استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في ذكرى الهزيمة.. سنظل في بلادنا ولها

الاثنين 6 يونيو 2016 05:06 ص

نعيش في ظل نظام مقطوع الرأس، مشلول القرار، لا يحترم رعاياه، ولا تقر دولته بحقوقهم فيها وعليها. مع ذلك نلتفت إلى محيطنا الذي تتفجر دوله وتتشظى فنكاد نشكر الله على نعمه: ليس خطر الحرب الأهلية داهماً.. وبرغم كل شيء فما تزال الحياة ممكنة، أقله لكبار السن، في هذا الوطن الجميل الذي يودع شبابه كل صباح وقد قرروا مغادرته ـ أو دفعهم أهله إلى مغادرته ـ ليكون لهم مستقبل في بلاد التيه البعيدة.

نلتفت بالخوف إلى محيطنا الغارقة دوله ذات التاريخ المضيء في دماء أهلها الذين كانوا صناع الحضارة وأمجاد الأمة، فيأخذنا الرعب عليها ومنها وعلى مستقبلنا في أرض هذا الوطن الصغير الذي يضيق بأهله.

يمتد دهر الهزيمة فينا وفي أبنائنا والأحفاد فيشمل حياتنا بوجوهها كافة: يخنق الآمال والتمنيات، يسحق فينا إيماننا بأنفسنا وبقدراتنا. يرجعنا إلى جاهلية تغربنا عن ذاتنا. نهجر أسماءنا الحسنى. نهرب إلى الأسماء التي يعرف أن ينطقها «الآخر» فيقبلها. نشتري هوية ليست لنا. نلغي تاريخنا.. نحوله إلى كوميديا سوداء. نستعير مستقبلاً لم نسهم في صنعه ولا يحفظنا حتى ونحن نخدم جنوداً لحمايته، أو مرتزقة في جيوشه التي يبعث بها لاحتلال بلاد الغير بذريعة حمايتها من أهلها.

خمسون عاماً من الهزيمة التي لا تفتأ تستولد هزائم جديدة وتمد ظلالها السوداء فوق بلادنا فتُسقِط إيماننا بأنفسنا، بقدراتنا، بأهليتنا وحقنا في التغيير. نُسلِّم بالواقع الذي يلغينا، إذ نصير فيه أرقاماً بلا مجموع.

كيف تكون «خير أمة أُخرجت للناس» بلا مصر بكل دورها الحاسم في النهوض والقيادة... بل هي اليوم مغيبة عن ذاتها وعن موقعها القيادي، غارقة في همومها التي تضيعها بين الجوع والخوف من إذلال العدو في ظل الحكم بالعسكر الذي كان مدخراً لتعويض الهزيمة بنصر مؤزر.

... وسوريا غارقة في دمائها، وشعبها الفقير المؤمن بأمته العربية، المعتز بتاريخه وبدوره القومي سواء في مقاومة المشروع الإسرائيلي وفي إثبات القدرة على بناء غده الأفضل بجهوده وعرقه ودمائه حتى دعاه الواجب ليس داخل حدود «قطره» فحسب بل في أي قطر آخر، وصولاً إلى الجزائر غرباً وإلى اليمن جنوباً؟

... والعراق منقسم على ذاته، يعاني من «الأمراض اللبنانية»، ويكاد يستعير «الصيغة» التي لا تبني أوطاناً لحفظ دولته المتهالكة والممزقة بالطائفية والعنصرية والنزعات التقسيمية، والتي تتزاحم في سمائها الطائرات الحربية للدول ذات المطامع الاستعمارية مهذبة الآن بادعائها تلبية النجدة لحفظ دولة هارون الرشيد؟!.. ثم أن الفقر يضرب عزة شعبه بعدما نهب «القادة» الذين اصطنعهم الاحتلال موارده، وأذلوا أهله بما مكّن «داعش» من أن يجتاح «أرض السواد» فيشطرها دولاً شتى، يستنجد بعضها ضد البعض الآخر بالأجنبي.

والسعودية تخلع العباءة والكوفية والعقال وترتدي البزة العسكرية ليس لقتال العدو الإسرائيلي بل لمكافحة «الإرهاب» ومحاربة الهيمنة الإيرانية على قاعدة مذهبية... بافتراض أنه قد آن الأوان لقيام إمبراطورية السيف والذهب فوق الأرض العربية، وتهدد باقتحام سوريا عسكرياً إذا عجزت فصائل المعارضة المسلحة عن إسقاط نظام دمشق... أما فلسطين فمتروكة لقدرها الإسرائيلي، في حين ينتظم أصحاب العباءات المذهبة في طابور الساعين إلى شراء الرضا الصهيوني بأي ثمن، مقابل أن يرضى بها شريكاً في الهيمنة على الأرض العربية بعد تحطيم إرادة شعوبها.

هذه بعض نتائج الهزيمة العربية في ذكراها الخمسين. أما وقائعها الجارحة فإنكار الهوية الجامعة، ووحدة المصير، وتآمر البعض على البعض الآخر وتسعير نيران الحروب الأهلية التي تلتهم الشعوب العربية المساهمة في صناعة التاريخ الإنساني.

لكن الهزيمة ليست قدراً... ولن نهرب منها إذا أنكرنا تاريخنا وزورنا هوياتنا واستوردنا لأبنائنا أسماء هجينة، وسعينا فدفعنا الرشى للحصول على «جنسية محترمة».

الهزيمة قدر الجبناء والهاربين من «عار» الانتماء إلى أمتهم إلى «مجد» الهوية التي تلغيهم. وتجربة المقاومة في لبنان في إجلاء المحتل الإسرائيلي سنة 2000، ثم في مواجهة حربه سنة 2006، شهادة قاطعة الدلالة على أن الهزيمة ليست قدراً، ولسوف نبقى في أرضنا لنظل نستحق شرف الانتماء إليها.

.. وكل رمضان وأنتم بخير

* طلال سلمان كاتب قومي مخضرم ورئيس تحرير "السفير" البيروتية. 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

الهزيمة النكسة الحرب الأهلية السعودية فلسطين اليمن الأمة مصر سوريا العراق

استدامة النكسات والنكبات والهزائم العربية..!

فلسطينيون وسوريون يحيون الذكرى الـ 49 لـ«نكسة»

مصير العرب مع هزيمة التنوير الإنساني في سوريا

الهزيمة بأثر رجعي

النكسة في زمن البربرية!

استدامة النكسات والنكبات والهزائم العربية..!

أنكون على موعد مع الهزيمة؟