الإمارات تكافح لاجتذاب الموهوبين.. والمنافسة الخليجية تحتدم

السبت 20 مارس 2021 08:35 ص

تم تصنيف دبي باعتبارها ثالث أكثر مدينة يرغب الناس في الانتقال إليها على مستوى العالم، في حين جاءت أبوظبي في المركز الخامس، وذلك في دراسة أجرتها "مجموعة بوسطن الاستشارية" عام 2021.

ولكن، هذه التصنيفات الإيجابية ظهرت بالتزامن مع تقديرات متضاربة ومثيرة للجدل حول سكان الإمارات، وهو البلد الذي يشكل فيه المغتربون غالبية السكان.

فقد كشفت وكالة "S&P Global Ratings" أن عدد سكان دبي تقلص بنسبة تقدر بنحو 8.4% في عام 2020، وهو أكبر انخفاض في منطقة الخليج، بينما كان الانخفاض في عدد سكان أبوظبي أقل حيث وصل إلى 5% في عام 2020، لكنه لا يزال أعلى من متوسط ​​دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 4%.

لكن مركز دبي للإحصاء دحض هذه الأرقام، حيث أبلغ بدلاً من ذلك عن نمو سكاني بنسبة 1.63% في عام 2020.

وفي تحد إضافي للتوقعات الديموجرافية المتشائمة، توقعت حكومة دبي أن يتضخم عدد سكان الإمارة بنسبة 76% خلال العقدين المقبلين.

ومع ذلك، فإن التقديرات السكانية المختلفة تتفق على أن السكان المغتربين في الإمارات هم محور مسارات التنمية الاقتصادية داخل الدولة.

وبالتالي، من المرجح أن يكون للتقلص السكاني الناجم عن تدفقات الوافدين إلى الخارج تأثير اقتصادي كبير، بالنظر إلى أن الوافدين يمثلون أكثر من 90% من إجمالي سكان دبي وحوالي 80% من سكان أبوظبي.

لذلك، يقوم المسؤولون الإماراتيون - وكذلك المسؤولون في دول الخليج العربية المجاورة - بطرح مجموعة من السياسات والمبادرات التي تهدف إلى الاحتفاظ بالمغتربين ذوي المهارات العالية.

مبادرات تجنيس وإقامة

في يناير/كانون الثاني، أعلنت الإمارات عن تغييرات قانونية تسمح لبعض المغتربين بالحصول على الجنسية الإماراتية، ولكن يبدو أن إجراء التجنيس مبنيّ على ترشيح مسؤولي الديوان الملكي أو أعضاء الحكومة وليس عملية تقديم طلب موضوعية، كما لا يزال نطاق المزايا الممنوحة للمغتربين المتجنسين غير واضح.

وفي الواقع، فإن إجراءات التجنيس قد سبقتها عدة مبادرات في السنوات الأخيرة لتمكين المقيمين المغتربين من الإقامة لفترة أطول في البلاد.

فقد أطلقت الحكومة الفيدرالية والإمارات المنفردة، العديد من خطط التأشيرات والإقامة في أعقاب جائحة فيروس "كورونا" وتراجع أسعار النفط في عام 2020.

وأصدر مجلس الوزراء قرارًا في يناير/كانون الثاني يسمح لطلاب الجامعات الأجانب في الإمارات باستقدام أفراد أسرهم، بشرط أن يتمكنوا من تحمل تكاليف السكن المناسب.

وفي مارس/آذار، أعلنت دبي أنها ستمنح ألف تأشيرة ثقافية للفنانين والمبدعين.

وأطلقت دبي تأشيرات أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2020 تسمح للعمال عن بعد وعائلاتهم بالانتقال إلى الإمارة.

وتعتمد التأشيرات طويلة الأجل على مبادرات سابقة.

وتزامن إطلاق الإمارات لنظام التأشيرة الذهبية في عام 2019 مع تخفيف لوائح تملك الأجانب الأجنبية في الدولة.

وأصبح من حق المغتربين الموهوبين والمتخصصين التقدم للحصول على تأشيرة ذهبية لمدة 5 و 10 سنوات قابلة للتجديد تلقائيًا.

وفي عام 2018، وافق مجلس الوزراء على قانون يسمح بتأشيرة تقاعد مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد للمقيمين الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا، كما أن تأشيرة العلاج الطبي قصيرة الأجل متاحة منذ عام 2017، وتوجد خيارات أخرى للتأشيرة لأصحاب المشاريع والمستثمرين العقاريين.

الأمر لا يخلو من مخاطر

نفذت السلطات الإماراتية أيضًا إصلاحات اجتماعية وقانونية - جزئيًا على الأقل - لتحسين جاذبية الدولة للمقيمين المغتربين والزوار.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أدخلت حكومة الإمارات سلسلة من القوانين الجديدة التي تهدف إلى "تخفيف تأثير الشريعة الإسلامية على الأجانب".

فقد تم إلغاء تجريم السكن المشترك لغير المتزوجين واستهلاك الكحول، كما تربط التغييرات القانونية الأخرى إجراءات الطلاق والميراث بالقوانين واللوائح المعمول بها في موطن المغتربين.

ولكن، تنطوي الوتيرة السريعة وطبيعة هذه التطورات المتعلقة بالجنسية والإقامة على مخاطر، وتؤدي عملية الترشيح غير الموضوعية التي يقودها النخبة إلى زيادة احتمالية سلوك البحث عن الريع.

وقد يأتي بعض الأفراد الأثرياء الذين يرغبون في جنسية ثانية أو خيارات إقامة طويلة الأجل بأمتعة ذات طبيعة غير مشروعة.

ولطالما سعت الإمارات إلى مواجهة المخاوف المستمرة بشأن كونها مركزًا لغسيل الأموال وملاذًا ضريبيًا عالميًا من خلال إنشاء وحدات ولجان استخبارات مالية مختلفة، وفي فبراير/شباط الماضي، أنشأت الدولة مكتبًا تنفيذيًا جديدًا لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي غضون ذلك، تتيح التأشيرة الذهبية للأجانب امتلاك 100% من بعض الأعمال التجارية خارج المناطق الحرة، مما قد يقلل الطلب على خدمات المنطقة الحرة.

منافسة محتدمة في الانتظار

من المرجح أن تؤدي العديد من مبادرات التأشيرات إلى زيادة المنافسة لجذب الأجانب، على مستوى الإمارات المختلفة.

ففي فبراير/شباط، أطلقت أبوظبي برنامج "ازدهر في أبوظبي"، وهو برنامج مصمم لتشجيع المهنيين والمستثمرين والطلاب على "ترسيخ جذورهم" في الإمارة.

وفي 13 مارس/آذار، كشف حاكم دبي عن الخطة الحضرية الرئيسية لدبي 2040، والتي تتضمن مبادرات مثل زيادة طول الشواطئ العامة بنسبة 400% بحلول عام 2040 وتوسيع المساحات الخضراء لتعزيز جاذبية الإمارة.

وتتوقع الخطة أن يصل عدد السكان خلال النهار إلى 7.8 مليون نسمة بحلول عام 2040، بما يشمل حوالي مليوني زائر يوميًا من الإمارات المجاورة.

وقد تقدم الإمارات الأخرى مبادرات مصممة خصيصًا للتنافس، ولكنها في نهاية المطاف تمتلك قدرات حكومية وموارد مالية محدودة.

لكن الإمارات المختلفة في دولة الإمارات ليست وحدها التي تسعى لاستقطاب الموهوبين الوافدين والذين يمكنهم المساهمة في النمو الاقتصادي في منطقة الخليج.

ففي 15 فبراير/شباط، أعلنت الحكومة السعودية إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة خارج المملكة بدءا من مطلع عام 2024، كما تضمنت خطة الحوافز الاقتصادية التي أقرها سلطان عمان في مارس/آذار منح تأشيرات إقامة طويلة الأجل للمستثمرين الأجانب.

ومن المرجح أن تؤدي المبادرات المتداخلة إلى زيادة المنافسة الإقليمية على المواهب الأجنبية.

ولكن في الوقت الحالي، تظل الإمارات على رأس قائمة الدول المرغوبة لأولئك المغتربين الذين يتطلعون إلى البقاء في الشرق الأوسط أو الانتقال إليه.

المصدر | روبيرت موجيلنيكي/معهد دول الخليج العربي واشنطن

  كلمات مفتاحية

الإمارات المغتربين التجنيس السعودية إقامات طويلة دبي

الإمارات تمنح جنسيتها للمستثمرين والعلماء والموهوبين.. ما الهدف والشروط؟

الإمارات تمنح إقامات افتراضية للموظفين عن بعد