«فورين بوليسي»: تفاؤل في واشنطن بعد نجاح استهداف قيادي في «تنظيم الدولة»

الثلاثاء 19 مايو 2015 07:05 ص

بعد نجاح قوات خاصة أمريكية ليلة الجمعة الماضية في تصفية قيادي في تنظيم «الدولة الإسلامية» واعتقال زوجته وتحرير امرأة يزيدية تبلع من العمر 18 عاما عقب عملية إنزال جوي بمنطقة دير الزور في سوريا، فإن ذلك يفتح الباب أمام شن المزيد من العمليات المشابهة هناك.

وزعم وزير الدفاع الأمريكي «آشتون كارتر» أن عملية يوم السبت وجهت «ضربة قوية» إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، والذي يعرف باسم «داعش» أيضا. ووضعت الوحدة الخاصة يدها أيضا على مجموعة من المعلومات الاستخباراتية التي قد تساعد في شن المزيد من العمليات في المستقبل القريب. وأن تلك العملية هي أول عملية عسكرية ناجحة تخوضها وحدة كوماندوز أمريكية داخل الأراضي السورية خلال هذا العام، كما أنها تجسد رغبة من الرئيس «باراك أوباما» في السماح بشن عمليات عسكرية سرية في القادم من الأيام، رغم سلسلة من عمليات الإنقاذ الفاشلة التي قامت بها القوات الأمريكية في كل من سوريا واليمن خلال العام الماضي.

كما أظهرت هذه العملية الأخيرة أيضًا استعدادًا من جانب البيت الأبيض لإرسال قوات عسكرية على الأرض في سوريا، حتى وإن كانت بشكل مؤقت، على الرغم من الوعود المتكررة بالإبقاء على القوات الأرضية بعيدا عن الحرب هناك. وقد أرسلت إدارة «أوباما» مئات من القوات الأمريكية الخاصة إلى الشرق الأوسط لتدريب المتمردين السوريين «المعتدلين» المناهضين للحكومة، لكنها تعهدت علنا أنه لن يكون هناك أي قوات أمريكية برية على الأرض في أي منطقة حرب.

وتقوم وحدة دلتا خاصة بمهمة في كردستان العراق منذ ما لا يقل عن عام مضى مع بعثة تحاول العثور على قادة «الدولة الاسلامية»، إما لقتلهم  أو للقبض عليهم. وخلال الحرب ضد المنظمة «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة في العراق، فإن وحدة دلتا والمكونات الأخرى من قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش وضعت نظاما يسمى «إف3 إي إيه دي»،  لمهام عدة تتمثل في البحث وتحديد الأماكن والتصفية والاستغلال والتحليل والنشر، والذي بموجبه تقوم القوات بضرب أهداف مثل البيوت التي يلوذ بها المسلحون، ليس فقط لقتل أو اعتقال المسلحين، ولكن للحصول على أكبر قدر ممكن من المواد الاستخباراتية القيمة متى أمكن. وبجمع المعلومات عن طريق محركات الأقراص الصلبة أو الهواتف المحمولة، وكذلك سرعة التحقيق مع أي شخص وقع في الأسر، فإن وحدة دلتا وغيرها من مكونات القوات الخاصة المشتركة تصبح قادرة على القيام بمهام ليلية، بناء على معلومات استخباراتية تم الحصول عليها خلال غارة سابقة. ويمكن لهذه الديناميكية أن تتكرر.

ردود أفعال متحمسة

وأثارت العملية أحاديث الحماسة من زعماء الكونجرس من الديمقراطيين مثل السناتور «ديان فينشتاين» الديمقراطية البارزة في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عن كاليفورنيا، والتي وصفت العملية خلال حديثها في صبيحتها مع «إيه بي سي» بأنها «كان نموذجا لغارة مثالية. نوع لضربة ولكمة مفاجئة ومركزة علينا أن نقوم بها مرات ومرات».

كما أعربت «فاينشتاين» عن بالغ القلق إزاء انتشار «الدولة الإسلامية»، التي تدعي وجودا في نحو 12 بلدا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأردفت: «إنها قوة قتالية مثيرة للإعجاب، فهي تحتل البلاد، وتحرك الحكومة، والأهم من ذلك أنها شر محض. نحن بحاجة ماسة إلى ليس فقط لاحتواء تلك المجموعة ولكن للقضاء عليها».

ومن جانبهم، أشاد قادة الحزب الجمهوري أيضا بالعملية.

وقال النائب «مايكل آر ماكويل»، عن ولاية تكساس ورئيس لجنة الأمن الداخلي، لـ«فوكس نيوز»: «أعتقد أن اكتشاف هذه السجلات الإلكترونية والوثيقة ربما يعد إلى حد بعيد أكبر إنجاز، لأنه الآن يمكننا أن ننظر في واقع المنظمة نفسها، وإلى أي مدى تصل مخالبها، سواء داخل سوريا وخارج سوريا. إن وسيلة للدفاع عن الوطن هو الهجوم الجيد. نحن بحاجة إلى نباغتهم أينما وجدوا. أعتقد أن هذه الوثائق وسجلات الكمبيوتر ستساعدنا على فعل ذلك».

وأنهت الغارة الناجحة في سوريا سلسلة من المهمات التي باءت بالفشل وسببت حالة من ضعف المعنويات. وفي العام الماضي، شنت القوات الخاصة «دلتا» غارة جوية على شمال سوريا بحثا عن «جيمس فولي»، الصحفي الأمريكي الذي كان محتجزا كرهينة من قبل «الدولة الإسلامية». وقامت المجموعة في وقت لاحق بإعدام «فولي». وفي نوفمبر / تشرين الثاني الماضي؛ نفذت قوات العمليات الخاصة الامريكية غارتين بحثا عن المصور الصحفي الأمريكي «لوك سومرز»، الذي أعدم من قبل خاطفيه، في الوقت الذي قامت فيه قوات النخبة باقتحام المجمع حيث كان محتجزا مع عامل إغاثة من جنوب أفريقيا يدعى «بيير كوركي». جدير بالذكر أن «كوركي» هو الآخر لقي حتفه.

وجاءت العملية الأخيرة في نهاية الأسبوع، بعد صمود «الدولة الإسلامية» أمام الغارات الجوية التي تقودها أمريكا لمدة أشهر، وحافظت على قوتها القتالية العالية. وسيطرت المجموعة على المباني الحكومية الرئيسية في المدينة الاستراتيجية الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، وتوقف هجوم القوات الحكومية العراقية. وفي يوم الأحد، سيطرت «الدولة الإسلامية» على كل الرمادي، وفقا لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، والتي ذكرت أن قوات الأمن العراقية الأخيرة انسحبت من قاعدة عسكرية حاسمة على الطرف الغربي من المدينة.

تضخيم إعلامي

وفي تصريح صحفي، قال «كارتر» إنه أعطى أوامر للعمليات الخاصة، ومقرها في العراق، بالقبض على «أبو سياف»، الذي ساعد في إدارة عمليات النفط والغاز والمالية غير المشروعة للحركة، وزوجته «أم سياف»، والتي «لعبت أيضا دورا هاما في أنشطة إرهابية للدولة الإسلامية»؛ على حد قول «كارتر» الذي أكد أن «أبو سياف قتل بعد أن اشتبك مع القوات الأمريكية».

ولم يصب أي أمريكي بأذى في العملية. وعاد الفريق إلى العراق مع زوجة «أبوسياف»، والتي وضعت في سجن أمريكي في بغداد، وامرأة يزيدية أخرى قال عنها «كارتر»: «نعتزم إيصالها إلى عائلتها في أقرب وقت ممكن»، مضيفا: «يبدو أنها اتخذت كأمَة أو خادمة من الزوجين».

وشدد البيت الأبيض على أن الولايات المتحدة لم تقم بشن العملية بتنسيق مسبق مع نظام «بشار الأسد» في سوريا. وأنكرت الولايات المتحدة مرارًا قيامها بتنسيق ضرباتها الجوية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا بشكل مباشر مع «بشار الأسد»، الذي يطلب منه البيت الأبيض الرحيل لوضع حد لحمام الدم في البلاد ووقف الحرب الأهلية. لكن بعض المسؤولين قالوا إن العراق قام بدور الوساطة بين سوريا والولايات المتحدة، بما أن العراق وسورية أصبحا حليفين رغما عنهما في الحرب على «الدولة الإسلامية».

«لا تنسق حكومة الولايات المتحدة مع النظام السوري، ولم نتشاور معهم في وقت مبكر من هذه العملية»، على حد قول «برناديت ميهان» المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في بيان أضاف: «لقد حذرنا نظام الأسد بعدم التداخل مع جهودنا المستمرة ضد الدولة الإسلامية داخل سوريا».

وعن تداعيات العملية العسكرية، ذكرت «فورين بوليسي» أنها أثارت بعض الجدل، لا سيما في ظل حديث البعض عن قيام «الإدارة الأمريكية» بالتضخيم من أهمية المركز الذي يحتله «أبو سياف» داخل تنظيم «الدولة الإسلامية»، لإعطاء الانطباع بأن قتل شخص غير معروف نسبيا يشكل انتصارا كبيرا على التنظيم، وهو عكس ما يقول واقع الحال.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الجزء الأهم هو جلب الغارة موجة غير عادية من الثناء، أغدقها العديد من المعارضين الجمهوريين العاديين في البيت الأبيض على الكابيتول هيل، الذي حث الإدارة على استخدام المعلومات الاستخباراتية المستقاة من العملية لشن هجوم جديد ضد «الدولة الإسلامية».

«ويجب على القوات الأمريكية في الوقت الحالي أن تستخدم ما حصلت عليه من معلومات استخباراتية داخل الأماكن التابعة للمنظمات الإرهابية في سوريا وما جمعته من أم سياف للحفاظ على ضرب هذا العدو القاتل الوحشي»؛ على حسب قول النائب «إيد رويس» عن كاليفورنيا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.

لكن «رويس» ادخر مديحه وإطراءه للقوات التي نفذت الغارة، وليس للقائد العام للقوات المسلحة المنتمي للديمقراطيين والذي أعطى الإذن بالعملية، حيث قال «تهانينا لجميع الأفراد العسكريين الذين شاركوا في هذه المهمة الخطيرة. بفضل مهمتهم الجسورة بات زعيم رئيسي للدولة الإسلامية أدار تمويل الجماعة خارج اللعبة، كما تم القبض على إرهابي آخر».

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية أبو سياف التحالف الدولي

مصادر أمريكية: «أم سياف» قد تمتلك معلومات حول مقتل أسيرة أمريكية في سوريا

«البنتاغون» يعلن مقتل «أبو سياف» القيادي في تنظيم «الدولة» في عملية خاصة داخل سوريا

«الغارديان»: واشنطن دعمت محادثات فاشلة مع «داعش» لإطلاق سراح الرهينة «كاسيج»

«FBI» أبلغ عائلة الرهينة الأمريكي بمقتله أثناء محاولة تحريره صباح اليوم في اليمن

المرصد السوري: مقتل 2 من كبار قادة «الدولة الإسلامية» شمال شرقي البلاد