تركيا تتوقع ايجابيات اقتصادية مع «النظام الرئاسي»

الأربعاء 19 أبريل 2017 03:04 ص

إذا كانت تداعيات الانقلاب الفاشل في تموز (يوليو) 2016، وتطورات العلاقات المتوترة مع أوروبا، واضطراب الأمن في الداخل، وحوادث سورية والمنطقة، ساهمت كلها في هروب بعض الاستثمارات وتراجع نمو الاقتصاد في تركيا، إضافة إلى سلسلة مؤشرات سلبية أقلها خفض سعر النقد وارتفاع نسبة البطالة، فإن تركيا تراهن على نتائج إيجابية للاستفتاء الشعبي حول التعديلات الدستورية التي تعزز سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان في التحول إلى نظام رئاسي.

وكانت المفوضية الأوروبية أوضحت في تقريرها «التوقعات الاقتصادية لشتاء 2017» أن هذا الاستفتاء سيؤدي إلى تناقص حالة الغموض السياسي في البلاد وازدياد الطلب في السوق المحلية في شكل معتدل خلال النصف الثاني من العام الحالي، وتوقع جميل أرتام مستشار الرئيس التركي للشؤون الاقتصادية أن يتسارع النمو إلى 4.4 في المئة، على أن يرتفع إلى خمسة في المئة في العام المقبل.

العام الماضي، سجل الاقتصاد التركي تباطؤاً في النمو الذي بلغ 1.8 في المئة، وكان البنك وصندوق النقد الدوليان خفضا توقعاتهما للنمو من 3.1 في المئة إلى 2.1 في المئة، وأورد البنك في تقريره السنوي انه قام بمراجعة التوقعات، لأن التعافي في الربع الأخير من عام 2016، كان أضعف من المتوقع، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن صافي الصادرات سيساعد على تعافي نمو البلاد «إلى حد ما» عام 2017، مع الإشارة إلى أن تركيا تواجه رياحاً معاكسة ستمنع تعافيها بقوة خلال العام الحالي، وتوقع أن يبدأ تعافي الاقتصاد عام 2019، ليحقق نمواً يصل إلى 3.7 في المئة.

أما وكالات التصنيف للائتمان الدولية، فجردت تركيا من وضع «درجة الاستثمار»، فخفضت وكالة «فيتش» تصنيف تركيا إلى عالي الأخطار، لافتة إلى التطورات السياسية والأمنية التي قوضت الأداء الاقتصادي والاستقلال المؤسسي، وتعترف وزارة الاقتصاد في أنقرة بتراجع جاذبية تركيا كمقصد للاستثمارات الأجنبية التي تراجع حجمها بنسبة 44.3 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2015.

وبلغ حجم هذه الاستثمارات 8.7 بليون دولار عام 2016 مقارنة بنحو 15.5 بليون دولار في العام السابق، واتخذت الحكومة سلسلة إجراءات لاستعادة تدفق الاستثمارات التي تأثرت بالوضع السياسي المتوتر والمخاوف الأمنية، ولجأت إلى تخفيضات في الضرائب وإصدار قانون بمنح الجنسية للمستثمرين الذين تبدأ استثماراتهم من مليون دولار فأكثر في المصارف أو في العقارات، وهي تأمل بالنظام الرئاسي الجديد أن يدفع عجلة الاستثمارات الأجنبية.

ويتوقع أراد أرموط رئيس وكالة تعريف ودعم الاستثمارات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء في أنقرة «أن تظهر النتائج الإيجابية لهذا التحول في شكل واضح في النصف الثاني من العام الحالي»، ووصف النظام الرئاسي بأنه «نظام واعد للاستثمارات الأجنبية».

وبما أن تركيا تمتلك حالياً أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي، فهي تسعي إلى قطف ثمار هذه العلاقات، وحصد نتائج الجولة التي قام بها الرئيس أردوغان في شباط (فبراير) الماضي، وشملت السعودية والبحرين وقطر، خصوصاً أن المرحلة المقبلة ينتظر أن تشهد تدفق ما يقارب 100 بليون دولار من شركات خليجية متعددة ومتنوعة إلى تركيا.

ويبلغ حجم الاستثمارات الخليجية والتركية حالياً بين الجانبين نحو 75 بليون دولار، منها نحو 32 بليوناً لدولة قطر وحدها، موزعة بين 21 بليون دولار استثمارات قطرية في تركيا، و11 بليون دولار استثمارات لشركات تركية في مشاريع قطرية، ويبلغ عدد الشركات السعودية العاملة في تركيا أكثر من 800 شركة تستثمر أكثر 17 بليون دولار، إضافة إلى شركات تركية تقوم بتنفيذ مشاريع في المملكة.

وتجري شركة «تاف» التركية لتشغيل المطارات مباحثات مع السلطات السعودية للحصول على امتياز لإدارة وتطوير مطار ينبع الدولي، وذلك بالاشتراك مع شركة «الراجحي» السعودية، علماً أن الشركتين تقومان حالياً بتشغيل مطار المدينة الدولي، ومن دولة الإمارات تقوم شركة «إعمار العقارية» بتنفيذ مشروع سياحي في مدينة أنطاليا التركية باستثمار أكثر من بليون دولار، بالتعاون مع مجموعة فنادق «ريكسون» العالمية، كذلك تستثمر مجموعة «أبراج كابيتال» الإماراتية نحو 900 مليون دولار في السوق التركية منذ عام 2007.

وساهمت هذه الاستثمارات في مضاعفة حركة التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة، وبلغ حجمها نحو 17 بليون دولار مع ثلاث دول، وهي السعودية (9 بلايين دولار) الإمارات (7 بلايين دولار) وقطر (1.3 بليون دولار)، والميزان التجاري دائماً لمصلحة تركيا.

والفائض بدوره يساهم في خفض العجز التجاري الذي تعاني منه تركيا منذ سنوات طويلة، وبلغ العام الماضي 56 بليون دولار، إذ استوردت تركيا بما قيمته 198.6 بليون دولار، وصدرت بنحو 142.6 بليون دولار.

* عدنان كريمة كاتب ومحلل اقتصادي

المصدر | عدنان كريمة | الحياة

  كلمات مفتاحية

تركيا ايجابيات اقتصادية «النظام الرئاسي» الاستفتاء الشعبي التعديلات الدستورية خفض سعر الفائدة الاستثمارات زيادة الطلب التصنيف الائتماني العجز التجاري