الأزهر يندد بفيلم إيراني يجسد شخصية النبي «محمد» ﷺ

الثلاثاء 1 سبتمبر 2015 05:09 ص

رغم الضجة التي قامت ضده، فقد أصرت إيران على المضي في مشروع فيلم «النبي محمد»، صلي الله عليه وسلم، وبدأ عرض الجزء الأول منه، الخميس الماضي 26 أغسطس/آب في قاعات السينما في إيران، ومهرجان مونتريال الدولي للسينما، ولكن المخرج الإيراني قدم تنازل يتمثل في حجب وجه الرسول الكريم، وإظهاره من ظهره أو ظله على الأرض دون هيئته أو صورة بالكامل.

وبرغم أن مشاهد الفيلم المعروضة تضمنت بالفعل «تجسيد» للنبي محمد خلال مرحلة الطفولة في صورة «طفل» يتحرك ويمشي في أحداث الفيلم يرمز له بالنبي محمد في طفولته، إلا أن وجهه الكريم لا يظهر، والتصوير يتم من «ظهره» أو تصوير«ظله على الارض»، فقد أثار الفيلم ضجة بين كثيرين انتقدوا الإيرانيين واتهموهم بإحداث فتنة، وتزعم علماء الأزهر والسعودية لواء المعارضة.

بالمقابل قال المخرج الايراني «مجيد مجيدي» أن فيلمه لم يتضمن أي مشاهد تظهر ملامح الرسول صلى الله عليه وسلم، مستنكرا رفض الأزهر للفيلم وإصدار أحكام مسبقة قبل مشاهدة العمل، ودعا «مجيدي» شيوخ الأزهر لمشاهدة الفيلم أولا ثم إجراء حوار حول مدى مساهمته في الدعوة إلى الإسلام وتحسين صورته في العالم.

وقال إنه أعد الفيلم علي أمل أن يساهم الفيلم في «تغيير الصورة الذهنية السيئة السائدة عن الإسلام في الغرب، والتي تظهره على أنه دين العنف والإرهاب، مشيرا إلى أن فكرة الفيلم جاءته عقب الإساءات المتكررة التي تعرضت لها شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب، فأراد تقديم عمل يساهم في تعريف العالم بحقيقة الرسول».

ويعتبر «مجيدي» أن فيلمه يجب أن «يوحد» ولا يفرق المسلمين السنة والشيعة الذين يتواجهون في عدة دول في المنطقة، وأنه يؤكد «لم تكن ثمة خلافات من هذا النوع في تلك الفترة طفولة النبي».

وبفضل تأثيرات خاصة لا تظهر ملامح وجه من يجسد دور النبي - صلى الله عليه وسلم - أبدًا «بل يمكن رؤية ظل جسمه».

رفض سعودي

وقبل عرض الفيلم، أفتت «الهيئة العالمية للتعريف بالرسول ونصرته» التابعة لرابطة العالم الإسلامي، بحرمة تجسيد شخص النبي «محمد»، وقالت الهيئة، ومقرها السعودية، إن تشخيص الأنبياء بشكل عام «غير جائز في الإسلام».

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن «الهيئة العالمية للتعريف بالرسول» تعتبر هذه الخطوة «أمرا منكرا شنيعا فيه انتقاص لقدره، وهذا العمل محرم غاية التحريم، لأن تجسيد شخصية الرسول يعد ذريعة للاستخفاف بمقامه الشريف ومدخلا للاستهزاء به».

وحذرت الهيئة من «المفاسد العظيمة المترتبة على تمثيل الرسول»، مشيرة إلى «خطورة هذا العمل الذي تحرمه المجامع الفقهية ودور الإفتاء والهيئات الشرعية في العالم الإسلامي»، وحضت المسلمين على «واجب التواصي بمنعه ومقاطعة هذا العمل»، مؤكدة «مسؤولية الحكومة الإيرانية عن مواجهة هذه الإساءة لمقام النبوة باعتبار أن إنتاج الفيلم على أراضيها وهي مسؤولة عنه».

وتعارض الهيئة تجسيد صحابة النبي محمد وتعتبر ذلك «مخالفةً صريحةً وعدم مبالاة بما أفتى به جمهور علماء المسلمين من منع ذلك وتحريمه، حيث صدرت الفتوى من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية».

الأزهر: تحريم التجسيد حتى ولو لم يظهر الوجه

ومع ظهور الفيلم للعلن، جدد الأزهر الشريف رفضه لتجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية؛ وذلك «لمكانتهم التي لا ينبغي أن تُمس بأيِّ صورة في الوجدان الديني».

واعتبر الأزهر الشريف، في بيان له، أن تجسيد شخصياتهم في هذه الأعمال يعد انتقاصًا من هذه المكانة الروحية التي يجب الحفاظ عليها، مشددا علي رفضه تجسيد النبي «صلى الله عليه وسلم» في الفيلم الإيراني (محمد رسول الله).

وأوضح أن رفضه تجسيد الأنبياء «لا يقتصر على منع إظهار وجوههم بشكل واضح في هذه الأعمال، ولكن تجسيد الأنبياء صوتًا أو صورة أو كليهما في الأعمال الدرامية والفنية أمر مرفوض، لأنه ينزل بمكانة الأنبياء من عليائها وكمالها الأخلاقي ومقامها العالي في القلوب والنفوس إلى ما هو أدنى بالضرورة».

وأشار الأزهر إلى أنه «ليس جهة منع للأعمال الفنية، ولكنه يبدي الرأي المستند على الشرع الحنيف في مثل هذه الأعمال، أمَّا قرارات المنع والإجازة فهي مسؤولية جهات أخرى».

علماء الأزهر يُحرمون مشاهدته

وقد هاجم علماء «الأزهر» في مصر الفيلم الإيراني الجديد «محمد رسول الله»، وحرموا مشاهدته وطالبوا بمنع عرضه في دور السينما المختلفة، على الرغم من تأكيدات صناع الفيلم على أنه لا يتضمن تجسيدا لشخصية النبي صلى الله عليه وسلم، أو ظهور وجهه، وعدم ظهور وجه الرسول على الشاشة، بل يظهر جسم الصبي الذي يؤدي دور الرسول فقط من ظهره أو من خلال ظله.

وندد علماء الأزهر الشريف، بعرض الفيلم الإيراني «محمد رسول الله»، عبر شاشات التليفزيون، داعين طهران إلى منع عرض الفيلم الذي جرى التحضير له في ألمانيا، واختلف العلماء، بين التأييد والرفض، في رؤيتهم لتجسيد شخصيات الصحابة بالصوت والصورة.

حيث أدان الدكتور «محيي الدين عفيفي» أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، عرض الفيلم الإيراني «محمد رسول الله»، عبر شاشات التليفزيون، مضيفًا أن هناك قرارا مجمعا ومتفقا عليه من العلماء بحرمة تجسيد الأنبياء لأنهم صفوة الله، خاصته من خلقه والمنزهين عن الأخطاء والعيوب.

وأوضح «عفيفي»، أن «ما فعلته إيران مخالف للشرع والدين، وأن الممثل الذي يجسد الأنبياء والصحابة يجسد أدوار أخرى سيئة، ويظهر في مشهد آخر بشكل لا يليق أن يكون يوما جسد صورة نبي أو صحابي وهو ما يعد مكروه ومخالف».

وأكد الدكتور «أحمد كريمة» أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه «ممنوع شرعًا تجسيد الأنبياء عبر شاشات التليفزيون، لإجماع فقهاء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، في فترة الستينات، على تحريم تجسيد شخصيات الرسل في الأعمال الفنية بواسطة الكاميرات أو بواسطة الأشخاص على خشبة المسرح».

وقال «عباس شومان» وكيل الأزهر إن منتجو الفيلم الإيراني يسعون إلى الترويج للعمل عن طريق الزج باسم الأزهر الشريف في الأمر، موضحا أن رأي الأزهر في هذه المسألة معروف للجميع.

ووأضاف: «الأزهر أعلن الحكم الشرعي في مسألة تجسيد الأنبياء، فمن يريد أن يأخذ به فليفعل، ومن لا يريد فلا يمكننا إجباره على ذلك، مطالبا المسلمين بتجاهل تلك الأعمال الفنية المسيئة»، على حد قوله.

وأشار الدكتور «محمد الشحات الجندي» عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن شركات الإنتاج تسعى للربح من خلال تلك الأعمال، وأن النوايا الإيرانية ليست طيبة في تكرار عرض وإنتاج أعمال عن الأنبياء مثل «سيدنا يوسف»، «سيدنا محمد»، وذلك لغزو المنطقة والعالم الإسلامي بفكر شيعي مبطن بشخصيات الأنبياء والرسل والصحابة.

فيلم من ثلاثة أجزاء

الفيلم الحالي مدته ثلاث ساعات تقريبا، وهومن تصوير الإيطالي «فيتوريو ستورارو» الحاصل على جائزة أوسكار، ويركز على مرحلة الطفولة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الجزء الأول من ثلاثة أجزاء لاحقة ينوي مخرجه تنفيذها في المستقبل.

ويتكون هذا العمل السينمائي من ثلاثة أجزاء، (الجزء الأول) يجسد طفولة النبي «محمد» حتى وهو في حوالي الـ 12 من العمر، و(الجزء الثاني) تدور أحداثه حول حياة النبي حتى تاريخ البعثة أي بلوغ النبي سن الـ 40 عاما، أما (الجزء الثالث) والأخير فيلخص حياة النبي حتى رحليه في سن 63 والأحداث التي طبعت هجرته من مكة إلى المدينة.

وبلغت ميزانية الفيلم، الذي استغرق الإعداد له ثماني سنوات، حوالي 40 مليون دولار وهو أكثر الأفلام تكلفة في تاريخ السينما الإيرانية، ومولت الحكومة جزء من تكاليف إنتاجه التي تضمنت بناء أحياء كاملة في جنوب العاصمة طهران لتصوير المشاهد في أجواء مشابهة لمكة قبل 1400 عام.

وهذا الفيلم هو ثاني عمل سينمائي طويل عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد فيلم «الرسالة» الذي أنتج عام 1976 وأخرجه السوري الراحل «مصطفى العقاد»، وقام ببطولته الممثل الأمريكي الراحل «أنتوني كوين» ولكن لم تظهر فيه صورة النبي وإنما بعض الصحابة، ومع هذا حظر الازهر عرضه في مصر لتجسيده صورة الصحابة.

احتجاجات نشطاء

وانتقد نشطاء على مواقع التواصل صمت الدول الاسلامية على إنتاج فيلم يظهر فيه الرسول «محمد»، وعدم قطع علاقتها بإيران وسحبت سفرائها، بينما انتقد آخرون صمت حكام العرب علي الفيلم وفقا لوصفهم. وقالوا أن السبب أنه لا يضر كراسي حكمهم.

كما دشن شباب صفحة علي فيس بوك بعنوان «معا لمنع الفيلم المسيء لرسول الله من العرض»‏، ينتقدون فيها عرض هذا الفيلم.

مؤيدون للفيلم

بالمقابل قال نقاد سينمائيون أنهم يؤيدون عرض الفيلم ومشاهدته قبل الحكم عليه، حيث دعا الناقد الفني «طارق الشناوي»، لعدم الهجوم على الفيلم الإيراني الذي يُجسد الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، إلا بعد رؤيته وخروجه للنور.

وقال «الشناوي» في مداخلة هاتفية لبرنامج «حضرة المواطن» على قناة «العاصمة»، مساء الأربعاء، إنه في عام 1926، رفض الأزهر الشريف تجسيد الرسول «محمد» عندما أراد «يوسف وهبي» تجسيد دوره، ووسع الأمر ليشمل الصحابة والخلفاء الراشدين.

وتابع: السعودية الأكثر تشددا من مصر في تجسيد الرسول محمد والصحابة قامت فيها مجموعة »إم بي سي»، بإنتاج مسلسل «سيف الله المسلول»، الذي يجسد شخصية الصحابي «خالد بن الوليد»، وأن هناك بعض الأعمال الفنية جسدت شخصيات من الصحابة، ولم يقل أحد بتحريمه، مثل مسلسل «عمر» بتجسيد لشخصية سيدنا «عمر»، وكان به شخصيات الخلفاء الأربعة.

وانتقد المطرب البريطاني «سامي يوسف»، الذي يؤدي أغنيات الفيلم، علماء الأزهر الذين هاجموا الفيلم دون أن يشاهدوه، وقال إنهم فعلوا ذلك فقط لأن إيران هي من أنتجته، في إشارة إلى الخلافات السياسية بين العديد من الدول السنية وعلى رأسها السعودية ومصر مع إيران.

وقال «ماهر فرغلي» الباحث في شئون الحركات الإسلامية أنه شاهد أجزاء كثيرة من فيلم «محمد رسول الله» في مقر الشركة التي أنتجته، ولم يجد فيه صورة للرسول، منتقدا الإفتاء بتحريم مشاهدته، برغم أن «الطفل الذي ظهر يمثل دور النبي، في كل الفيلم ظهر من الخلف في مشاهد بسيطة، من ظهره، ولم يظهر بوجهه مطلقا».

أيضا دافع نقاد ومثقفون مصريون عن الفيلم الإيراني، وهاجموا المعارضين، حيث أكد الدكتور «عبد المنعم تليمة»، أستاذ الأدب والنقد العربي بجامعة القاهرة، أن «ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم في فيلم سينمائي سيكون مجالا يجعل كل أطفال المسلمين في العالم يحبونه جدًا، ويقتربون منه، لأنه في الأصل هو بشر، يبتسم ويعمل، يأخذ ويعطى، ويستهلك».

وأكد الكاتب الصحفي «صلاح عيسى»، أن قضية عرض الأفلام السينمائية التي تتعرض للأنبياء محل جدل منذ زمن، ودائمًا هناك موقف محدد من الأزهر والسعودية في رفض هذه الأفلام، ولذلك فليس غريبًا أن تعترض السعودية والأزهر على عرض فيلم «النبي محمد» في إيران.

وقال «عيسى» أن «المشكلة هي أن هذه الجهات ترفض عرض الأفلام دون رؤيتها، كما حدث في فيلم الرسالة، حيث اعترض عليه الأزهر، والسعودية، ولكن حين عُرض بعد ذلك تبين أنه لم يكن فيه تجاوز في أي شيء"، مشيرا لعرض مسلسل عمر بن الخطاب، وعرض يوسف الصديق، وغيرها في دول الخليج».

  كلمات مفتاحية

السينما الدينية السينما الإيرانية تجسيد الصحابة الأزهر

إقبال كبير على فيلم «محمد رسول الله» مع بدء عرضه في إيران

إيران.. تأجيل العرض الأول لفيلم النبي «محمد» لأسباب تقنية

إيران تكرم مخرج فيلم النبي «محمد» وتكلفة إنتاجه تتجاوز 21 مليون دولار

بعد فيلم «محمد» ﷺ ومسلسل «يوسف» .. إيران تستعد لإطلاق مسلسل «موسى»

إيران تبدأ عرض فيلم يجسد النبي ﷺ الخميس القادم

مفتي السعودية: الفيلم الإيراني «محمد رسول الله» فيلم «مجوسي وعمل عدو للإسلام»

رابطة العالم الإسلامي تدعو إيران إلى وقف عرض فيلم «محمد رسول الله» ﷺ

إيران.. نصف مليون دولار إيرادات فيلم «محمد رسول الله» ﷺ في أسبوع واحد

السلطات المصرية تفرج عن 3 أشخاص بعد اتهامهم بترويج المذهب الشيعي

الفيلم الإيراني «محمد رسول الله» ﷺ

«الأزهر»: السنة والشيعة جناحا الإسلام ويجب التقريب بينهما

«خامنئى» يجدد مطالبته لعموم الشيعة بعدم إهانة زوجات النبي

قطر تقيم معرضا بتقنيات حديثة يحاكي تفاصيل حياة النبي «محمد»

«الحارس الشخصي» .. فيلم إيراني يحصد 3 جوائز بمهرجان فيينا