لهذه الأسباب لن تندفع إيران لشراء الأسلحة إذا انتهى الحظر الأممي

الاثنين 25 مايو 2020 05:40 م

يعتبر انتهاء فترة حظر الأسلحة الذي فرضته الولايات المتحدة على إيران أحد أهم نتائج خطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة عام 2015 بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران.

كان حظر الأسلحة المفروض على إيران جزءًا من العقوبات التي طبقها مجلس الأمن الدولي على الجمهورية الإسلامية، والتي بدأت بحزمة كبيرة من العقوبات في مارس/ آذار لعام 2007، ثم تم تعزيزها لاحقًا بفرض الأمم المتحدة حظرًا على تصدير معظم الأسلحة التقليدية إلى إيران في يونيو/ حزيران 2010.

في مايو/ أيار 2018، أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" اانسحاب بلاده من خطة العمل الشاملة المشتركة، والسؤال المنطقي الآن هو ما إذا كان البيت الأبيض يمكن أن يقنع أو يجبر الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على تمديد عقوبات الأمم المتحدة على الأسلحة، في إطار حملة "أقصى ضغط" التي شنها "ترامب" على إيران.

لماذا لن تشتري إيران؟

ولكن هناك سؤال آخر لم يتم طرحه بشكل كاف في الأيام الأخيرة وهو؛ حتى لو تم رفع جميع القيود؛ فهل تريد إيران إنفاق مليارات الدولارات الأمريكية على الأسلحة التقليدية؟ وثانيًا، في حالة أجرت بعض المشتريات، فما عمليات الشراء الأكثر احتمالًا؟

الإجابة على السؤال الأول بسيطة نوعًا ما وعلى الأرجح بالنفي، فعقيدة الدفاع الإيرانية لا تعتمد على التكنولوجيا بل القوى البشرية.

ويعتمد نهج إيران، المعروف باسم "الدفاع الفسيفسائي"، على فكرة تكتيكات غير نظامية وسلبية، قائمة على نهج "الكر والفر" وتركز على الاستنزاف.

حتى لو اشترت إيران مئات الدبابات الجديدة وعشرات الطائرات المتقدمة، فإنها لن تكون قادرة على التنافس مع الولايات المتحدة.

وكما خلص بحث حول عقيدة الدفاع الإيرانية؛ فإن حربي الخليج في 1991 و 2003، أكدتا رأي طهران بأنه حتى العديد من القوات المدرعة لن تحقق بالضرورة النصر على الأمريكيين، فعلى الرغم من القوات المدرعة الكبيرة نسبيا؛ هُزم جيش "صدام حسين" بسهولة .

كما لن تكون الدبابات الجديدة والمدرعات والمقاتلات النفاثة مفيدة في الأنشطة الإقليمية الإيرانية الممتدة من مرتفعات الجولان إلى العراق واليمن.

علاوة على ذلك؛ فهناك أيضًا قيود مالية، حيث إن الأنظمة العسكرية التقليدية الحديثة متطورة تكنولوجياً ولكنها مكلفة للغاية في الوقت ذاته.

على سبيل المثال؛ فوفقًا للمعلومات الصحفية الصادرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، دفعت الهند ما يقرب من 2.8 مليار دولار مقابل 464 دبابة "T-90MS" -والتي يُقال أنها معروضة أيضًا على إيران- بينما دفعت تايلاند حوالي 213 مليون دولار مقابل 39 دبابة "VT-4" فقط، قادمة من الصين.

كما أن المقاتلات متعددة المهام من طراز Su-35""، والتي يمكنها أن تعزز بشكل كبير قدرات الدفاع الجوي والضربات الجوية لإيران، مكلفة أيضًا، حيث كان من المفترض أن تدفع إندونيسيا أيضًا 1.14 مليار دولار مقابل 11 طائرة فقط.

بعض المشتريات واردة

لا يعني الاعتماد على "الدفاع الفسيفسائي" أن إيران لن تتعرض لإغراء شراء بعض الأنظمة من أجل استبدال أجهزتها العتيقة وتقليل المجموعة المتنوعة من الأنظمة التي تمتلكها؛ حيث إن إحدى مشاكل الجيش الإيراني هي أنه يمتلك العديد من أنواع الدبابات والمركبات المدرعة والطائرات، مما يجعل اللوجيستيات والصيانة أكثر تعقيدًا وتكلفة.

حتى الدول التي لديها استراتيجية عسكرية على غرار حرب العصابات تحتاج إلى بعض الأنظمة التقليدية.

تم جلب معظم الأصول العسكرية الإيرانية إما من قبل الشاه أو حصلت عليها الدولة في الثمانينيات والتسعينيات، أي إنه عفا عليها الزمن الآن بالمعايير الحديثة.

لا شك أن المهندسين الإيرانيين ماهرون للغاية، وتمكنوا من الحفاظ على تلك الدبابات والطائرات القديمة في حالة جيدة نسبيًا.

لكنهم ليسوا سحرة، فقد انتهت صلاحية الخدمة لهذه الأصول منذ فترة طويلة في كثير من الحالات، ولم يعد من الممكن إصلاحها أو ترقيتها بسبب البلى ونقص قطع الغيار.

بمعنى آخر؛ تفتقر إيران ببساطة إلى الموارد المالية والخبرة والخبرة والقدرات لتصميم أنظمة معقدة للغاية ومتطورة بمفردها، وبالتالي سيتعين عليها في مرحلة ما إما استيراد المنتجات الجاهزة -حتى لو كانت بأعداد محدودة- أو الحصول على التقنية، والتي ستكون حلاً أفضل بكثير لأنها ستفيد أيضًا صناعة الدفاع المحلية.

من الأمثلة الجيدة على ذلك؛ دبابة "كرار"، التي لا تعتبر جديدة بل هي تحديث لدبابة "T-72"، ومع ذلك؛ فعلى الرغم من عمر بناء قاعدتها، فإن حزمة تحديث "كرار" يمكن أن تكون حلاً جيدًا لكتائب المدرعات التي عفا عليها الزمن في إيران، والتي تحتاج بشدة إلى دبابات أفضل.

يمكن لروسيا بشكل خاص أن تكون مورداً للتقنيات الحديثة، التي لا يمكن لإيران تطويرها محلياً ولكن لا غنى عنها لمشروع مثل "كرار"، وهذا يشمل محركات الدبابات والدروع الحديثة وأنظمة التحكم في الحرائق الرقمية وأجهزة استشعار المراقبة لطاقم الدبابات والبنادق والذخائر الفعالة القادرة على اختراق أحدث جيل من دبابات العدو من مسافة بعيدة.

ستكون المساعدة الأجنبية حاسمة أيضًا في شراء القدرات المضادة للدبابات التي تشتد الحاجة إليها. كانت فلسفة الاستحواذ الواسعة هذه ناجحة للغاية في الماضي؛ عندما اشترت إيران تقنيات مرخصة للصواريخ الروسية الموجهة المضادة للدبابات " 9M119 Refleks" أو درع "كونتاكت" التفاعلي للدبابات.

أما التقارير التي تفيد بأن إيران قد تشتري ما يصل إلى 150 مقاتلة "تشنغدو جي 10" فهي خاطئة إلى حد ما، فطهران ببساطة لا تملك المال لمثل هذا الاستحواذ الضخم الذي لن يشمل الطائرات فقط، ولكن أيضًا المعدات الإضافية، والصواريخ، وتدريب الطيارين والطاقم على الأرض، واستثمارات بملايين الدولارات في أنظمة التوريد داخل إيران.

لكن هذا لا يعني أن إيران لن تحصل على تقنيات معينة بدلًا من أنظمة كاملة مع رفع العقوبات، مثل الصواريخ الجديدة أو الرادارات أو المحركات أو إلكترونيات الطيران أو الاتصالات.

عندما تُرفع العقوبات؛ قد تهتم إيران بشراء بعض التقنيات المتخصصة، مثل "C4ISR" (القيادة، التحكم، الاتصالات، أجهزة الكمبيوتر، الاستخبارات، المراقبة والاستطلاع) أو أنظمة الحرب الإلكترونية.

كانت تلك هي استراتيجية إيران في الماضي، عندما اشترت أجهزة لا تجذب انتباه العامة ولكنها مفيدة للغاية.

هذا ينطبق على نظام الحرب الإلكترونية "كولتشوغا" ونظام "Kvant 1L222 Avtobaza Electronic Intelligence"، وكلاهما معقد للغاية وليس مثيرًا للاهتمام مثل الدبابات أو الطائرات، وبحسب ما ورد سمح هذا الأخير للإيرانيين بالقبض على طائرة أمريكية بدون طيار من طراز "لوكهيد مارتن RQ-170  سنتينيل" في عام 2011.

إنفاق ولكن محدود

وخلاصة القول؛ فمن المستبعد للغاية أن تنفق إيران مليارات الدولارات الأمريكية على الأسلحة التقليدية الجديدة، إذا تم رفع الحظر.

من الناحية المالية؛ لا يمكن مقارنة إيران بالسعودية أو الإمارات، اللتان يمكنهما تحمل هذه النفقات، لكن في الوقت نفسه، فإن هذا لا يعني أن طهران لن تشتري على الإطلاق.

إن الحالة السيئة لقواتها العسكرية التقليدية التي عفا عليها الزمن والنقص الكبير في قطع الغيار، يعني أن الجمهورية الإسلامية ستضطر في مرحلة ما إلى الإنفاق بقدر الإمكان.

المصدر | روبرت كزولدا/ ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العقوبات على إيران السلاح الإيراني حظر تصدير السلاح

عقوبات أمريكية على وزير الداخلية الإيراني و11 مسؤولا آخرين