هل تستطيع إريتريا لعب دور حاسم في أزمة سد النهضة؟

الأحد 19 يوليو 2020 04:06 م

أجرى الرئيس الإريتري "أسياس أفورقي"، خلال زيارته التي استغرقت يومين للقاهرة في يومي 6 و7 يوليو/تموز، محادثات ثنائية مع نظيره المصري "عبدالفتاح السيسي"، تركزت على الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي والأمن في البحر الأحمر، بهدف دعم الأمن والاستقرار الإقليميين، وفق ما قاله المتحدث باسم الرئاسة المصرية "بسام راضي".

وتعد هذه هي خامس زيارة يقوم بها "أفورقي" إلى القاهرة منذ تولي "السيسي" منصبه في عام 2014، ولكن هذه المرة جاءت زيارته في الوقت الذي فشلت فيه مصر في التوصل إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، والذي تعتقد القاهرة أنه سيضر بمصالحها في مياه النيل.

وزار "أفورقي" في السابق أديس أبابا في 2 مايو/أيار، والخرطوم في 25 يونيو/حزيران، ويعتقد المراقبون أن هذه الزيارات جزء من جهود الوساطة الإريترية لحل النزاع بين مصر وإثيوبيا والسودان.

كان التقارب بين مصر وإريتريا على مدى عقود مصدرًا دائمًا لقلق إثيوبيا، التي اتهمت مصر مرارًا وتكرارًا باستخدام إريتريا كورقة ضغط لزعزعة استقرار الوضع في إثيوبيا.

كما أدى هذا التقارب إلى تعزيز الصراع الإريتري الإثيوبي الذي يعود إلى حرب الاستقلال الإريترية في التسعينات، فيما أدت حالة "لا حرب ولا سلام" بين البلدين باستمرار إلى تعزيز التوتر الإقليمي في السنوات الماضية.

انتهى الصراع التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا بعد أن وقع الطرفان اتفاق سلام في يوليو/تموز 2018، ونتيجة لذلك، حصل رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" على جائزة نوبل للسلام في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

لكن بعد زيارة "أفورقي" إلى القاهرة، قالت وزارة الإعلام الإريترية في 11 يوليو/تموز إن اتفاق السلام مع إثيوبيا لم يحقق تطلعات إريتريا.

وأضافت الوزارة في بيان على موقعها على الإنترنت: "بعد عامين من توقيع اتفاقية السلام، ما زالت القوات الإثيوبية موجودة في أراضينا، كما أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين لم تستأنف بالقدر أو النطاق المطلوب".

ورقة ضغط محتملة

وفي هذا السياق، قال مسؤول دبلوماسي متخصص في الشؤون الأفريقية لـ"المونيتور": "إن القاهرة منفتحة على جميع المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى حل النزاع حول سد النهضة. مصر وإريتريا لديهما مصالح مشتركة لا تقتصر على الملفات الثنائية. هناك تنسيق مستمر في معالجة الملفات الإقليمية في منطقة البحر الأحمر من جهة، والعلاقات مع إثيوبيا من ناحية أخرى".

وقال "حمدي عبدالرحمن حسن"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، في حديث لـ"المونيتور" عن الدور الذي يمكن أن تلعبه إريتريا في الصراع بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة: "في عهد أفورقي، أصبحت إريتريا لاعبًا رئيسيًا في معادلة القوة في القرن الأفريقي نظرا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي المهم، يستطيع الرئيس أفورقي اتخاذ إجراءات على المستوى الإقليمي واستغلال النزاعات لمصالحه الخاصة".

وأضاف "حمدي" أن "رئيس إريتريا أعلن بالفعل موقفه من سد النهضة في عام 2016، وهو يعتقد أن السد يفوق احتياجات التنمية في إثيوبيا، هناك إشارات عديدة تشير إلى أن الموقف الإريتري مع مصر، خاصة بعد أن وصلت المفاوضات الثلاثية حول السد إلى مفترق طرق".

ومنذ توليه منصبه في أبريل/نيسان 2018، يسعى رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" إلى حل نزاعات بلاده مع إريتريا والصومال، لكن التوترات والتحديات الداخلية حالت دون تنفيذ حقيقي لسياسات التقارب.

وقال "حمدي": "إريتريا كانت مترددة في الاعتماد على أبي أحمد في ضوء الوضع الداخلي غير المستقر في إثيوبيا، مع استمرار احتلال القوات الإثيوبية للمناطق المتنازع عليها".

وأشار إلى أن "الموقع الجغرافي لإريتريا وعلاقاتها مع دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، يمكن أن تكون بمثابة دعم استراتيجي لمصر، خاصة في حالة التصعيد".

ونفى سفير إريتريا في القاهرة "فاسيل جبريسيلاسي" في حديث لـ المونيتور"،  أن "السيسي" و"أفورقي" تطرقا إلى جوانب تعاون عسكري فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، وقال: "هناك تركيز على تعزيز التعاون والتنسيق في التعامل مع الأمن الإقليمي والملفات الاقتصادية".

وأضاف: "عرض الرئيس أفورقي ما في مقدرة إريتريا لحل النزاع حول سد النهضة"، ولكنه رفض إعطاء تفاصيل عن المبادرة الإريترية.

عراقيل الاتفاق

وقال "سليمان حسن"، المحلل السياسي الإريتري والخبير في الشؤون الأفريقية لـ"المونيتور": "إن الرئيس الإريتري على دراية بطبيعة وتعقيدات المرحلة السياسية في إثيوبيا، فضلاً عن المحادثات المتوقفة بشأن سد النهضة. ويمكنه أن يلعب دوراً هاماً في تقريب وجهات نظر الأنظمة السياسية في مصر وإثيوبيا والسودان من أجل التغلب على الخلافات".

وأضاف "حسن" أن "المعارضة الإثيوبية -التي تدعم النظام السابق المنتمي إلى مجموعة تيغريان العرقية والتي كانت مصدر العداء التاريخي مع إريتريا- قد استغلت سياسات آبي أحمد بالتقارب مع مصر لمعارضته. وهذا سيجعل من الصعب على النظام السياسي الإثيوبي الحالي التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن سد النهضة".

ومع ذلك، فمن مصلحة إريتريا التوسط في نزاع سد النهضة، وفقًا لـ"سليمان"، الذي أوضح أن "إريتريا تدرك جيدًا أن عودة النظام السابق إلى الحكم في إثيوبيا ليست في مصلحتها. وهذا صحيح بشكل خاص في ضوء محاولات دفع إثيوبيا وإريتريا إلى مناوشات عسكرية على الحدود، مثل ما حدث مع السودان في مارس/آذار".

وأضاف أن "أي اتفاق مصري إثيوبي مؤقت بشأن سد النهضة والذي يخدم السلام والاستقرار الداخليين في إثيوبيا سيكون له تأثير إيجابي على مصلحة إريتريا".

ولا يزال نجاح جهود الوساطة التي تقودها إريتريا أو الاتحاد الأفريقي لحل نزاع سد النهضة يعتمد على قدرة النظام السياسي الإثيوبي الحالي على اتخاذ موقف واضح والسيطرة على الوضع المتقلب، دون استخدام ملف سد النهضة لكسب شعبية ومواجهة حملات المعارضة التي تعتقد أن أي اتفاق بشأن سد النهضة مع مصر يتعارض مع مصالح إثيوبيا.

المصدر | آيه أمان | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سد النهضة الأثيوبي عبد الفتاح السيسي أسياس أفورقي العلاقات المصرية الإريترية

عضو بمفاوضات سد النهضة: تعنت إثيوبيا دوافعه سياسية

أوروبا تجدد الدعوة للتوافق حول ملء بحيرة سد النهضة

مصر: لن نقف مكتوفي الأيدي في قضية سد النهضة

رئيس مجلس السيادة السوداني يزور إريتريا بصحبة وفد أمني

وزيرا خارجية مصر وإريتريا يبحثان تطورات المعارك في إثيوبيا