«فاينانشيال تايمز»: السعودية تسعى لفك رموز «تعويذة» سوق النفط

الجمعة 27 نوفمبر 2015 02:11 ص

في أواخر العام الماضي، أكد وزير النفط السعودي المخضرم «علي النعيمي» أن السعودية لن تقوم بدعم أسعار النفط قائلا أن ليس من العقول أن يقوم بخفض الإنتاج من أجل الحفاظ على أسعار نفط تبلغ 100دولار للبرميل من أجل دعم منافسيه مرتفعي التكلفة .

وأضاف «علي النعيمي» أنه حتى لو انخفضت أسعار النفط إلى مستوى 20 دولارا للبرميل فإن المملكة العربية السعودية لن تغير سياستها.

وبعد مرور عام، بينما يستعد وزراء أوبك لاجتماعهم الأسبوع القادم وأسعار النفط تقبع عند مستوى 45 دولارا للبرميل، فإن كبار المسؤولين السعوديين لديهم رسالة مختلفة. خلال الأسابيع الأخيرة، في المحافل العامة واللقاءات الخاصة، فإنهم يشددون على مخاطر نقص الإمدادات في المستقبل بسبب خفض الاستثمارات النفطية في المشاريع الجديدة.

ويقول مسؤولون سعوديون أنهم ليسوا على وشك أن يتخلوا عن سياستهم التي تعطي الأولوية للصادرات على المدى الطويل عن المكاسب النفطية قصيرة الأجل.. ولكن وراء الأبواب المغلقة يقولون إنهم يريدون تحقيق الاستقرار في الأسعار ما بين 60 إلى 80 دولار للبرميل.

هذا المستوى، في اعتقادهم، من شأنه أن يعزز الطلب على النفط ولكن لا يشجع كثيرا نمو المعروض من مصادر بديلة، أي أنه سيناريو معتدل. ويقول مراقبو السوق أنه من خلال التركيز على النظرة المستقبلية للمملكة فإنها مقتنعة أنه بإمكانها الحصول على سعر أعلي لو صبرت قليلا بدون أن تحدث أي تغيير في إستراتيجيتها.

«لقد قدموا وجهة نظرهم، وقد بلغت العالم كله»، وفقا لـ«نات كيرن»، والذي يعمل لصالح إحدى شركات الاستشارات الخارجية في العاصمة واشنطن. «انخفضت الأسعار أقل كثيرا مما كانوا يريدون الذهاب، وانخفضت الاستثمارات بشكل أكثر حدة عما كان متوقعا».

الأمير «عبد العزيز بن سلمان آل سعود»، نائب وزير النفط السعودي «علي النعيمي»، وابن الملك، كان في طليعة التحول في الرسائل. في كلمة ألقاها في الدوحة هذا الشهر، فقد حذر الأمير من أن الاستثمارات المطلوبة لضمان إمدادات النفط في المستقبل لا يمكن أن تتحقق «بأي ثمن».

وأضاف أن «الندوب التي ستتركها الفترة الطويلة لانخفاض أسعار النفط لن يمكن محوها بسهولة».

ومن المتوقع أن يبدأ الطلب على نفط أوبك في بداية العام المقبل مع انخفاض الإنتاج من خارج أوبك. وهي الركيزة الرئيسية للإستراتيجية السعودية. لكن المسؤولين السعوديين حريصون على تهدئة استجابة الصناعة لانهيار الأسعار بعد أن تم إلغاء أكثر من 200 مليار دولار من استثمارات الطاقة.

وأكد «النعيمي» خلال الأسبوع الماضي أن العالم سوف يحتاج إلى قرابة 700 مليار دولار من الاستثمارات في مجال الطاقة على مدى العقد المقبل لتلبية الطلب المتزايد على النفط، والذي يقدر أنه سيزيد على الأقل بمعدل مليون برميل يوميا كل عام.

من نواح عديدة، فإن المملكة العربية السعودية مجبرة الآن على تقديم رواية مضادة للتعويذة الجديدة لصناعة النفط وهي «أسعار منخفضة لمدة طويلة»، والتي استفحلت بسبب نتيجة لسياسة الرياض الخاصة، والتي يتم دفعها من قبل البنوك المؤثرة مثل «جولدمان ساكس».

«السعوديون يريدون أن يحذروا الأسواق من المبالغة»، وفقا لـ«أمريتا سين» من «إنيرجي أسبكت» الاستشارية في لندن.

المملكة تظهر أيضا بوادر انفراج. بعد رفع الإنتاج إلى مستوى قياسي بلغ 10.6 مليون برميل يوميا في يونيو/ حزيران، وهو معدل يفوق متوسط عام 2014 بمليون برميل يوميا على وجه التقريب، تم خفض الإنتاج إلى 10.3 مليون برميل يوميا بحلول أكتوبر/ تشرين الأول، وفقا لبيانات أوبك.

وفي حين أن هذا الحد مدفوع جزئيا بتراجع الطلب المحلي، يتساءل البعض لماذا لم ترفع المملكة الإنتاج مرة أخرى إذا كان كسب العملاء هو الأولوية الرئيسية.

تتنافس المملكة مع روسيا على توريد النفط إلى الصين، ويجب أن تستعد لعودة ارتفاع صادرات النفط الإيرانية في العام المقبل إذا ما رفعت العقوبات. وهي تواجه بالفعل زيادة المنافسة في الهند وأوروبا من الصادرات العراقية. في حين عادت الولايات المتحدة لتصبح أحد الأسواق النامية مع ذبول إنتاج النفط الصخري. وانخفضت صادرات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة بنسبة 29% خلال 3 سنوات.

المسؤولون السعوديون قلقون من أن الوسادة العالمية من الطاقة الإنتاجية الفائضة قد تقلصت إلى حد كبير إلى 2% من من الطلب العالمي. وهم يشككون أيضا في إذا ما كانت صناعة النفط الصخري الأمريكية يمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة في لعب دور المنتج البديل.

المملكة العربية السعودية قد يكون لها أيضا أسباب وجيهة للاهتمام بالسعر. وبلغ سعر النفط تقريبا نصف المستوى الذي حافظ عليه خلال السنوات الأربعة الأولى من هذا العقد مما وضع ضغطا أيضا على الموارد المحلية.

وقد بدأت المملكة العربية السعودية في السحب من احتياطياتها من النفط الأجنبي. وتخطط للاستفادة من أسواق الدين الدولية للحفاظ على الإنفاق الاجتماعي وتلبية ارتفاع تكاليف الدفاع في تمويل حربها على اليمن.

كما تسعى المملكة أيضا لاسترضاء أقرانها في أوبك. وخاصة الأعضاء الأضعف اقتصاديا مثل فنزويلا والإكوادور، والتي كانت تكافح لتحقيق التوازن في ميزانياتها عند مستويات أسعار تفوق 100 دولار للبرميل.

«إنهم لا يريدون أن يروا النفط دون 40 دولار حين تجتمع أوبك في 4 ديسمبر/ كانون الأول»، يقول «أولي هانسن» في «ساكسو بنك»، مؤكدا أنه يرى أن المملكة تسعى للتدخل لفظيا في السوق كما فعلت من قبل.

ويضيف: «الأمر يتعلق بكسب الوقت». «سوف تبدأ نمو الطلب في نهاية المطاف. ولكن يجب ألا يتعرض أحد إلى الإفلاس في هذه الأثناء».

  كلمات مفتاحية

السعودية أوبك انخفاض أسعار النفط

حرب أسعار النفط: المملكة العربية السعودية تربح .. ولكنها تتألم أيضا

«بلومبرغ»: السعودية تربح معركتها ضد النفط الأمريكي وتلقن درسا للسوق

«أوبك» تتجه لمواصلة الضخ رغم استمرار تخمة المعروض العالمي

«بلومبيرج»: إمدادات النفط السعودي تفوق المنافسين في الاستحواذ على الطلب الصيني القياسي

الانخفاض الكبير: مقامرة النفط السعودية

«وول ستريت جورنال»: الخاسر الحقيقي في حرب أسعار النفط

تقلبات السوق النفطية والاستراتيجية السعودية

هل تتجه السعودية لمراجعة سياستها النفطية؟

عبر العاصفة.. كيف ستتفادى السعودية انهيار الاقتصاد النفطي؟

«ستراتفور»: السعودية قد تغير من استراتيجيتها النفطية خلال عام 2016