خبراء: «أوبك» تُهدر فرص التجارة العالمية لصالح أمريكا وأوروبا

الجمعة 26 ديسمبر 2014 02:12 ص

رأى خبراء اقتصاديون أن منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»، التي تعد نموذجًا للدول النامية في العالم، قد أهدرت فرصة من فرص التجارة العادلة عالميًا، لصالح «التجارة الحرة» التي لا يستفيد منها سوى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مدار السنوات الماضية. 

وأكد الخبراء أنه في الوقت الذي يتم فيه التنسيق بين الدول المتقدمة بشكل كبير في مجالات الاقتصاد العالمي، والاتجاه نحو منطقة تجارة حرة بين أميركا والاتحاد الأوروبي، لتشكل أكبر تكتل اقتصادي في العالم، إلا أن «أوبك» تفتقد لهذا التنسيق، وتهدر الفرص، من خلال الإصرار على عدم خفض الإنتاج في ظل انهيار الأسعار. 

فانخفاض أسعار النفط، وتحسن معدلات النمو في الدول المتقدمة، لن يتبعه انخفاض في أسعار واردات الدول النامية من الدول المتقدمة وفقا للخبراء، الذين قالوا أنه بناءً على ذلك فهذا أكبر مظهر من مظاهر عدم عدالة التجارة الدولية، ففي الوقت الذي يعلن فيه عن زيادة إنتاج الحبوب هذا العام، إذ بأسعار القمح تزيد بمعدلات تقترب من 20%، والدول النامية تستورد جزءًا كبيرًا من غذائها، وخاصة الحبوب. 

ووفقًا لمبادئ الاقتصاد الأولية، فإنه «إذا قل العرض زاد الثمن»، ولكن أن يتم الإصرار على خفض الإنتاج، فهو غير مبرر اقتصاديًا، ويعد إهدارًا لموارد الدول النامية، في ظل اختلال عوائد التجارة العالمية لصالح الدول المتقدمة، بحسب تقرير اقتصادي لصحيفة «العربي الجديد» اللندنية. 

فمنذ عقود والدول النامية تطالب بوجود تجارة عادلة وليس تجارة حرة، وذلك لانعدام المنافسة بين الدول النامية والمتقدمة، ومن جهة أخرى، فإن ما تقدمه الدول النامية هو الموارد الأولية، لذلك فحصيلتها من التجارة الدولية محدودة، وثمة مطالبات بأن تعاد عملية تسعير المواد الأولية في السوق العالمي، من أجل تحقيق عائد مجز للدول النامية، يمكّنها من تحسين الإنفاق العام على شعوبها. 

وتشير الصحيفة إلى أن الدول المتقدمة، وعلى رأسها أوروبا وأميركا، قد أخلت في الوفاء بعهودها التي قطعتها على نفسها لإغراء الدول النامية من أجل التوقيع على إنشاء منظمة التجارة العالمية في عام 1994، ومن أبرز هذه العهود نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، وإلغاء الدعم المقدم لقطاع الزراعة في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

وكان من أبرز الأسباب التي تذرّعت بها أميركا والاتحاد الأوروبي بتأجيل إلغاء الدعم المقدم لقطاع الزراعة، التأثير السلبي اجتماعيًا على مواطني هذه الدول، إذا ما تم إلغاء الدعم، وكأن شعوب الدول النامية لا تتأثر اجتماعيًا بتوقيعها على اتفاقية منظمة التجارة العالمية، التي فتحت أسواق الدول النامية أمام المنتجات الغربية بلا ثمن، بحسب التقرير الذي لفت أيضًا إلى أن الدول النامية دفعت الكثير بالفعل جراء توقيعها على اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث انهارت معظم الصناعات للدول النامية، وتحول المصنعون بها إلى الاستيراد من الدول المتقدمة، وفقد العديد من العاملين في الدول النامية وظائفهم نتيجة هذه السياسات. 

إدارة الأزمة «سياسيًا»

ويرى خبراء في قطاع الطاقة أن أسلوب إدارة «أوبك» لأزمة انهيار أسعار النفط  جاءت «سياسية» في المقام الأول، حيث لم تأخذ الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في اعتبارها. بيد أن ميزانيات كافة الدول المصدرة للنفط، ستتأثر بلا شك بانخفاض أسعار النفط، بغض النظر عما يتوفر لديها من احتياطيات أو صناديق سيادية، ولكن العبرة بأن نسبة انخفاض الأسعار وصلت إلى نحو 50%، وإذا كانت بعض دول الخليج تعلن أن لديها القدرة المالية على تحمل الآثار السلبية لهذا الانخفاض، فإن كافة دول منظمة «أوبك» وغيرها من الدول النفطية لديها مشكلات تتعلق بالميزانية، وتأثر إنفاقها الاقتصادي والاجتماعي سلباً بانخفاض في الأسعار محقق، إذا ما استمرت أوضاع سوق النفط على هذه الأسعار المتدنية.

هذا وأظهرت الموازنة السعودية لعام 2015 ارتفاع الإنفاق الحكومي لمستوى قياسي بلغ 860 مليار ريال، بما يُعادل 229.3 مليار دولار، متوقعة لأول مرة في 6 سنوات أن تواجه عجزًا تبلغ قيمته قرابة 145 مليار ريال، أي 38.6 مليار دولار، وذلك بالطبع بسبب تراجع أسعار النفط. 
وتأتي تصريحات رئيسة صندوق النقد الدولي، «كريستين لاجارد»، مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي، لتصب في صالح الدول المتقدمة، بقولها «سيكون هناك من سيربح ومن سيخسر، ولكن في المحصلة النهائية يعتبر انخفاض أسعار النفط خبرا جيدا بالنسبة للاقتصاد العالمي». وأضافت «مع فرض أن أسعار النفط ستنخفض بنسبة 30%، من المرجح أن تنمو الاقتصادات المتقدمة بنسبة 0.8% إضافية، لأن جميعها دول مستوردة للنفط». 

لكن رئيسة صندوق النقد الدولي لم تتطرق إلى الخسائر التي أصابت الدول المصدرة للنفط، فبيانات الصندوق تشير إلى أن مساهمة الدول المتقدمة في الناتج المحلي العالمي بلغت 40%، بينما نصيب الدول النامية والصاعدة بلغ 60%، ليُعتبر الترويج إلى أن انخفاض أسعار النفط بنسبة 30% سيكون في صالح الاقتصاد العالمي، ليس في محله، حسب خبراء الاقتصاد، حيث إن الاستفادة هنا قاصرة على مصالح الدول المتقدمة فقط. 
ويرجح التقرير أن صندوق النقد الدولي يبدو أنه لا يزال يؤمن بنظرية «تساقط ثمار النمو»، التي ثبت فشلها خلال الفترة الماضية، حيث إن ازدهار اقتصاديات الدول المتقدمة ليس مرفوضًا، ولكن ينبغي ألا يكون على حساب الدول النامية. باعتبار أنه  إذا كانت أسعار النفط قد شهدت ارتفاعًا على مدار عدة سنوات، وهي الآن تشهد انخفاضاً وصل إلى نسبة تقترب من 50%، فلا بُدّ من سعر عادل يؤدي إلى تحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين، بينما لا يختلف اثنان على أن معدل الانخفاض الحالي كبير.

إلا أن المذهل في الأمر وفقًا للصحيفة، أن تصر «أوبك» على استمرار حصة الإنتاج وعدم تخفيضها عن مستوياتاها الحالية البالغة 30 مليون برميل يوميًا، من دون وضع حد لانخفاض الأسعار. 

وبعكس أداء «أوبك» خلال أزمة انهيار الأسعار الحالية، غياب التنسيق فيما بين أعضائها لتحقيق مصالح مشتركة، فشعوب الدول النفطية هي من ستدفع ثمن عدم خفض الإنتاج من نقص في الخدمات وتراجع في الإنفاق الحكومي. 

كما أن السيناريوهات الأكثر تفاؤلا تشير إلى أن سعر برميل النفط لن يتجاوز 80 دولارًا خلال العام المقبل، وهو ما يقل أيضا بنحو 30% عن مستويات الأسعار حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي الذي سجل 115 دولارًا للبرميل. 
يُشار أن مندوبون لدى «أوبك»، كانوا قد قالوا مؤخرا إن المنتجين العرب في المنظمة يتوقعون تعافي السعر إلى ما بين 70 و80 دولارا للبرميل بنهاية 2015، مع انتعاش الطلب بفضل تعافي الاقتصاد العالمي.

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

أوبك النفط أسعار النفط تراجع أسعار النفط أوروبا أمريكا

العساف: السعودية ستتحمل تراجع سعر النفط ولا حاجة لصندوق سيادي

أجراس مستقبل النفط والغاز تقرع

النفط والطغاة

بورصات الخليج تتهاوى مع هبوط النفط دون 60 دولار .. وخسائر تتجاوز 250 مليار دولار منذ نهاية أكتوبر

خبير استثمار نفطي يتوقع تقلبات سعرية شديدة بعد قرار أوبك

أسواق الخليج تنزف بشدة بعد قرار أوبك عدم خفض الإنتاج

السعودية تعلن حربا نفطية لتركيع وهزيمة إيران وروسيا .. هل ستنجح هذه المرة؟ وما ثمن النجاح؟