التحول الروسي من دعم نظام «الأسد» إلى «التوسط بين الطرفين»

الجمعة 12 ديسمبر 2014 03:12 ص

جاء لقاء نائب وزير الخارجية الروسي «ميخائيل بوغدانوف» مع الرئيس السوري «بشار الأسد» في دمشق، ضمن مساعي روسيا في الترويج لخطتها التي تقول أنها لازمة لإيجاد حل للأزمة السورية. وذلك من خلال محاولة إقامة حوار بين النظام السوري والمعارضة.

 حيث أكد «الأسد» في وقت سابق أن «دمشق تتعاطى بإيجابية مع مساعي روسيا». وكانت موسكو قد استقبلت في الأيام الأخيرة وفودا رسمية سورية وشخصيات من المعارضة وذلك لجس نبض تلك الأطراف لمعرفة مدى استعدادها لأي حل مستقبلي.

كما كان «بوغدانوف» قد التقى شخصيات من المعارضة السورية في اسطنبول قبيل توجهه إلى دمشق. ويأتي هذا في وقت يواصل فيه المبعوث الدولي إلى سوريا «ستافان دي ميستورا» جهوده لإقناع الأطراف المعنية للاتفاق على تجميد القتال في حلب، مبادرة يقول عنها المبعوث الدولي إنها ستكون نموذجا لوقف القتال في مناطق أخرى إن نجحت في الصمود.

بيد أن تحقيق تقدم سريع على طريق تسوية الأزمة السورية لا يزال يصطدم بعقبات كبيرة في ظل انعدام الثقة والتدخلات الإقليمية من جهة، ومراهنة بعض الأطراف على الحسم العسكري للصراع من جهة أخرى.

وبحسب النقاش الذي دار ضمن برنامج «مع الحدث» الذي تبثه DWعربية. لم تتبين بعد التفاصيل الدقيقة للمبادرة الروسية التي تقول موسكو إنها تهدف إلى إقامة حوار بين المعارضة والنظام السوري بغية الوصول إلى حل سياسي للأزمة. لكن يبدو أن المساعي الروسية قد تصطدم بجملة من المطبات التي قد تعصف بمبادرتها، فالمعارضة السورية، وبالرغم من تشتتها، ترى أن أي حوار يجب آن يقود إلى تبني ما ورد في مؤتمر جنيف 1، وهو ما يؤكده «جورج صبرا»، رئيس المجلس الوطني المعارض والرئيس السابق للائتلاف.

تباين الرؤى حول المبادرة الروسية

ويرى أنصار النظام السوري تلك الشروط على أنها المعرقل الأساسي لأي مبادرة قد تحاول البحث عن أرضية مشتركة للحوار. ويقول الإعلامي والدبلوماسي السوري السابق «تركي صقر» أن «المبادرة الروسية تقول إن الحوار السوري السوري يجب أن ينطلق بدون شروط مسبقة، فلا نجاح لأي حوار إذا وضعت هذه الشروط». ويؤكد الإعلامي المقرب من دمشق أنه «يجب على كل الأطراف أن تأتي وتتفاهم على كيفية الخروج من هذه الأزمة و أن تتضافر الجهود لمحاربة الإرهاب الذي بات يشكل خطر على الجميع».

أما «حسن عبد العظيم»، رئيس هيئة التنسيق الوطنية والمعروفة إعلاميا بمعارضة الداخل، فقد رحب بالمبادرة. وقال إنه يجب على المعارضة، التي تؤمن بالحل السياسي التوافقي أن تبحث عن الحلول التوافقية.

وأشار إلى أن هيئته «قبلت بالحل السياسي التفاوضي منذ جنيف 1، والذي تضمن وقف القتال وإطلاق الأسرى بالتزامن مع تشكيل هيئة حكم لها صلاحيات تنفيذية تمكنها من إصدار إعلان دستوري لتنظيم انتخابات نيابية ورئاسية، لكن البعض وضع شرط تنحي الرئيس كأولوية، حيث دخلت سوريا في الحرب العبثية ولم تستطع المعارضة المسلحة والمتطرفين إسقاط الرئيس، ولم يستطع النظام إيقاف الاحتجاجات والثورة الشعبية، وبالتالي رجعنا إلى نقطة الصفر».

المبادرة الروسية «ولدت ميتة»!

ويبدو أن قيام روسيا بدور العراب لهذا المبادرة يشكل عقبة في حد ذاته، فالمعارضة السورية، لاسيما في الخارج، ترى في موسكو طرفا في الصراع الدائر في البلاد، ومن هنا فإن «هذه المبادرة ولدت ميتة» على حد تعبير جورج صبرا. ويوضح المعارض السوري وجهة نظره بالقول "روسيا طرف حقيقي في الصراع السوري، فقد دعمت النظام السوري وحصنته ضد أي إدانة دولية في مجلس الأمن، ودعمته بالسلاح. وإذا كانت روسيا جادة في عملية البحث عن حل سياسي فيجب أن يتم الأمر في إطار الأمم المتحدة ومؤسساتها الشرعية".

سياسي ألماني: روسيا منحازة لنظام الأسد

من جانبه أشار الدبلوماسي الألماني السابق «غونتر مولاك» إلى أن أي جهد تقوم به روسيا لإيجاد حل سلمي في سوريا سيكون بلا جدوى في حال عدم التنسيق مع الأطراف الدولية المعنية وذلك ضمن الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة. وشدد السياسي الألماني على أن «روسيا منحازة إلى نظام الأسد، فقد عرقلت جميع المحاولات الدولية السابقة لإيجاد حلول، لكن هذا لا يعني استبعاد روسيا وإيران من اي مفوضات مستقبلية قد تقودها الأمم المتحدة».

وأشار «مولاك» إلى أهمية الخطوات التي يقوم بها المبعوث الدولي لسوري دي مستورا، لتجميد القتال في حلب، حيث أن «التطورات الميدانية خلقت قناعة لدى الجميع أن الحل العسكري لن يجدي في شيء، حتى وان انتصر نظام بشار الأسد على المعارضة عسكريا، فهذا لا يعني أن السلام قد حل. لذلك يجب أن يركز الجميع على المفاوضات والحلول السياسية»، على حد قوله.

عنصر «تنظيم الدولة الإسلامية» في المعادلة

المبادرة الروسية وان اختلفت بشأنها الآراء فإنها تأتي في خضم واقع جديد فرضته التطورات الميدانية المتعلق بتمدد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وهو الأمر الذي خلق توافقات وإن كانت آنية بين العديد من القوى الإقليمية والعالمية. فـ ظاهرة «داعش» وتمددها في المنطقة أوجدت قناعات جديدة لدى المجموعة الدولية والإقليمية، كما يقول «حسن عبد العظيم»، رئيس هيئة التنسيق الوطنية المعارضة.

حيث يرى «عبد العظيم» أن «هذه الظاهرة دفعت بالسعودية وإيران، وبأمريكا وروسيا إلى القبول بالتغيير الذي حدث في العراق وإنهاء حكومة المالكي والمجيء بحكومة التوافق الوطني، وهو الأمر الذي يجب أن يحدث في سوريا أيضا. فبعد أربع سنوات من العنف والتطرف الذي أنتج ظاهرة داعش، يجب الآن الالتفاف إلى الحل السياسي التوافقي».

لكن هل يعني وجود توافق دولي بشأن محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجود توافق للوصول إلى حل للصراع المسلح في سوريا؟

المعارض السوري «جورج صبرا» يؤكد أن «المواقف الدولية لا تبدو ناضجة لحد الآن للبحث عن حل سياسي في سوريا». مشددًا على أن «السياسة الروسية التي أفشلت مؤتمر جنيف 2 تبحث الآن عن فرصة لترقيع ما يشبه الحل السياسي لستر عورة النظام الذي دعمته».

المصدر | الخليج الجديد + DW بالعربية

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا بشار الأسد بوتين الدولة الإسلامية

حديقة روسيا الخلفية ليست آمنة

الرياض لا ترفض شخصية علوية محل الأسد .. وموسكو: إنه رئيس دستوري وشرعي

أوباما: الوقوف إلى جانب «الأسد» ضد «الدولة الإسلامية» سيضعف التحالف

روسيا تهون من تعاونها مع أمريكا ضد تنظيم «الدولة الاسلامية»

اتفاق أمريكا وروسيا على تبادل المعلومات عن الدولة الإسلامية كعدو مشترك

الأيديولوجية الروسية: غياب الموضوعية ..؟!

من يحرك الكرملين؟

«فورين بوليسى»: هل ضيع الغرب فرصة إنهاء الحرب في سوريا عام 2012؟