أسلحة التحكم في الدماغ الصينية قد تصل للإمارات.. وعلى الولايات المتحدة أن تتصدى لهذا الخطر

الاثنين 14 مارس 2022 05:49 ص

فاجأت الإمارات الولايات المتحدة عندما أعلنت فجأة وبشكل غير متوقع أنها ستعلق المحادثات مع الولايات المتحدة المتعلقة بصفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار كانت إدارة "ترامب" قد وعدت بها أبوظبي في عام 2020. تم وصف هذه الخطوة على الفور بأنها "اضطراب كبير" بين البلدين، ودليل على انجراف الإمارات بعيدًا عن واشنطن نحو بكين.

يسلط هذا المقال الضوء على العواقب الأخلاقية المحتملة لهذه العلاقة الشائنة بين نظامين استبداديين، والتي قد تعني المزيد من قمع سكان وزوار الإمارات، إلى جانب شعوب الدول المجاورة.

شهية على تكنولوجيا المراقبة

إلى جانب الفوائد الاقتصادية الواضحة، ينظر الحكام الإماراتيون إلى الصين بانبهار باعتبارها الدولة الشمولية الأكثر تطورًا تقنيًا في العالم.

وهم يرغبون بشدة في طلب كل تقنية مراقبة ممكنة أو اقتراضها وشرائها من بكين للحفاظ على قبضة وسيطرة قوية على البلاد، وكذلك توسيع استغلالهم الاستعماري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بكل بساطة، فإن الصين هي النموذج الجذاب لكل نظام استبدادي على هذا الكوكب. وقال الدكتور "أندرياس كريج" الأستاذ المساعد في قسم دراسات الدفاع في جامعة "كينجز كوليدج لندن": "يشهد مجال تكنولوجيا المعلومات واستغلال البيانات نمو الشراكة الأمنية بين أبوظبي وبكين في عمق استراتيجي".

أما الأهم من ذلك، فهو أن بكين مستعدة لإعطاء أبوظبي، ما لن تمنحه الولايات المتحدة، بسبب مخاوف الناخبين الأمريكيين بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون.

وعلى سبيل المثال، وضعت الولايات المتحدة مؤخرًا أكاديمية الصين للعلوم الطبية العسكرية، إلى جانب عشرات معاهد أبحاث التكنولوجيا الحيوية التابعة الأخرى، على قائمة تصدير سوداء بزعم مساعدة الجيش الصيني على تطوير "أسلحة التحكم في الدماغ".

"أسلحة التحكم في الدماغ" هو مصطلح يستخدمه المسؤولون الحكوميون الصينيون لوصف أي أداة أو معدات تتدخل مع قدرة الشخص على التحكم في أفكاره وحركاته أثناء العمليات القتالية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، قالت وزيرة التجارة الأمريكية "جينا ريموندو" للصحفيين إن الصين اختارت استخدام تكنولوجيات المراقبة والتتبع في محاولة "السيطرة على شعبها".

بينما ادعى مسؤول أمريكي آخر أن القوة العظمى الآسيوية تستخدم "التكنولوجيات الحيوية الناشئة لتطوير التطبيقات العسكرية المستقبلية، بما في ذلك تحرير الجينات، وتعزيز الأداء البشري، وواجهات الآلة والدماغ".

اختبرت الصين العديد من هذه التكنولوجيات الحيوية في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم التي تسكنها أقلية الإيغور المسلمة، حيث يخضع المسلمون الإيغور لمجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز الجماعي، وفصل الأسرة القسري، والإجهاض القسري، والتعقيم القسري، والزيجات القسرية، والتعذيب، والأسوأ، وفقا لتقارير متعددة.

مراقبة الإمارات المكثفة

وفيما لا يوجد دليل على أن الإمارات اكتسبت "أسلحة التحكم في الدماغ" من الصين -على الأقل حتى الآن- فنحن نعرف أن حكومة الإمارة لم تكن فقط ضمن أسرع من تبنَّوا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصينية وإنما حاكت مشروع البنية التحتية الصيني "مدن ذكية آمنة" الذي يذكرنا بأنماط المراقبة في روايات "جورج أورويل".

وينشر هذا المشروع مئات الآلاف من كاميرات المراقبة وقدرات التعرف على الوجه بالإضافة إلى تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء في جميع أنحاء المدن الصينية، وحاكته الإمارات لإطلاق مشاريع مراقبة مثل "الشرطة دون شرطي" و "عيون" في عام 2016.

تم تنفيذ مشروع "عيون" الأول في دبي، ويستخدم "عيون" تقنية التعرف على الوجه والتحليلات التلقائية للبيانات التي تم التقاطها عبر عشرات الآلاف من فيديوهات الكاميرات في جميع أنحاء المدينة التي تصب في مركز قيادة مركزي، كما ذكرت المجلة التقنية "وايرد".

تم تجهيز كل من هذه الكاميرات بقدرات مراقبة بيومترية ونشرها على طول الطرق ومناطق العبور العامة ومراكز التسوق والوجهات السياحية الشعبية.

وسيلة قمع

ولكن كما ذكر "مركز السياسة العامة" بجامعة بنسلفانيا، فإن الحكومة الإماراتية -مثل الحزب الشيوعي الصيني- "تستخدم تفسير واسعًا لمصطلح المجرمين ليشمل من ليسوا فقط مجرمين مثل اللصوص والنشالين، وإنما أيضًا المعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين الذين يحتمل أن يهددوا الملكية". ومن المهم أن نتذكر أن الإمارات لديها واحد من أعلى معدلات السجناء السياسيين للفرد في العالم.

وفي تقريرها الأخير عن الإمارات، اتهمت "منظمة العفو الدولية" الحكام الإماراتيين بـ"اتخاذ تدابير لإسكات المواطنين والمقيمين الذين أعربوا عن آرائهم الهامة بشأن كوفيد-19 والقضايا الاجتماعية والسياسية الأخرى".

كما أشارت إلى القبض الجماعي دون محاكمة على المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والفنانين بموجب قوانين مكافحة إرهاب سادونية، إلى جانب استخدام التعذيب لاستخراج اعترافات زائفة.

ليس من المستغرب إذن أن الإمارات تنظر إلى الصين كـ"أخ أكبر" في سعيها للحصول على تقنيات "الأخ الأكبر" الخاصة بها.

علاقات خطيرة

تم إضفاء طابع أكثر رسمية على هذه العلاقة الأمنية في عام 2019 عندما وقع مكتب أبوظبي للاستثمار اتفاقًا مع شركة "سينس تايم" الصينية للذكاء الاصطناعي لجعل مقراتها الخاصة بالبحوث والتنمية الإقليمية في الإمارات.

ويرسخ هذا الاتفاق وضع الإمارات باعتبارها محور الصين للتكنولوجيا الحيوية في الشرق الأوسط، وفقا لصحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية ومقرها دبي.

"بيل ماركزاك" هو زميل أبحاث رفيع في مجموعة "سيتزن لاب"، وهي مجموعة الأبحاث التي اكتشفت أن شركة مراقبة سيبرانية إسرائيلية طورت تقنية "بيجاسوس" لاختراق حساب "واتساب" للهدف، وهي أداة اشترتها الإمارات.

وفي مقابلة، قال "ماركازاك" إن شركات المراقبة "مهتمة للغاية بممارسة الأعمال التجارية في الخليج لأن هذه الحكومات من المرجح أن تدفع أسعارًا أعلى بكثير من الحكومات الغربية".

يتضح أن الولايات المتحدة يجب أن تبذل المزيد من الجهود للضغط على الإمارات كي تنأى بنفسها عن شركات المراقبة الصينية. هذا أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى تاريخ الإمارات في استخدام تكنولوجيا المراقبة كسلاح ضد الولايات المتحدة نفسها.

وعينت شركة الأمن السيبرانية الإماراتية "دارك ماتر" فريقًا سريًا تحت اسم عملية "بروجكت رافين"، الذي ضم أكثر من عشرات من عملاء المخابرات الأمريكيين السابقين الذين تجسسوا على معارضين ونقاد للنظام الملكي، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين.

وحذر "مركز السياسة العامة" قائلًا: "لقد لعبت التكنولوجيا بالفعل دورًا في رفع قوة المستبدين، كما هو الحال في الصين والإمارات. ولكبح المد المتزايد من الحكم الاستبدادي، يجب أن تطبق الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة تجاه الصين بالمثل على الإمارات للحفاظ على الأمن القومي والمبادئ الديمقراطية".

ويجب أن يهتم كل أمريكي بمسألة العلاقات الأمنية الإماراتية الصينية المزدهرة لأنه إذا كانت الولايات المتحدة جادة في التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فلا يمكن أن تتسامح مع وقوع "أسلحة التحكم في الدماغ" وغيرها من تقنيات المراقبة ذات التكنولوجيا الفائقة في أيدي الأنظمة القمعية، بما في ذلك تلك التي تعتبرها أنظمة حليفة.

المصدر | سي جي ويرليمان - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الصين المراقبة الأخ الأكبر الذكاء الاصطناعي أسلحة التحكم في الدماغ السيطرة على الدماغ الإيجور انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات

مصادر استخباراتية: الصين تتفاوض بشأن صفقات أسلحة مع السعودية ومصر