قائمة سوداء تمهد لمرحلة جديدة

الخميس 27 نوفمبر 2014 09:11 ص

أدمنتُ لأسابيع قليلة متابعة المسلسل الأمريكي «القائمة السوداء» الذي يلعب فيه الممثل «جيمس سبيدر» دور «ريموند ريدينجتون»؛ عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) السابق، والذي تحوّل لشرير يقدّم خدماته لعملائه السابقين في نفس وقت عمله مع المكتب.

وتتحدث كل حلقة في هذا المسلسل الدارامي عن مُطاردة شيّقة لمجرمين دوليين على قائمة «ريدينجتون». يقوم بمساعدة «إف بي آي» على الإيقاع بهؤلاء الأشرار، لكنه في الوقت ذاته يقضي على منافس أو يُدمّر عدو.

لم تكن تلك القائمة الوحيدة التي جذبت اهتمامي؛ حيث إن هناك قائمة أخرى أصدرتها دولة الإمارات العربية المتحدة في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري تصنّف 83 مجموعة مختلفة ومنظمة أوروبية وأمريكية كمنظمات إرهابية. مثلها كقائمة «ريندينجتون» تحمل في طياتها أكثر من هدف؛ منها الواضح الجلي ومنها المستتر الخفي.

وبنظرة سطحية على القائمة فإن اتساع دائرتها يجعلها جديرة بالثناء، كما أنها تخبرنا أن هذه الدولة هي التي تأخذ الإرهاب على محمل الجد، وقد عقدتْ العزم على مواجهته بكل السُبل. وكما هو معلومٌ سرًا أن بعض التمويل لجماعات إرهابية مثل تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» مصدر تمويلها هو مانحين خليجيين غير معروفين. السعي لإغلاق خط التمويل قد يكون له أثرٌ إلى حد ما في تقويض القدرات الإرهابية.

وبنظرة أكثر دقة؛ فإننا نجد أن القائمة اتسمت بالانتقائية ما يجعلها ترسل تحذيرات بنتائج عكسية تثير القلق. فبالإضافة إلى جماعات قاتلة مثل «الدولة الإسلامية» فإنها تشتمل أيضًا على ما يقرب من اثنتي عشرة جمعية خيرية، ومنظمات اجتماعية أو مجموعة بحوث إسلامية لا يخطر على بال أحد أنها قد تهدد السلام العالمي.

ولم يستطع «عبدالله بن زايد» - وزير الخارجية الإماراتي - أن يخفي حقيقة أن حكومته توسع تعريف مصطلح «الإرهاب». وفي حديث مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية قال الوزير «ظل تعريف كلمة الإرهاب لسنوات عدّة مقتصرًا على حمل السلاح وإرهاب الناس. لكننا لا يمكننا أن نتسامح تجاه حتى مع أقل من ذلك بكثير».

ما وراء القائمة

لقد أبدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة انزعاجًا شديدًا من القائمة السوداء التي وضعتها الإمارات، وهي دول لا يمكن أن يقال عنها أنها تتسامح مع أي قدرٍ من الإرهاب. لقد كانت القائمة أشد وقعًا على الجمعيات الخيرية التي أصابتها الصدمة. وانتقد مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (كير) القرار الـ«غريب»، في حين أن مؤسسة «قرطبة» في المملكة المتحدة لم تجد وصفًا سوى أنها قائمة «غير مسبوقة وغير مسئولة».

السبب وراء القائمة بحسب وصف دبلوماسي غربي هو محاولة «ترسيخ» إماراتية لفكرة أن جماعة «الإخوان المسلمين» – التي فازت في أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011م ثم أُطيح بها إثر انقلاب عسكري في يوليو/تموز 2013م – جماعة إرهابية.

واستنادًا إلى اقتناعها بأن الإسلاميين هم مصدر خطر وجودي على النخبة الحاكمة في العالم العربي، بدأت الإمارات العربية المتحدة حملة لا هوادة فيها لقمع أو تشويه سمعة أي جماعة أو منظمة تحمل نفس أيدلوجية جماعة «الإخوان المسلمين» أو ترتبط بها من قريب أو بعيد.

ومن غير المناسب لإمارة أبوظبي أن حملتها تصطدم بحائط صلب في أوروبا والولايات المتحدة؛ بمعنى أنها تعمل ضد سيادة القانون والاعتقاد المنطقي السائد بأن إطلاق مصطلح «الإرهاب» على الإسلاميين الذين يرفضون هو تمهيد طريق نحو للتطرف.

إحباط الإمارات

ومما يسبب الإحباط للإمارات هو أن دفعها المستمر لإجراءات ضد بعض الجماعات التي تصفها بالإرهاب لم يؤت ثماره. لقد سمع الزائرون البريطانيون الذين التقوا «محمد بن زايد» - ولي عهد أبوظبي – عن خلايا إرهابية في شرق لندن وتفجيرات مستقبلية مؤكدة وشكاوى بشأن فشل حكومة المملكة المتحدة في إعطاء اهتمام كافي لتهديدات محلية.

وبالفعل؛ ونتيجة لضغوط الإمارات أمرت المملكة المتحدة بفتح تحقيق لأنشطة جماعة «الإخوان المسلمين» على أراضيها وإجراء ما وُصف بالمراجعة. لكن لا أحد يتوقع أن نتائج هذا التحقيق - الذي لم يخرج للنور بعد – ستُؤدي إلى حظر الجماعة.

القائمة السوداء الإماراتية ليست سُوى محاولة لأخذ زمام الأمور بيدها. وتحقق هذه الشمولية التي تميزت بها القائمة جزءًا من أهداف الإمارات: إثارة الشكوك حول تلك الجماعات، وشغلها بنفسها ما يجعلها في موقف المدافع الذي لا يأخذ وقتًا لخطوات استباقية.

وتُعدّ هذه الأُحادية أمرًا مؤسفًا. ولكن هذا هو أحدث مثال على تحول دولة الإمارات العربية المتحدة من دولة خجولة تفضل الدبلوماسية الهادئة إلى لاعب إقليمي من فصيلة الصقور. ودعمت أبوظبي الانقلاب العسكري في مصر ماديًا ولا زالت تواصل دعمها، كما نفذت ضربات جوية ضد متشددين إسلاميين في ليبيا، وانبرت لمهمة إجبار قطر على التخلي عن دعمها لجماعة «الإخوان المسلمين».

لا يوجد ما يكفي من المؤامرات بعد لتأهيل أبوظبي للمسلسلات التلفزيونية الخاصة بها. ولكن هذه الدولة الخليجية تخلق ما يكفي من الجدل للحفاظ على حلفائها في حالة من الشوق ترقبًا لخطواتها المقبلة.

المصدر | رولا خلف ، فايننشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

الإرهاب قائمة الإرهاب في الإمارات الإخوان المسلمون محمد بن زايد عبدالله بن زايد

نشطاء: «محمد بن زايد» يعلن الحرب على الإسلام

بالفيديو: «حرب محمد بن زايد على الإسلام» .. صرخة في وجه سياسة أبوظبي الخارجية

السويد تعلن عدم اعترافها بـ«قائمة الإرهاب الإماراتية» .. ومقاضاة أبوظبي واردة

«كير» تنشر وثيقة تفضح ازدواجية الإمارات في ملف الإرهاب

«اتحاد علماء المسلمين» يستنكر إدراجه على قائمة الإرهاب الإماراتية

خارجية النرويج و«كير» تطلبان من الإمارات توضيحا حول «قائمة الإرهاب»

جامعة الدول العربية ترحب بإدارج «الإخوان» على لائحة «الإرهاب» في الإمارات

إعلامي إماراتي: قائمة الإمارات للتنظيمات الإرهابية لن تكون الأخيرة!

«أحزاب الأمة في الخليج»: حكومة الإمارات هي الراعي الأول للإرهاب وتفتقد الشرعية السياسية

الإمارات تدرج الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وداعش والحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية