تراجع أسعار النفط يهبط بعملات السلع

الأحد 26 أكتوبر 2014 09:10 ص

لم تمر حالة الذعر التي سيطرت على السوق العالمية الأسبوع الماضي نتيجة النمو العالمي بسلام على سعر الصرف الذي سقط في دوامة شديدة. لكن حتى في أسوأ مراحل الاضطراب كان هناك اتجاهًا واحدًا واضحًا: تدنى آداء العملات نتيجة الانحدار في أسعار النفط.

وتراجع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية في الوقت الذي اندفع فيه المستثمرون معتمدين على التوقعات بسبب الارتفاع الأول في معدلات الفائدة الأمريكية. الكورونا النرويجية والدولار الكندي اللذان أنهيا الأسبوع بمستوى ثابت بعد حوالي خمس سنوات من الانخفاض مقابل الدولار كانا ضمن التوقعات.

وفي الوقت الذي هبطت فيه أسعار مزيج برنت أكثر من الخمس منذ بداية العام الجاري، فإن الحديد الخام تراجع بنسبة 40%، وبعض منتجات الألبان تراجعت الثلث، ولم تنجو صادرات السلع الكبرى الأخرى من المعاناة. 

وبدأ الدولار الأسترالي والنيوزيلندي أخيرًا في فضح معدلات التبادل التِّجاري السيئة؛ والتي هبطت بنسبة 6.5% و8% على التوالي ضد الدولار الأمريكي خلال ثلاثة أشهرٍ.

ويحاول المستثمرون في مجال النقد الأجنبي التكيّف مع ما يتوقعونه من نمو عالمي بطيء، وتضخم متزايد، وخطواتٍ بطيئةٍ لسياسة التضييق النقدي في الولايات المُتحدة. لكن يبقى الشيء الثابت الذي لا يمكن التغاضي عنه هو أن مستقبل أسعار المنتجات الأولية يبدوا كئيبًا.

وهذا يرجع في جزءٍ منه إلى تباطؤ النمو الصيني، والتدفق في إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي، لكن أيضًا لأنها مَبنيةٌ على ارتفاع الدولار؛ والذي يميل إلى الضغط على الطلب العالمي للبضائع الدولارية.

المستثمرون الذين فقدوا أموالاً في أكتوبر/تشرن الأول بعد أن بدأ الدولار يستجمع قواه ربما يواصلون تجديد رهانهم فورًا، لكن الكثير ما زال يرى أن العملة الأمريكية بدأت خطواتها نحو الاستحواذ على مكانة قوية تستمر لسنوات في الوقت الذي تخطى فيه النمو الأمريكي اقتصاديات اليابان ومنطقة اليورو المُكافِحة.

ومن جانبه صرح «فالنتاين مارفينو» – خبير استراتيجي في شركة سيتي جروب الاقتصادية متعددة الجنسيات – «الأمر يبدوا كعاصفة لعملات السلع. لا أعتقد أن النوبة الأخيرة التي ابتُلي بها الدولار وأثرت على آداته سوف تستمر».

أما «آلان روسكن» – الخبير الاستراتيجي في البنك الألماني – فكتب: «هناك حلقة تغذية مرتدة. دولار قوي، وأسعار منتجات أولية منخفضة، وعلاج للتضخم العالمي، وتضييق محدود من بنك الاحتياطي الفيدرالي، دولار أقل قوة نسبيًا. هذا سيعمل على بطء وليس إيقاف دولارٍ قوي. هذا يعني صدمات قوية نسبيًا لمعدلات التبادل التجاري لمصدري السلع الكبرى ومستهلكيها».

ومع ذلك؛ فإن العلاقة بين أسعار المنتجات الأولية وأسعار الصرف أقل وضوحًا من الماضي. اقتصادياتٌ مثل أستراليا ونيوزيلندا حساسة بالنسبة لأسعار صادراتهم الأساسية، لكن عُملاتهم تمتلك وسائل جذبٍ أخرى؛ حيث ينجذب المستثمرون إلى السندات السيادية التي تقدم عوائد عالية نسبيًا، والتصنيف الائتماني الممتاز ذات المخاطر الأقل.

وهذا يساعد في تفسير السبب وراء تفوق الآداء الأسترالي ونظيره النيوزيلندي الأسبوع الماضي عندما تراجعت عائدات الخزانة الأمريكية أسرع من عوائد السندات السيادية الأخرى.

الدولار الأسترالي – بصفة خاصة – لم يتراجع تقريبًا طالما أن التدهور في معدلات التبادل التجاري في أستراليا مُبرَرَة بحسب محللين يابانيين يعتقدون أن عمليات التبادل سيتم إعادتها إلى نصابها عندما تبدأ معدلات الفائدة الأمريكية في الارتفاع.

ونتيجة لتأثره بأسعار النفط فقد تراجع الدولار بشدة هذا العام ما عزز من وضع الصادرات غير النفطية والتضخم. علاوة على ذلك؛ فإن صنّاع السياسة في كلٍ من كندا والنرويج يعملون على موازنة أسعار النفط المنخفضة مقابل مؤشرات تعزيز الطلب المحلي. 

وأكد مارينفو أن «البنك المركزي النرويجي حَذِرٌ بشأن مستقبل الصناعة النفطية لكن الاقتصاد يمتلك أفضل الأسس في أوروبا».

الانخفاض في السلع هو أحد العوامل الهامة بالنسبة لأي سوقٍ ناشئةٍ. والانهيار في أسعار الطاقة عجّل من انحدار الروبل الروسي الذي يعاني أساسًا بسبب العقوبات الغربية على اقتصاده الضعيف. لقد رحّب مستوردو النفط الذين يعانون عجزًا كبيرًا في حسابهم الجاري مثل تركيا التي يتم تبادل لِيرتها مقابل الروبل الروسي بناءً على أسعار النفط. 

والأهم من التأثيرات على معدلات التبادل التجاري هو أن أسعار المنتجات الأولية المنخفضة سوف تعزز الاتجاه العالمي لعلاج التضخم. وهذا قد يكون هامًا لسياسة نقدية في اقتصاديات بالطبع تكافح لتجنب التضخم – مثل منطقة اليورو واليابان – وفي دول أكثر فقرًا حيث الغذاء والطاقة يمثلان همًّا ثقيلاً في سلال التضخم في السعار التي يشتري بها المستهلك.

ولاحظت شركة «كابيتال إيكنومكس الاستشارية» أنّ الانخفاضات الأخيرة في أسعار المنتجات الأولية قد تكسب نقطة مئوية كاملة من تضخم السوق الناشئة على مدار الأشهر القليلة القادمة متسببة في سياسة نقدية حرة بدلاً من أن تكون هي لب القضية.

ومع ذلك؛ فإن التأثيرات الكاملة ستأخذ وقتًا حتى تتضح. محللون في كل من بنك «بي أن بي باريبا» و«أي إن جي» يتوقعون نشاطًا على المدى القصير في العديد من عملات السلع سواءً في أعقاب عودة أسعار النفط إلى نصابها أو ببساطة لأن عمليات التصفية قد حلّقت بعيدًا.

ويعتقد «بول لامبرت» – المدير المالي لـــ«إنسايت انفيستمنت» – أن «الناس سيستمرون في اللعب بمعدلات التبادل التجاري»، ولكنهم قد يكونوا أكثر حذرًا في القيام بذلك ضد الدولار نتيجة عدم التأكد من مسار معدلات الفائدة الأمريكية.

ورأت «إليسا لونز» – خبيرة في «رويال بنك أوف كندا» – أن التأثير الحقيقي على دولٍ مثل كندا سيصبح أكثر وضوحًا في حالة أن أسعار المنتجات الأولية بقيت عند مستوى منخفض في الأشهر القليلة القادم في الوقت الذي يُنهي فيه منتجو النفط ميزانيات الاستثمار الخاصة بالعام المقبل، مُضيفة: «العلاقة بين السلع وعملات السلع في طبيعتها علاقة طويلة الأجل».

المصدر | ديلفن شتراوس، فايننشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

أسعار النفط انخفاض أسعار النفط

السعودية تبقي على الشكوك في سوق النفط

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

أسعار النفط تواصل تحديد معالم الجغرافية السياسية

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

احتدام الخلاف بين أعضاء أوبك فى ظل تراجع أسعار النفط

السعودية: تراجع أسعار النفط أمرٌ مؤقت وإن طال

دول الخليج تتحصن ضد انخفاض أسعار النفط بـ2.45 تريليون دولار

الإيكونوميست: المستفيدون والخاسرون من تخفيض أسعار النفط

«أوبك» تترنح!!

الصين تخفض اليوان أكثر وتعزز مخاوف من حرب عملات