استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المجتمع المدني العربي في فخ اللعبة الدولية

الثلاثاء 5 أبريل 2016 04:04 ص

أصبح الأمر، اليوم، أكثر وضوحاً.هناك تغير حصل في سياسة مؤسسات التمويل الغربية تجاه منظمات المجتمع المدني عموماً، والعربية منها خصوصا. لكن، قبل الإشارة إلى الأسباب، علينا أن نتذكّر ما يلي:

تطلب الأمر أكثر من أربعين عاماً حتى يصبح الحديث عن المجتمع المدني جزءاً من الخطابات الرسمية للحكومات العربية، من دون أن يعني ذلك انتهاء التحفظات السابقة، أو القبول به شريكاً فعلياً وكامل الحقوق في وضع السياسات ومراقبتها. وعندما اندلعت الحركات الاحتجاجية، ونجحت الثورة التونسية بالخصوص في تغيير موازين القوى، تمكّن المجتمع المدني المحلي من أن ينجز، في مرحلةٍ قصيرةٍ، مهام عديدة، فاقت أحياناً ما قدمته الأحزاب. ولم يقف الأمر عند تونس، بل حققت عموم المجتمعات المدنية العربية تقدماً متفاوتاً، لكنه ملحوظ في عديد المجالات، وهو ما أعاد تأجيج مخاوف الأنظمة من هذا الكيان النامي الذي ترى فيه قوةً مشاكسةً وحريصةً على أن تحدّ من هيمنة الحكومات على الشأن العام.

توالت، في المدة الأخيرة، نداءات الاستغاثة التي يطلقها من أصبحوا يسمّون نشطاء المجتمع المدني العرب. كما تعدّدت المؤشرات التي تدل على وجود إرادةٍ سياسيةٍ لتحجيم دور المنظمات المستقلة، والعمل على إضعافها أو إخضاعها لأجنداتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، تتعارض مع المبادئ التي قامت من أجلها هذه المنظمات.

اللافت للنظر أن هذه الرغبة لا تقتصر على معظم دول المنطقة، وإنما اتّسعت رقعتها لتشمل أيضاً جزءاً مهماً من الحكومات الأوروبية والغربية التي انخرطت بدورها في الجهود الرامية إلى تقييد حركة المجتمعات المدنية العربية، وأيضاً ممارسة الضغط حتى على منظماتها المحلية.

تعتبر معضلة التمويل من أهم الأسلحة، وأكثرها إيلاماً، التي تستعمل اليوم للتحكّم في المنظمات غير الحكومية، محلياً ودولياً، فالجمعية التي لا يتوفر لديها الحد الأدنى من المال تجد نفسها عاجزةً عن الحركة والتأثير. ولهذا الغرض، تجد المسؤولين عن هذه المنظمات مشغولين باستمرار بالبحث المستمر عن مصادر تمويل لمشاريعهم التي تستجيب لحاجيات الجمعية. وبما أن التمويل المحلي صعب المنال، ومرتبط بشروطٍ سياسيةٍ قاهرةٍ، يصعب القبول بها، لأن المقابل هو التخلي عن استقلالية القرار، وربما الاضطرار إلى تكييف الأهداف والوسائل وفق مصلحة الجهات الحاكمة. ولهذا السبب، تلجأ المنظمات إلى طرق أبواب مؤسسات التمويل الدولية.

في المرحلة السابقة، كانت المنظمات غير الحكومية العربية تجد التمويل بسهولة، خصوصاً في مجالات المرافعة والدفاع عن الحقوق السياسية والاجتماعية، وإلى حد ما الاقتصادية. وكانت الحكومات الغربية تشجع على ذلك، لكي تكثّف الضغط على أنظمة الحكم في المنطقة، وتزيد من ابتزازها وإجبارها على القبول بشروطها السياسية والتجارية. وبما أن هذه الأنظمة غبية، إذ بدل أن تتصالح مع مجتمعاتها المدنية المحلية، وتجعل منها حليفاً لمواجهة كل أشكال الضغط الماسّة بالسيادة والمصالح الوطنية، تراها مستمرةً في التضييق على الحريات، إلى جانب تقديم تنازلاتٍ خطيرةٍ، حتى ترضي مراكز القوى الدولية لضمان استمراريتها في السلطة.

عندما تغيّرت قواعد اللعبة، وأصبح للمجتمعات المحلية صوتٌ عالٍ في بعض الحالات، بدأت تتغير حسابات مصادر التمويل، وأخذت تظهر اعتراضاً واضحاً على مطالب بعض المنظمات، خصوصاً تلك الرافضة للسياسات الغربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. كما لاحظت العواصم الغربية ضعف قدرة القوى البديلة على إدارة شؤون الدولة، في أثناء المراحل الانتقالية، وهو ما زاد من هشاشة الأوضاع، وضاعف من حجم أطماع الحكومات الغربية، إلى جانب الشركات متعدّدة الجنسيات.

تعيش اليوم المجتمعات المدنية المحلية مأزقاً حقيقياً، إذ أعادت مؤسسات التمويل الدولية هيكلة ميزانياتها، فقلصت بشكلٍ واسعٍ من حجم المساعدات التي كانت موجهةً لدعم منظمات المجتمع المدني في العالم العربي، وخصّصتها لجهود مكافحة الإرهاب، إلى جانب تغطية نفقات ملف الملايين من المهاجرين السوريين. أي أنها قدّمت الأمن على حساب قضايا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وحتى الدفاع عن الحريات، وهو ما ستكون له تداعياتٌ خطيرةٌ على مستقبل النشاط المدني برمته. ويكفي الاطلاع على تقارير منظمات حقوق الإنسان، لندرك خطورة التحدّي.

* صلاح الدين الجورشي كاتب من تونس، رئيس تحرير صحيفة "الرأي العام" الإلكترونية، وخبير في الحركات الإسلامية وقضايا المجتمع المدني.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

المجتمع المدني العربي التمويل المجتمع المدني الثورة التونسية الوطن العربي

إصلاح دولة الأمن العربية

الفكر المدني في فقه الشريعة

الوعي «العربي» الزائف

هل المجتمع المدني ضد الدولة؟

أين المجتمعات المدنية في النظام العربي ؟

انكشاف النخبة المدنية في مصر

الحكومات العربية والمجتمع المدني

تدنيس المقدس

الواقع إذ يهدد البديل المدنى