أكدت السلطات المغربية أنها قامت بجمع معلومات هامة عن عدد من مواطنيها العائدين من القتال في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية»، موضحة أن مواطنيها سرعان ما يتولون مناصب قيادية في التنظيم.
وكان وزير الداخلية المغربي «محمد حصاد» قد كشف تفاصيل دقيقة حول مغاربة «الدولة الإسلامية»، تم التوصل إليها بعد إلقاء القبض على 128 ممن عادوا إلى المغرب، وجرى التحقيق معهم.
وأشارت المعلومات إلى أن العدد الإجمالي للمغاربة المنضمين إلى «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، بلغ 1122 شخصا، يضاف إليهم نحو ألفي شخص آخر من أصول مغربية، ويحملون جنسيات دول أخرى، أوروبية تحديدا.
كما أفادت المعلومات بأن عدد القتلى المغاربة في صفوف التنظيم بلغ 200، وهو ما يمثل 20% من المقاتلين المغاربة في التنظيم، كما أن تحركات هؤلاء المقاتلين تؤكد توليهم مسؤوليات عسكرية، وبينهم من هم برتبة أمير عسكري، وقاض شرعي، وأمير على اللجنة المالية، وآخر للحدود الترابية.
ولفتت المعلومات الانتباه إلى أن من بين المغاربة الذين انضموا إلى «الدولة الإسلامية» أفراد عائلة بكاملها، تمكنوا من الالتحاق بالتنظيم، فرادى أو في شكل جماعي، لينتهي بهم الأمر في ساحات حرب لا تشبه أحياء المدن الهادئة التي عاشوا فيها.
وأوضحت المعلومات أن من بين المغاربة الذين يتولون موقعا رفيعا في التنظيم، الشاب «إلياس المجاطي»، نجل «عبدالكريم المجاطي، وهو أحد قياديي تنظيم «القاعدة» والذي قُتل في مواجهات مع القوى الأمنية السعودية في مدينة الرس عام 2005، و«إلياس» مكلف بالتغطية الإعلامية للتنظيم بصفته عضوا في اللجنة، ولم يمض على انضمامه سوى شهور قليلة، حتى التحقت به والدته، «فتيحة المجاطي».
وكانت «فتيحة المجاطي» أنشط أفراد العائلة، ظلت تعبّر عن أفكارها الداعمة لـ«القاعدة» أمام الملأ، الأمر الذي دفع السلطات الأمنية المغربية إلى فرض مراقبة دقيقة عليها، غير أنها تمكنت من الالتحاق بـ«الدولة الإسلامية» مطلع تموز/يوليو الماضي وسافرت عبر تركيا، بالرغم أن أعين الأمن المغربي لم تغفل عن تحركاتها في مدينة الدار البيضاء وضواحيها حيث كانت تتردد على قريبة لها، وفق ما أكدته مصادر مطّلعة.
وبعد فترة غياب عن الأنظار، أعلنت «فتيحة» انضمامها إلى «الدولة الإسلامية»، والتحقت في البداية بالتنظيم في سوريا، ثم دخلت العراق، ومن هناك كتبت، في تغريدة عبر «تويتر» رسالة شديدة اللهجة أعلنت فيها استعدادها للقيام بعملية انتحارية، قائلة: «تركت لكم المجال يا أشباه الرجال، خلّفتكم خلفي مع الخوالف، وهجرتكم وهجرت دنياكم، وهاجرت إلى أرض الخلافة؛ حيث مصانع الرجال، رجال كشمّ الجبال، أبطال تركوا لكم الأقوال، أقوالهم أفعال، وأفعالهم أفضال من الكبير المتعال».
ومن قبل كانت «فتيحة» أبدت سعادتها بتمكن ابنها «إلياس» من الانضمام إلى «الدولة الإسلامية»، قائلة: «أبشّركم بأن الله سبحانه وتعالى منّ على ابني إلياس المجاطي بالهجرة والنفير إلى الشام، من غير حول منّا ولا قوة؛ فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله والشكر لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأبشركم أيضا أن الله سبحانه وتعالى من على إلياس بالالتحاق بدولة الإسلام في العراق والشام».
وفي وقت سابق انضمت عائلة مغربية أخرى إلى «الدولة الإسلامية» هي أسرة «الشعرة»، ففي مطلع مايو/أيار الماضي، قرر الأب «أحمد الشعرة» التوجّه نحو سوريا للقتال، قبل أن تلتحق به أسرته كاملة، وبينها أمه وإخوته الأربعة وطفله «أسامة».
وكانت أسرة «الشعرة» تقيم في حي بني مكادة في مدينة طنجة، ولم تكن تظهر على أفرادها أي أمارات تطرّف، فالأب كان يوفّر دخله من بيع السجائر المهربة، قبل أن ينتقل إلى تجارة الدواجن، أما الطفل «أسامة» فكان على قدر كبير من الهدوء والبراءة، إلا أنه ظهر وهو يحمل بندقية «كلاشنكوف»، في صفحة على «فيسبوك» تحمل اسم «شهداء المغرب الأقصى في بلاد الشام».
وأشارت المعلومات أن الطفل كان يحظى بحراسة شخصية من رجال ذوي بنيات ضخمة، بمجرد انتقال والده إلى سورية، ولاحظ أساتذة أسامة (13 سنة) في مدرسة «المهدي بن تومرت» في طنجة، تغيّرا في سلوكه.
وعلى نحو مفاجئ، عاد الطفل «أسامة» بمفرده إلى المغرب، حيث ظهر خلال شهر رمضان الماضي، في حي بئر الشفاء، وهو أحد الأحياء الشعبية في طنجة، وهو يدخل المسجد ليصلي التراويح، وقد تم توقيفه بعدها مباشرة من طرف الأمن للتحقيق معه، خصوصا بعد تضارب الأنباء عن مصير أسرته، وورود معلومات تؤكد مقتل والده، الذي كان سببا في تغيير مسار أسرة بكاملها.