ماذا يعني انتقال السلطة في تشاد بالنسبة لقوى الشرق الأوسط؟

الأربعاء 28 أبريل 2021 12:54 ص

قُتل الرئيس التشادي "إدريس ديبي" في 20 أبريل/نيسان الجاري، على يد متمردي جبهة "التغيير والوفاق" في تشاد في منطقة تيبستي شمال غربي البلاد.

ويهدد الموت المفاجئ "لديبي" بإغراق تشاد في حالة من عدم الاستقرار لفترة طويلة، حيث يرى متمردو "التغيير والوفاق" أن المجلس العسكري الانتقالي الجديد بقيادة "محمد" نجل "إدريس ديبي"، كيان غير شرعي ويخططون للزحف إلى العاصمة التشادية نجامينا.

وأثارت حالة عدم الاستقرار في تشاد انزعاج فرنسا والاتحاد الأفريقي، اللذين يقفان على الخطوط الأمامية في القتال ضد الجماعات الموصوفة بـ"الإرهاب" في منطقة الساحل، لكن الاضطرابات تهدد أيضًا المصالح الجيوسياسية للقوى الإقليمية في الشرق الأوسط.

وتعتبر تشاد نقطة ساخنة في المنافسة بين مصر وتركيا على النفوذ في أفريقيا، كما أن تشاد لديها شراكة قوية مع الإمارات وعلاقات متنامية مع إسرائيل.

وسيستمر تفاعل تشاد الاقتصادي والدبلوماسي والأمني ​​الموسع مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد وفاة "ديبي" ويمكن أن يعزز ذلك قبضة الحكومة الانتقالية على السلطة.

وبالرغم من توسع النفوذ التركي في أفريقيا بشكل ملحوظ بعد جولة الرئيس "رجب طيب أردوغان" القارية عام 2005، فإن الشراكة التركية التشادية تشكلت خلال الحرب الباردة، فقد خلق نفور تركيا وتشاد المشترك من الشيوعية روابط بين البلدين.

ومع ذلك، فإن العلاقات الودية بين تركيا وليبيا، والتي بدأت بتزويد "معمر القذافي" بقطع غيار للجيش التركي خلال غزو قبرص عام 1974، كانت سببا في اتخاذ أنقرة موقفا محايدا خلال الحرب التشادية الليبية 1978-1987.

واعتمدت تشاد على مساعدات من دول عربية، مثل مصر والعراق، خلال هذا الصراع، ومع ذلك، أقامت تركيا علاقات ودية مع نظام "إدريس ديبي" من خلال توفير المساعدات الإنسانية لتشاد خلال الجفاف في أوائل التسعينات.

بعد ربع قرن من الفتور النسبي، دفعت زيارة "أردوغان" التاريخية إلى نجامينا في ديسمبر/كانون الأول 2017 العلاقات التركية التشادية إلى آفاق جديدة. وخلال هذه الرحلة، شجع "أردوغان" الشركات التركية على الاستثمار في تشاد وأكد أن تركيا تسعى إلى تعاون مربح للجانبين وهو ما يتناقض مع طموحات القوى الاستعمارية الغربية. واعتبرت تركيا احتياطيات الذهب والأسواق الزراعية في تشاد وجهات استثمارية جذابة بشكل خاص، لكن موقعها غير الساحلي وبنيتها التحتية السيئة خلقت تعقيدات للمستثمرين الأتراك.

وتعتبر تركيا أن تشاد شريك اقتصادي علي المدى الطويل وليس مصدرًا للإيرادات السريعة، وقد أبدت أنقرة التزامها تجاه نجامينا من خلال توفير شحنتين من المساعدات الطبية خلال أزمة "كورونا" في 22 مايو/أيار و 18 يونيو/حزيران من العام الماضي.

ومنذ عام 2019، نظرت مصر إلى الشراكة التركية التشادية بقلق. ويخشى المسؤولون المصريون من أن تركيا قد تستغل قرب تشاد من دارفور وليبيا لتهديد أمن مصر. واستمرت المخاوف أيضًا في مصر والإمارات بشأن صلات جبهة "التغيير والوفاق" بالقوات المتحالفة مع تركيا في مصراتة الليبية. وقد يؤدي التراجع الأخير في التوترات بين مصر وتركيا إلى تخفيف انعدام الثقة، لكن مصر ما تزال تنظر إلى تشاد، إلى جانب السنغال، على أنهما مسرح رئيسي للمنافسة مع تركيا في غرب أفريقيا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، التقى الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" مع "إدريس ديبي" على هامش القمة الروسية الأفريقية في سوتشي وناقشا الحاجة إلى تعزيز "الحلول الأفريقية للأزمات الأفريقية". وسهّلت معارضة "إدريس ديبي" للتدخل العسكري التركي في يناير/كانون الثاني 2020 في ليبيا تعاونًا أوثق بين مصر وتشاد.

ويتواصل رئيس جهاز المخابرات العامة المصري "عباس كامل" بانتظام مع المسؤولين التشاديين بشأن "مكافحة الإرهاب" في شمال غرب أفريقيا. وتريد مصر أيضًا إنشاء شبك طرق مع ليبيا وتشاد من شأنها تسهيل التكامل الاقتصادي الإقليمي. وبينما يتعرض هذا المشروع للخطر بسبب عدم الاستقرار في تشاد، تراقب مصر بجدية ما سيحدث في حقبة ما بعد "ديبي".

ولاستكمال شراكاتها التاريخية مع تركيا ومصر، أقامت تشاد شراكة قوية مع الإمارات وأصلحت علاقتها المتوترة تاريخياً مع إسرائيل. وتوسعت الروابط التجارية الثنائية بين تشاد والإمارات بين عامي 2015  و 2019، من 177 مليون دولار إلى 412 مليون دولار، ويخصم هذا الرقم من حجم تجارة تركيا مع تشاد البالغ 72.4 مليون دولار في عام 2019.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، ألقى وزير الاقتصاد الإماراتي "سلطان بن سعيد المنصوري" كلمة أمام منتدى الأعمال الإماراتي التشادي في أبوظبي، وركز على اعتبار تشاد وجهة رئيسية للاستثمارات الإماراتية في أفريقيا.

وقد شاركت تشاد في الحصار الذي قادته السعودية والإمارات ضد قطر في يونيو/حزيران 2017 وجرى اتهام الدوحة لاحقًا بدعم المتمردين التشاديين في ليبيا وإيواء زعيم تجمع القوى الديمقراطية "تيمان إرديمي".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، رد وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" بالادعاء بأن منتدى الأعمال الإماراتي التشادي كان بمثابة مكافأة على دعم تشاد للحصار. ولكن تشاد أعادت العلاقات الدبلوماسية مع قطر سريعا في فبراير/شباط 2018 من أجل الاستثمارات القطرية، ومع ذلك، لوحظ تضامن "إدريس ديبي" مع أبوظبي.

وعزز الدعم العسكري التشادي للجنرال الليبي "خليفة حفتر" شراكة تشاد مع الإمارات. ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، جندت الإمارات 200 مقاتل من تشاد، وفي يونيو/حزيران 2020، أفادت التقارير أن تشاد سمحت بنشر 1500 جندي إضافي للقتال في صفوف قوات "حفتر"، كما أن جبهة "التغيير والوفاق" لديها اتفاق عدم اعتداء مع "حفتر".

وقد يؤدي تصعيد العنف السياسي في تشاد إلى عودة هذه القوات إلى بلادها أو خلق شقاق بين صفوف المرتزقة التشاديين في ليبيا، وقد يضعف ذلك نفوذ الإمارات في شرق ليبيا.

وبالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين تشاد وإسرائيل من عام 1972 إلى عام 2019، إلا أن العلاقات بين البلدين تحسنت خلال العامين الأخيرين من حكم "إدريس ديبي"، وقد تجلى تحسن العلاقات في مدح رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لـ"لإدريس ديبي" ووصفه بـ"القيادة الجريئة". وخلال زيارته في يناير/كانون الثاني 2019 إلى نجامينا، وصف "نتنياهو" تشاد بأنها شريك لبلاده وأبرم سلسلة من الصفقات التجارية مع "ديبي".

وفي أغسطس/آب 2019، سافر وفد رسمي من الحكومة الإسرائيلية إلى تشاد لمناقشة التعاون الزراعي والتعديني. كما ناقشت تشاد وإسرائيل تبادل السفراء في اجتماع سبتمبر/أيلول 2020 في القدس.

وبينما من المرجح أن يواصل "محمد ديبي" نهج والده مع إسرائيل، يتبنى المجتمع المدني التشادي مشاعر معادية لإسرائيل. لذلك، ستسعى إسرائيل إلى الحفاظ على الوضع السياسي الراهن في تشاد، ومن المنطقي أن تعتبر إسرائيل صعود "التغيير والوفاق" أو التحول الديمقراطي أمرًا غير مرغوب فيه.

وبعد اغتيال "ديبي"، وضع المسؤولون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلافاتهم جانبًا وقدموا صوتًا موحدًا للتضامن مع تشاد. ويشير ذلك إلى أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوف تلتف حول قيادة "محمد ديبي" وستمتنع عن المنافسات بالوكالة التي شملت دولًا أفريقية أخرى، مثل السودان والصومال.

ويتوافق الدعم الموحد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ "الاستقرار الاستبدادي" في تشاد مع أجندة فرنسا وروسيا والصين، ويمكن أن يحبط ذلك الآمال الضعيفة في التحول الديمقراطي بعد مقتل "ديبي" غير المتوقع.

المصدر | صموئيل راماني | معهد الشرق الأوسط – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إدريس ديبي الصراع في تشاد العلاقات التركية التشادية العلاقات الإماراتية التشادية خليفة حفتر

تقرير لفايننشال تايمز يتحدث عن حسابات فرنسا الخاطئة في تشاد

ن.تايمز: المتمردون التشاديون انطلقوا من قاعدة في ليبيا تضم مرتزقة فاجنر

التايمز: متمردو تشاد حصلوا على معدات عسكرية من الإمارات ودربتهم فاجنر

تضم 40 وزيرا.. المجلس العسكري في تشاد يشكل حكومة انتقالية

وفاة حسين حبري ديكتاتور تشاد الذي هزم القذافي