رغم محاولات تقويضه.. الدولار لا يزال ملكا على اقتصاد العالم

الاثنين 1 مايو 2023 11:21 ص

معدلات التضخم المرتفعة، والتوترات السياسية، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على دول مثل روسيا تسببت، مؤخرا، في زيادة أصوات المتشككين في الدولار مرة أخرى، لكنه من المتوقع أن يظل في الفترة المقبلة العملة المهيمنة في العالم رغم تلك المحاولات.

هكذا يتحدث تقرير لمجلة "إيكونوميست"، مشيرا إلى أن محاولات أنظمة وشخصيات سياسية حول العالم انتقادَه والتشكيك في فعاليته طيلة عقود ماضية لم تغيّر في الأمر قوته.

ولعل أبرز أسباب قوة الدولار تعود إلى القوة الاقتصادية الهائلة لواشنطن، والضعف الاقتصادي أو السياسي للأنظمة التي طالبت بنزع هيمنة الدولار.

فالدولار الذي لا يزال ملكا بصفته العملة المهيمنة، يستفيد من فكرة أن الناس يريدون التعامل بالعملات التي يستخدمها الجميع، ويهيمن منذ عقود على المعاملات التجارية وشبكات التمويل واحتياطات البنوك المركزية حول العالم.

وتشير بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولي إلى أن الدولار يهيمن "على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية"، فيما يرجح استمرار احتفاظه بـ"الهيمنة كعملة للاحتياطي" الأجنبي في الدول المختلفة حول العالم.

ولم تؤثر التحولات الهيكلية التي شهدها "النظام النقدي الدولي" طيلة العقود الماضية على "هيمنة الدولار الأمريكي"، فيما تشير وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن حصة الدولار من الاحتياطيات لا تزال نفسها منذ 3 عقود، وبقيت أعلى من 50% من مجمل الاحتياطيات الأجنبية حول العالم.

لكن بعض الدول بدأت تجد طرقا للتهرب منه باستخدام عملات أخرى، وفق "إيكونوميست"، حيث بدأت الصين مؤخراً، فيما يشبه "نزع الدولرة" عن الاقتصاد العالمي، في سبيل تحجيم أساسات الهيمنة الأمريكية.

كما ينمو في الصين أيضا، نظام بديل لنظام "سوفيت"، وهناك تحول سريع لزيادة المعاملات التجارية باليوان.

فيما تخطط دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لإنشاء عملتها الخاصة لتمويل بورصاتها.

ولعل روسيا التي رغم تضررها من العقوبات، لم يتعرض اقتصادها للشلل، وذلك جزئيا بسبب أن 16% من صادراتها تُدفع الآن باليوان.

ويمكن لتقنيات المدفوعات الرقمية الجديدة، والعملات الرقمية للبنوك المركزية، أن تجعل من السهل حتى الآن نقل الأموال حول العالم دون تدخل أمريكي.

ولم تفرض واشنطن عقوبات على دول مثل الهند التي لا تزال تقيم معاملات تجارية مع روسيا رغم العقوبات، لأنها تخشى رد الفعل العكسي الذي قد ينتج عن ذلك.

ويشير التقرير إلى تصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، التي قالت في وقت سابق إن استخدام العقوبات بمرور الوقت "يمكن أن يقوض الهيمنة".

وحسب التقرير، هذه الخطوات رغم جرأتها وأهميتها، إلا أنها لن تُسقط الدولار عن عرشه، على الأقل في السنوات المقبلة.

ويتابع: "العملة الأمريكية لا تزال قوة جذب قوية في الاقتصاد العالمي، ولم تضعف حتى لو ظهرت عقبات حقيقية أمام تفوقها، فنحو ثلث إلى نصف الفواتير التي يتم تحريرها لمبادلات التجارة العالمية تتم بالدولار، وهي نسبة ظلت مستقرة نسبيا".

ويزيد: "كما أن نحو 90% من معاملات الصرف الأجنبي تتم بالدولار، وحوالي نصف الديون عبر الحدود مقومة بالدولار".

ورغم أن حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية قد انخفضت، فهي لا تزال تمثل حوالي 60% منها، وفق التقرير.

ويستطرد: "لا توجد أي علامة على حدوث تغيير جذري في الآونة الأخيرة، باستثناء أن البنوك المركزية أعادت تقييم محافظها المالية لمراعاة تحركات أسعار الصرف وأسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة".

ويزيد: "ولا توجد عملة أخرى تتمتع بجاذبية هذه العملة من ناحية توفير أصول آمنة للمستثمرين، فمنطقة اليورو هشة، ولا يمكن للصين أن تلبي الطلب العالمي على الأصول الآمنة طالما أنها تسيطر بشدة على تدفقات رأس المال وتدير فوائض الحساب الجاري".

ويعلق التقرير على ذلك بالقول: "بالرغم من أن التحول إلى نظام متعدد الأقطاب للعملات ليس وشيكا، فإنه قد يحدث في وقت لاحق من هذا القرن، إذا انخفضت نسبة حصة الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي".

لكن مثل هذا النظام "سيكون أقل استقرارا من نظام يتمحور حول الدولار، لذلك لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة، ولا العالم، تسريع هذا التحول".

المصدر | إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدولار اليوان الصين أمريكا

خبراء: الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة قريبا لهذه الأسباب

لم يعد ملك العملات.. دويتش فيله: لماذا تتراجع هيمنة الدولار في الشرق الأوسط؟