها، حسب البيان، "رفض إعادة تركيب أي من الكتل الغرانيتية الموجودة حول الهرم".

في حين وافقت مبدئياً على تنفيذ أعمال تنقيب أثري في الموقع، شريطة تقديم خطة شاملة قبل بدء العمل.

ونهاية الشهر الماضي، انتقد أثريون إعلان وزارة السياحة والآثار "تنفيذ مشروع لدراسة وتوثيق الأحجار الغرانيتية التي تمثل الكساء الخارجي لهرم الملك منكاورع والموجودة بمنطقة أهرامات الجيزة، تمهيداً لإعادة تركيبها".

وكان الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر مصطفى وزيري، وصف المشروع بأنه "مشروع القرن"، وعدّه "هدية مصر للعالم تزامناً مع الافتتاح الوشيك للمتحف المصري الكبير"، حيث "يسهم في رؤية هرم الملك منكاورع لأول مرة كاملاً بالكساء الخارجي له كما بناه المصري القديم".

 

إلا أن أثريين رفضوا ما أسموه "تبليط الهرم"، وعدّوه "تشويهاً للأثر"، ما دفع وزارة السياحة والآثار لتشكيل لجنة علمية لدراسة المشروع برئاسة عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس، وعضوية 6 من كبار العلماء والخبراء المتخصصين في مجالات الآثار والهندسة من المصريين والأجانب من الولايات المتحدة، وجمهورية التشيك، وألمانيا.

وخلصت اللجنة العلمية، في تقريرها، الذي أعلنت الوزارة تسلمه، الخميس، وبإجماع الأعضاء، إلى "عدم الموافقة على إعادة تركيب أي من الكتل الغرانيتية الموجودة حول جسم هرم (منكاورع)، وضرورة الحفاظ على حالة الهرم الحالية دون أي إضافات لما له من قيمة أثرية عالمية استثنائية".

وأشارت إلى أنه "يمكن الاستدلال على شكل الكساء الأصلي للهرم من خلال المداميك (الصفوف) السبعة الموجودة حالياً على جسم الهرم منذ آلاف السنين".

وشددت اللجنة على أنه "من المستحيل التأكد من المكان الأصلي والدقيق لأي من هذه الكتل الغرانيتية على جسم الهرم، وأن إعادتها سوف يغطي الشواهد الموجودة لطرق وكيفية بناء المصريين القدماء للأهرامات".

جاء قرار اللجنة عقب اجتماعات مكثفة، عقدتها على مدار الأسبوعين الماضيين، لمناقشة النظريات العلمية المختلفة، إضافة إلى زيارات قامت بها لهرم منكاورع، وفق البيان.

وأبدت اللجنة "موافقتها المبدئية على القيام بأعمال التنقيب الأثري للبحث عن حُفر مراكب هرم منكاورع، على غرار تلك الموجودة بجوار هرمي خوفو وخفرع، شريطة أن تكون هناك أسباب علمية واضحة ومفصلة يتم تقديمها في دراسة تعرض على اللجنة العلمية العليا قبل البدء في الحفائر، وألا تقتصر الأعمال على فكرة البحث عن حُفر المراكب أو المراكب فقط".

وأيدت المشروع العلمي الأثري المقدم للدراسة والرفع المساحي لهرم منكاورع وتنظيم الكتل الغرانيتية المكونة للكسوة الخارجية المتساقطة منه، والقيام بأعمال الحفائر للكشف عن باقي الكتل ذات الزوايا المائلة حول الهرم، إضافة إلى تنظيف وتنظيم الموقع للزيارة.

لكنها أكدت "ضرورة عدم البدء بأي أعمال علمية أو أثرية في المشروع إلا عقب تقديم مقترح تفصيلي متكامل يتضمن خطة عمل علمية شاملة، تتم مناقشتها أمام اللجنة العلمية، التي ستتولى بدورها رفع تقرير علمي لوزارة السياحة والآثار للتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، واللجنة الدائمة للآثار المصرية".

واشترطت اللجنة "تضمين الخطة جدولاً زمنياً لتنفيذ المشروع، إضافة إلى أسماء أعضاء فريق العمل من الآثاريين، الذين يجب أن يتمتعوا بخبرة في مجال التسجيل والتنقيب الأثري ودراسة طبقات الأرض، على أن يضم فريق العمل مهندساً ذا خبرة في مجال التراث الثقافي والترميم، ومهندساً معمارياً يتمتع بخبرة في العمارة".

والهرم الأصغر شيّد في عهد الملك منكاورع، خامس ملوك الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة، نحو 2632 قبل الميلاد.

و"هرم منكاورع"، هو الوحيد في مصر بين أكثر من 124 هرما، الذي تضمن تصميمه كساء خارجيا من الغرانيت، حسب وزيري.

ويقول آثاريون إنه نظراً للظروف الاقتصادية في عهد منكاورع لم يستطع بناء هرم بارتفاع هرمي جده وأبيه خوفو وخفرع المجاورين له، واكتفى بارتفاع بلغ نحو 66 متراً، وعمد إلى كساء الهرم بالغرانيت، لكنه توفى قبل استكمال هذه العملية.

من جانبها، رحّبت عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري مونيكا حنا، بقرار اللجنة، وقالت إن "قرار وقف المشروع يعد إعلاء لقيمة العلم".

وكانت حنا من بين من تزعموا حملة الانتقادات ضد المشروع، وعدّته "تدخلاً سافراً في عمل المصري القديم الذي لم يستكمل هذا الهرم، ما يؤثر بشكل صريح على موثوقية وأصالة الأثر".

وأشارت إلى أن "القطع الحجرية الغرانيتية بجانب هرم منكاورع غير مهذبة، ما يؤكد أنها لم تسقط منه، لأن المصري القديم هذب القطع عند تثبيتها في الهرم نفسه".

وأكدت أنه "لا يوجد دليل أثري أو تاريخي منشور أو مكتشف على طريقة تثبيتها".

بينما أعرب عالم المصريات باسم الشماع، الذي كان مؤيداً للمشروع، عن استيائه من قرار اللجنة، وقال إن "هذا القرار متعجل، وكان ينبغي على اللجنة دراسة المشروع".

وأضاف: "يبدو أن اللجنة تأثرت بحالة الجدل بشأن المشروع".

وأشار إلى أن "المشروع لم يتحدث عن تركيب أحجار الغرانيت مباشرة، بل بعد عام من الدراسة والمسح".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر مشروع تبطين الهرم هرم منكاورع الهرم الأصغر وزارة السياحة مشروع القرن