ناشونال إنترست: هل تعيد أمريكا تقييم تحالفاتها بعد هجوم نطنز؟

الأربعاء 21 أبريل 2021 05:19 ص

تتواصل عملية إعاقة المحادثات بين واشنطن وطهران حيث يفضل ما يسمى بـ"حلفاء" الولايات المتحدة الوضع الراهن في الشرق الأوسط عبر غطاء أمني أمريكي لدعم مساعيهم المغامرة والخطيرة في جميع أنحاء المنطقة، لذلك يدعمون الجمود في الموقف الأمريكي من خلال العمل كمخربين للاتفاق النووي، وهو ما أثبته الحادث الأخير في منشأة  "نطنز" النووية في إيران. ويجب النظر إلى مثل هذا الحدث أيضا كمحاولة لإبقاء واشنطن منخرطة بعمق في أمن الشرق الأوسط.

ولا يمكن التقليل من مخاطر التخريب بالنظر إلى أهمية مفاوضات الاتفاق النووي الجارية في فيينا. وتشكل هذه الجهود محاولة أخيرة لإعادة واشنطن وطهران إلى الامتثال للاتفاق قبل الانتخابات الإيرانية في يونيو/حزيران المقبل، وهو إنجاز حاسم يمكن أن يفتح حوارًا حول قضايا أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

لذلك، فإن توقيت الهجوم على "نطنز" يثير مخاوف جدية حيث تشير العديد من المؤشرات، بما في ذلك تصريحات مجهولة من قبل مسؤولي المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، إلى مسؤولية إسرائيل.

واتهم مسؤولون إيرانيون إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم بعد يوم من وقوعه وتعهدوا بالانتقام، بالإضافة إلى ذلك، أعلنت طهران أنها ستزيد تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهي زيادة كبيرة ولكنها ليست 90% اللازمة لصنع أسلحة نووية. وبشكل عام، لا تساعد هذه التطورات في دفع الولايات المتحدة وإيران للعودة إلى الاتفاق النووي.

ويأتي هذا الهجوم في إطار تكتيك يستهدف إثارة رد فعل سلبي من طهران، حيث أن إسرائيل (التي لديها سياسة واضحة تتمثل في عدم تأكيد أو نفي دورها في الأعمال السرية ضد إيران) تعلم أنه لا يمكنها فقط إنتاج ردود فعل عنيفة من إيران بمثل هذه الأعمال، ولكن القيام بذلك يدفع إيران إلى المطالبة بالمزيد في المفاوضات.

وتحتاج إسرائيل فقط للإشارة إلى رد إيران على سفينة مملوكة لإسرائيل، وأعمالها المستمرة للوصول إلى نسبة تخصيب أعلى من اليورانيوم لتقويض أي إحياء للاتفاق. وتمكن هذه الأفعال المتشددين الإيرانيين من الاستمرار في عدم الاهتمام بأي صفقة مع الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، تهدف الإجراءات التي يقوم بها المخربون عن قصد إلى إحداث مشاكل داخلية لإدارة "بايدن". يتكون الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس "جو بايدن" من العديد من المتشددين تجاه إيران والذين يستعدون لاستخدام أي علامة على العدوان الإيراني كسبب للمطالبة بالمزيد خلال المفاوضات أو ترك الاتفاق. كما يمتلك فريق "بايدن" في الكونجرس (يعاني من الانقسام) مساحة محدودة للمناورة إذا كان يأمل في تحقيق أهداف سياسية محلية طموحة وذات قيمة عالية.

ويتفهم المخربون في جميع أنحاء الشرق الأوسط أيضًا هذه القيود الداخلية ومخاوف الأمن القومي الأمريكية الأخرى، وغالبًا ما يستخدمونها لإطالة الغطاء الأمني الأمريكي إلى أجل غير مسمى في جميع أنحاء المنطقة. ويحتاج المرء فقط إلى مراقبة العمليات العسكرية الفاشلة للسعودية في اليمن؛ والمواجهة بين الإمارات ومصر وتركيا في ليبيا واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وقصف شرقي سوريا، ليتعرف على نتائج الوجود الأمريكي العميق في المنطقة.

وفي كل حالة من هذه الحالات، زادت المغامرات الإقليمية لأن الوجود العسكري الأمريكي والدعم العسكري المباشر ومبيعات الأسلحة تضمن أمن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على حساب المصالح الأمريكية أو السلام الأوسع. بمعنى آخر، ترتكب دول الشرق الأوسط أعمال العنف لأن واشنطن تمكنها من خلال حمايتها بأصولها العسكرية.

ويمكن ملاحظة أكثر الأمثلة الصارخة على ذلك في مستويات القوات الأمريكية في العراق وسوريا والسعودية واليمن وقطر والمصممة لمواجهة النفوذ الإيراني. وقد أظهرت الإدارات السابقة النية الحقيقية لهذه الأصول العسكرية، كما ثبت ذلك من خلال الزيادات العديدة للقوات وقاذفات القنابل في الشرق الأوسط في عامي 2019 و 2020 من قبل إدارة "ترامب". وقد أعرب "جون بولتون"، وهو من الصقور المتحمسين ضد إيران، علانيةً عن أن "هذه القدرات ترسل رسالة واضحة لا لبس فيها إلى النظام الإيراني مفادها أن أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو على مصالح حلفائنا سيواجه بقوة لا هوادة فيها".

إن هذا الخطاب هو الذي يريده الحلفاء المزعومون، ليس لاتخاذ قرارات سياسية محفوفة بالمخاطر فحسب، ولكن أيضًا لضمان بقاء إيران في وضع لا تستطيع معه تحمل حرب مفتوحة في المقام الأول.

ولا يبرر هذا المنطق الأعمال الإيرانية الخبيثة، فدعم الجماعات المسلحة والقمع الوحشي للمعارضة الداخلية من قبل طهران أمر لا يغتفر. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النشاط الخبيث يمتد إلى جميع الدول في الشرق الأوسط إلى حد ما. وللمفارقة، فإن هذا النشاط يتزايد بالرغم من الترويج لفكرة أن الولايات المتحدة ستدافع عن شركائها في أي موقف يتعلق بمواجهة إيران أو الإرهاب بغض النظر عن درجة المغامرة غير المبررة أو انتهاك القانون الدولي من قبل تلك الدول.

في نهاية المطاف، فإن أفضل إجراء يمكن أن تتخذه واشنطن لتهدئة الأعمال العدائية في جميع أنحاء المنطقة هو التوقف عن لعب دور "صانع الملوك" لدول معينة، والتوقف عن دورها كقوة شرطة إقليمية أحادية الجانب، واستخدام الدبلوماسية لجمع الدول معًا من خلال الحوار ومن خلال الآليات الإقليمية. ويبدأ هذا المسار بصفقات مثل الاتفاق النووي، والتي يمكن أن تبني الثقة بين طهران وواشنطن وتسمح بمتابعة جهود السلام والتكامل الإقليمية. ولحسن الحظ، استؤنفت المحادثات بنجاح حتى الآن.

والأهم من ذلك، أن هذه الجهود يمكن دعمها بشكل أفضل من خلال الرفض العلني لأعمال التخريب التي لا تؤدي إلا إلى تسريع الصراع المفتوح على حساب مصالح الولايات المتحدة. ولكن لسوء الحظ في الوقت الحالي، يبدو من غير المرجح أن تدين واشنطن علانية تصرفات شركائها في منطقة الشرق الأوسط بينما تحاول تغيير نهجها تجاه المنطقة.

المصدر |  الكسندر لانجلوا | ناشونال إنترست – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مباحثات فيينا نطنز الاتفاق النووي السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط جو بايدن جون بولتون

الردع التقليدي مقابل الردع النووي.. مقايضة الأمر الواقع بين واشنطن وطهران

هل تحتاج إيران لتطهير بيتها لمواجهة العمليات التخريبية والاغتيالات المتكررة؟

الطاقة الذرية تؤكد حدوث تغييرات في تخصيب إيران لليورانيوم

الطاقة الذرية: تراجع إنتاج إيران النووي بعد انفجار نطنز

جيروزاليم بوست: إيران تبني منشأة نووية يصعب على إسرائيل تدميرها